الجزائر

المصيبة مصيبتان..الموت والدفن



المصيبة مصيبتان..الموت والدفن
أكد أخصائيو علم الاجتماع أن آخر رابط للجيل الجديد للجزائريين المقيمين في الخارج، وفي فرنسا على وجه الخصوص، كان زيارتهم لموطن أوليائهم، على الأقل لزيارة الأب أو الأم في قبريهما. ولأن الآلاف من الجزائريين باتوا يجدون صعوبات في دفن أهلهم في الأرض الأم (الجزائر)، بالنظر لصعوبة ذلك، ولأن هناك ”تسامح” من بعض البلديات الفرنسية، بإقرارها تخصيص مساحات دفن خاصة بالمسلمين، فإن آخر رابط بأرض الوطن قُطع. عندما يحل فصل الصيف، ”يتهافت” آلاف المهاجرين الجزائريين للحجز في أول رحلة جوية أو بحرية باتجاه أرض الوطن، لدرجة أن ”الفوز” بمقعد بالخطوط الجوية الجزائرية أو بباخرة شركة النقل البحري للمسافرين أصبح كمن ربح ”اللوطو”، ولعل أول ما يقوم به مواطنونا في الخارج عندما يصلوا دواوريهم وقراهم، على وجه الخصوص في منطقة القبائل الصغرى والكبرى، هو التوجه ”رأسا” إلى مقبرة القرية لزيارة قبر الوالد أو الأم أو كلاهما، وقراءة فاتحة الكتاب على أرواحهما، وفي ذلك الكثير من المعاني، دينية كانت أو اجتماعية أو روحانية ونفسية.الموقف هذا، يقول علماء الاجتماع، يعتبر الرابط الوحيد الذي يبقى يربط جزائريينا في الخارج بأرض الأب والأم والأجداد، غير أن الحاصل، في السنوات الأخيرة، أن أفراد جاليتنا في الخارج باتوا يجدون صعوبات كبيرة في دفن موتاهم بأرض الوطن، لأسباب عديدة، نوردها في هذا الملف، ما يجعلهم بعد سنوات قليلة من الآن يقطعون آخر شعرة تربطهم بالوطن.المشكلة كبيرة، وآلاف الشكاوى نسمعها ونقرؤها يوميا عبر مختلف وسائل الإعلام وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، وكلها تصبّ في مناجاة الحكومة الجزائرية، وأعلى السلطات في البلاد، للنظر بعين الرأفة لهؤلاء الجزائريين الذين يموتون في الخارج ويجد أهلهم صعوبات لدفنهم في أرض الوطن.. فهل من قلب رحيم يرأف بهؤلاء؟ الجزائر: م. دالجمعيات تحمّل الحكومة ومؤسسات التأمين المسؤولية جثث المهاجرين المتوفين في الخارج مهددة بالحرق «مأساة” بكل ما تحملها الكلمة من معنى ما يعيشه أفراد الجالية الجزائرية في الخارج، بعد اضطرارهم إلى انتظار استكمال مصاريف التبرعات للتمكن من نقل جثث ذويهم وأقاربهم لدفنهم بوطنهم الأم، وعندما تتواصل الصعوبات بسبب التكاليف المرتفعة للعملية وتمسك كبريات شركات التأمين الوطنية بمبالغ حددتها دون مراعاة الوضع الإنساني للموتى ولذويهم، أو انتهاج أسلوب نظيراتها في المجال في الدول العربية والمغاربية تكون معاناة أفراد الجالية أكبر. مسألة معقدة بالنسبة للجالية التي تنتظر بفارغ الصبر إيجاد حل توافقي للموضوع بين مختلف الهيئات الوطنية ذات العلاقة بالعملية، هذه الأخيرة التي مازالت ومنذ سنوات تعرف نقاشا غير واضح المعالم بين شركات التأمين الوطنية والبرلمان ومصالح وزارة الخارجية، والمشكل، وفق نور الدين تالة، رئيس جمعية ”التضامن” بفرنسا، أن الحكومة لا توفر الإمكانيات اللازمة للاتصال بين مؤسسات التأمين وأفراد الجالية الوطنية في الخارج، هذه الأخيرة التي تعرف بوجود إجراءات تأمين لتسهيل عملية نقل الجثامين إلى أرض الوطن، إلا أنها لا تتمكن من معرفة التفاصيل حول كيفية دفع التأمين. يقول نور الدين تالة إن عملية إرسال الأموال عن طريق البنوك إلى الجزائر معقّدة جدا، ما يؤدي إلى عرقلة العملية، إذ تحدّث في السياق عن ثغرة