الجزائر

المعارضة نظيفة اليدين



 ابتداء من هذا الأسبوع سيتعوّد الجزائريون على تجمع احتجاجي من بضع مئات من الأشخاص، محاطين ببضعة آلاف من الشرطة، ينادون بسقوط النظام. وبعبارة أدق: رحيل بوتفليقة!؟
 ومن محاسن الصدف أن المتجمهرين كلهم تبدو على وجوههم النعمة، وملابسهم أنيقة، وبعضهم جاء بسيارات فخمة محاطا بحرسه الشخصي!؟ أغلبهم أصاب شعره البياض أو الصلع، وهو يعيش تحت سلطة هذا النظام، خادما أو متواطئا أو ساكتا عن الحق... يعني ببساطة أنهم ليسوا أهل التغيير المطلوبين في الشارع الجزائري اليوم.
صحيح أن الجزائر، حسب اعتقادي، في حاجة إلى قطيعة مع هذا النظام الفاشل الذي أثبت أن لا مستقبل له، ولا مستقبل للجزائريين في ظله. فقد اختار منذ الاستقلال سياسة خاطئة ''من تحليل خاطئ لما تقتضيه مرحلة بناء الدولة الوطنية''، كما قال السياسي المخضرم عبد الحميد مهري. وبالتالي لم يؤد تراكم الخطأ سوى إلى تهميش وتضليل أغلبية الجزائريين وانفراد مجموعة منتقاة بثـروات البلد.
 هذا النظام علينا المبادرة إلى تغييره سلميا إن شاء كي يعيش الجزائريون أفضل...
 لكن الذين يغيرون النظام ليسوا بالضبط هؤلاء الذين يقفون كل سبت رافعين مطالب وليس برامج سياسية. إنهم لا يختلفون عن عشرات الآلاف من الشرطة التي تتولى حراسة النظام عن غير قناعة.
 سأقول بصراحة: هل ننتظر التغيير من سعيد سعدي أو علي بلحاج... وهما الواقفان في الصفوف الأولى للمحتجين؟ سنكون أغبياء إذا لم نفهم أن النظام كلما يريد تمييع مطالب الجزائريين دفع بهذين الشخصين إلى المقدمة. فلو كان سعدي ديمقراطيا حقا لمارس الديمقراطية في حزبه أولا. ولو كان بلحاج يحب الجزائريين لما ساند الإرهاب في قتل الجزائريين ودفع بابنه إلى الجبال لترويعهم وقتلهم لعله يحظى بزعامة وهمية على طريقته.
 إنني أشعر بالحزن لهذا البلد وأنا أرى رؤساء حكومات ووزراء سابقين ومسؤولي مؤسسات وهيئات سابقين يهتفون بتغيير النظام، وهم كانوا شركاء كاملي الصلاحيات في مساندة هذا النظام والدفاع عنه... ألا تشبه هذه الكائنات معمر القذافي الذي أبدى استعداده للخروج في مظاهرة شعبية لتغيير الحكومة الليبية.. يا للبلاهة، إنه ضحك يشبه البكاء!؟
 لابد أن نكون مصابين بالعته كي نصدق أن رئيس حكومة سابق يصرح أنه كان في المعارضة لما كان رئيس حكومة، ولو وقف أمام المرآة وصارح نفسه عن فشله في الإشراف على انتخابات ''نزيهة وشفافة'' كما ادعى أمام الجزائريين، وتداعيات حالة الطوارئ التي كرسها، لاختفى في غابة إفريقية ولم يعد إلى الحضارة أبدا.
 إننا جزائريون نعاني منذ الاستقلال، من جراء هذا الكذب والضحك علينا. لكننا لسنا أغبياء إلى حد أننا نصدق أن ثعالب النظام يمكن أن تتوب على أكل دجاجاتنا الولودة.
 دون شك هناك من يستحقون الاحترام في هذا التجمهر، جاؤوا عن مبادئ أو رغبة للتغيير نحو الأفضل. لكن أبناء التغيير الحقيقيين لا يزالون وراء شاشات جمهورية الفايس بوك يتبادلون الطرائف حول هؤلاء المحتجين ومنها تعليق لافتة عريضة في ساحة أول ماي: ممنوع التجمهر.. الساحة ملكية عامة!؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)