"الفرجة المسرحية في الجزائر، رؤية جديدة"، هو عنوان الندوة الثانية في البرنامج الفكري لمهرجان المسرح المحترف، نظمت أول أمس بنادي "امحمد بن قطاف"، بالمسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي"، بمشاركة الأساتذة رشيد بوشعير، عبد الحميد بورايو ومريم بوزيد.بالمناسبة، تأسف الكاتب رشيد بوشعير عن غياب نص مسرحي جزائري يؤكد مكانته في التراث المسرحي العالمي، رغم التاريخ الحافل للفن الرابع المحلي وتراثه الغزير، مضيفا أنه لهذا السبب، كتب مؤلفا يضم 22 نصا مسرحيا، صدر العام الماضي بدار "الألمعية"، وقبلها بالشارقة. وأكد المتحدث أنه لا يزعم أن نصوصه ترقى إلى مستوى التراث المسرحي العالمي، ولكن تمثل التفاتة للمنتمين إلى بيت المسرح، لأهمية النص المسرحي. في حين نوه بما كتبه كاتب ياسين من نصوص مسرحية، رغم قلتها.
بالمقابل، غياب نصوص مسرحية جزائرية في التراث المسرحي العالمي، ألم أرق بوشعير الذي تطرق إلى افتخار دول بكتابها المسرحيين، مثل بريطانيا بشكسبير وفرنسا بموليير. وأردف قائلا، إن هذا الأمر اضطرّنا للبحث عن تراثنا الشعبي ومظاهر الاحتفال والفرجة لاستثمارها وتأسيس التراث المسرحي الجزائري، كي يرقى إلى المستوى العالمي، مثل نصوص علالو ورشيد قسنطيني وكاكي، وعلولة الذي استفاد من توظيف التراث الشعبي والفرجة في أعماله، والخروج بذلك من العلبة الإيطالية.
وتحدث بوشعير عن الجانب الإيجابي لهذه الخطوة، والمتمثلة في إشراك الجمهور في العمل المسرحي، في حين أن الجانب السلبي هو الاهتمام خصيصا بالفرجة وتهميش النص المسرحي، والتي تعد مقدمة الأسباب التي حرمتنا من كتاب مسرحيين يهتمون بالنص المسرحي، وترجمته إلى مختلف اللغات العالمية، ما سيساهم في تأكيد أهمية تراث الفن الرابع الجزائري.
من جهته، تطرق الدكتور عبد الحميد بواريو إلى ظاهرة المداحين، من خلال دراسة ميدانية قام بها عام 1976 ببسكرة ووادي سوف، فقال إنه احتك بالعديد من المداحين الذين كانوا يقدمون الفرجة، خاصة في الأسواق، علما أن هذه الممارسة تعود إلى القرن التاسع عشر. وتابع أن المداح يقدم عرضه في الأسواق الأسبوعية وشبه اليومية، وكذا في المقاهي والساحات العمومية، حيث يقدم عروضا تشبه المسرح، من خلال أداء أغاني وقصص ونكت وحركات مختلفة، يحضرها كهول وشيوخ وشباب وأطفال.
وتحدث بواريو عن تجربته الميدانية التي عاشها في سبتمبر، أكتوبر ونوفمبر 1976 ببسكرة ووادي سوف، حيث التقى بمداحين، من بينهم مداح متخصص في القصص الديني، انقطع عن الأسواق وأصبح إماما، ولأنه كفيف، كان يشارك في الأعراس من خلال تقديم مواعظ للنساء عبر سرد قصة سيدنا "يوسف"، ليؤكد الدكتور قيام المداح بدور وظيفي في حياة الناس.
مداح آخر ملقب ب"بوحباكة" تجول في كل أنحاء الوطن، ليستقر بوادي سوف بعد الاستقلال، وكان يقدم عروضه ثلاث مرات في الأسبوع، كان يستعمل كمنجة ويروي الكثير من القصص والنكت، وحتى الأخبار المحلية والنقد، وفي هذا، انتقد قاضي المنطقة نظرا لظلمه، لكنه تدارك الأمر حينما عرف أنه سيقبض عليه، حيث أكد أنه لا يعنى قاضي الوادي، بل قاضي منطقة أخرى، ما يدل على قدرته على المراوغة حينما تجبره الظروف على ذلك.
وأكد بورايو مواصلة المداح تقديم دوره إلى غاية اللحظة، وهو ما لاحظه حينما زار مدينة تيسمسيلت مؤخرا، لكنه تأسف عن الإهمال الذي تعاني منه هذه الفئة، التي لا تشهد اعترافا من طرف المؤسسات الرسمية، في حين وجدت ضالتها في المسرح شكلا ومضمونا.
أما الدكتورة مريم بوزيد، فقد تطرقت أولا إلى دراستها الميدانية المتعلقة ب"السبيبة"، والتي دفعت بها إلى تعلم اللغة المحلية والمشاركة في الفعل نفسه.
وهكذا، قدمت تفاصيل عن هذا الحدث الكبير أو "المسرحية" التي تدوم عشرة أيام، بينما يكون هناك تحضير طويل لها يدوم ثمانية أيام، من خلال التنافس الشعري واختيار اللباس وتسريحة الشعر، مضيفة أنها أرادت أن تكون رفقة المؤديات "الشيخات"، بدلا من أن تكون رفقة الأخريات اللواتي يرددن مقاطع فقط، لتجد نفسها تتعلم اللغة وتؤدي الأغاني.
في إطار آخر، تحدثت بوزيد عن طقس آخر، وهو "طقس بوشيخ"، إذ تنقلت إلى عدة مناطق تمارسه، مثل بومرداس وبرج بوعريريج والمدية، حيث تتنكر امراة في ليلة الحناء، بلباس رجل وتضع شنبا ولحية، وتختار امرأة جميلة من الحضور وتركض خلفها، ثم تذهب للصلاة، وبعدها تُقدم لها المرأة التي اختارتها.
كما ذكرت الدكتورة أيضا، بعض طقوس الحناء، مثل تقديم كلام مقفى أو ما يسمى ب"التقدام"، من طرف امرأة من عائلة العروس وترد عليها امرأة أخرى من عائلة العريس. بالإضافة إلى الهجاء بين الرجل الذي يضع الحناء للعريس والنساء. لتطالب الدكتورة بضرورة دراسة كل هذه الظواهر الاجتماعية، نظرا لأهميتها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 27/12/2023
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : لطيفة داريب
المصدر : www.el-massa.com