لدى شركات التأمين التي تقوم بتأمين النقل من فرنسا إلى الجزائر فقط، ”فإذا حدث وتوفي الشخص المؤمّن في دولة أخرى لا يتم التكفل به من قِبل الشركة”، ورغم ذلك- يقول محدّثنا- فإن أعباء الدفن في فرنسا أقل بكثير من أعباء النقل إلى الجزائر، ذلك أن العائلة بإمكانها شراء مساحة الدفن أو كرائها حسب مقدرتها، ”إلا أن كراء المساحة يجعل جثمان الشخص المتوفى مهددا بتوجيهه إلى الفرن”. من جهته، تحدث النائب ولد حسين محمد شريف عن وجه آخر من المعاناة التي يواجهها أفراد الجالية بعد وفاة أحد ذويهم، حيث أكد أن بعض الجثامين تصل إلى مطار هواري بومدين الدولي إلا أنها لا تجد من يتكفل بدفنها، وهي الحالة التي تتكرر على وجه الخصوص بالنسبة لأفراد الجالية القدامى الذين قضوا كل سنوات حياتهم بالمهجر وقاموا بدفع مستحقات نقلهم إلى أرض الوطن مسبقا. وقال إن مصير جثامين الموتى يبقى مرهونا إلى حين ظهور أقارب المتوفى الذين يتكفلون بدفنه في الولاية التي ينتمي إليها، أو تتكفل الدولة أو ذوي الإحسان بعملية الدفن بعد الحصول على ترخيص من قِبل وكيل الجمهورية والمصالح الأمنية، بعد بقائه مدة معينة في مستودعات خاصة على مستوى المطار، وأضاف ”هناك عدة حالات تم طرحها علينا، هناك أفراد من الجالية دفعوا تكاليف الدفن مسبقا، وعندما تم تحويل جثامينهم إلى أرض الوطن، لم تجد من يدفنها هنا”.واقترح محدثنا دفع المستحقات المالية عن طريق ”البطاقة الزرقاء”، من خلال التأمين في الجزائر وتوفير اقتناء هذه البطاقة عبر الأنترنت، وكشف أنه يتم التكفل بنقل الجثمان على مستوى مارسيليا بمبلغ يتراوح بين 1800 و2000 أورو وبمعدل 3 إلى 4 جثامين يوميا، وأضاف ”نحن ننسّق مع شركات التأمين، ويهمّنا أن تتكفل الشركة الوطنية بالموضوع لتفادي مشاكل من هذا النوع”.من جانبه، أكد النائب بن طار محمد الصغير أن العديد من جثامين الجزائريين توجّه للحرق هناك في أوروبا، وفرنسا على وجه الخصوص، ذلك أن العديد من العائلات لا تستطيع شراء الأرضية التي يتم دفن موتاهم بها، لذا تقوم بكرائها لمدة معيّنة، الأمر الذي يؤدي في حالة عدم التمكّن من دفع مستحقات الكراء إلى إخراج التابوت وإعادة حرق الرفات في فرن خاص، وقال إن هذه الظاهرة شائعة في باريس على وجه الخصوصفي ظلّ عدم فتح المجال للخواصالشركة الجزائرية للتأمينات تتولى نقل جثث المتوفين خارج الوطن تعتبر الشركة الجزائرية للتأمين الوحيدة المخوّل لها نقل جثث المواطنين المتوفين خارج الوطن، حيث عمدت منذ جويلية 2009 إلى تقديم منتوج تأميني خاص بالجزائريين المتواجدين خارج الوطن، ممثلا في التكفل بنقل جثمان الشخص المتوفي، حيث بإمكان أعضاء الجالية الوطنية بالخارج الاشتراك ضمن هذا المنتوج، الذي تدعمه السلطات العمومية وتسوقه عن طريق الشركة الجزائرية للتأمين باسم ولحساب فرعها الممثل بشركة التأمين للاحتياط والصحة، بغضّ النظر عن السن أو المسافة.ويغطي هذا التأمين تنظيم وإدارة النفقات عن طريق المجموعة المساعدة والمتواجدة فروعها عبر مختلف الدول الأجنبية، وهي الوحيدة المؤهلة لاختيار شركة الخدمات الجنائزية لمباشرة الإجراءات المتعلقة بالوفاة وتغسيل الميت وإعداد النعش ونقل الجثمان إلى موقع الدفن في الجزائر، وكذا توفير تذكرة الطائرة ذهابا وإيابا لأحد الأقارب المسؤول عن مرافقة الجثمان، سواء كان الزوج والزوجة، والأب أو الأم أو الأخ أو الأخت أو القريب المباشر. وقد سعت ”الجزائرية” للتأمينات إلى توفير موقع إلكتروني خاص يتولى شرح كل المعلومات المتعلّقة بهذه العملية، كما عمدت لتحديد اشتراك سنوي بلغت قيمته 2500دج، أو ما يعادل 25 أورو دون احتساب مصاريف التحويل، حيث يتم دفعه لدى الوكالات التابعة للشركة الجزائرية للتأمين عند تنقل الشخص المؤمّن إلى الجزائر، أو بتكليف أحد أقاربه المقيمين بالجزائر لاستكمال الإجراءات بدلا عنه. مع الإشارة إلى وجود صيغة الاشتراك الجماعي، حيث إنه بإمكان أعضاء الجالية الوطنية في الخارج الاشتراك بصفة جماعية، عن طريق الجمعيات بعقد التأمين المتعلّق بنقل جثامين الموتى، مع الاستفادة من تخفيضات تتراوح بين 5 و15 بالمائة للمجموعات المتكون من 50 إلى 1000 شخص وأكثر. رئيس لجنة الشؤون الخارجية والجالية بالمجلس الشعبي الوطني ل«الخبر””حلّ أزمة نقل الجثامين مرتبط بقرار سياسي” قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية بالمجلس الشعبي الوطني، بوسماحة بوعلام، إن منح تسهيلات فعلية لأفراد الجالية من أجل نقل جثامين موتاهم إلى البلاد بحاجة إلى قرار سياسي من قِبل الحكومة، أكثر منه برمجة مشاريع قوانين في هذا الخصوص.وأوضح بوسماحة بوعلام، ل«الخبر”، أن اللجنة تنتظر عن قريب إصدار قرار من قِبل الحكومة من شأنه إزالة كافة العراقيل التي تواجهها الجالية في هذا الإطار، خاصة ما تعلّق منها بارتفاع الأسعار المطبّقة من قِبل الخطوط الجوية الجزائرية ومختلف شركات الطيران، وأكد في هذا الجانب أن مؤسسات الطيران ذات أسهم مستقلة، وبالتالي فإن المشكلة بحاجة إلى خزينة الدولة التي ينبغي أن تتحمّل جانبا من المصاريف لحلّ هذا المشكل.وأشار محدثنا إلى أن اللجنة قامت بدراسة كافة الجوانب المتعلّقة بالموضوع، وتوصّلت إلى وجود أطراف تحاول عرقلة مساعي البرلمان والحكومة لحلّ هذه المشكلة ”كونها لا تخدمهم”، ولفت إلى شروع اللجنة في محادثات غير رسمية مع وزير الشؤون الخارجية، رمضان لعمامرة، بهذا الخصوص.وتحدّث بوسماحة عن اقتراح اللجنة ببرمجة نقل جثث الموتى إلى جانب الرحلات المخصصة لنقل المرضى من وإلى الخارج، مشيرا إلى أن التابوت الواحد يحجز قرابة 9 أمكنة. وأضاف المتحدث أن النقاش في هذا الموضوع مقتصر على حالات أفراد الجالية غير المؤمّنين والحراڤة، حيث قال ”هؤلاء الذين هم بحاجة ماسة إلى قرار سياسي”، من منطلق أن أفراد الجالية المؤمّنين لا يواجهون المشاكل نفسها.النائب عن الجالية الجزائرية بمنطقة جنوب فرنسا، سمير شعابنة، ل”الخبر””تجربة الشركة الوطنية للتأمين فاشلة و40 ألف جثة تنتظر التكفل سنويا” قال نائب المجلس الشعبي الوطني عن الجالية الجزائرية بمنطقة جنوب فرنسا، سمير شعابنة، إن بعض جثث الموتى من أفراد الجالية تبدأ في التحلّل قبل نقلها، علما أن إجراءات نقل جثامين الأفراد المؤمّنين تأخذ مدة 5 أيام على الأقل، في حين يبقى غير المؤمّنين يبحثون عن التبرّعات لتغطية تكاليف نقل جثامينهم، هذا الوضع يقول شعابنة يعتبر ”مأساة كبيرة لأبناء الوطن”، وهي المسؤولية التي تتحمّلها كل الأطراف.وبالعودة إلى تجربة الشركة الوطنية للتأمين في 2009، قال محدثنا إنها كانت فاشلة لأنها لم تجد من يساعدها على التسويق لنفسها أثناء تقديم منتوجها في الخارج، ورغم التغطية الإعلامية الجيدة التي حظيت بها العملية في أرض الوطن، إلا أن الجالية الوطنية والجمعيات في الخارج أكدوا أنها لا تقدّم الخدمات نفسها التي تقدّمها نظيرتها لأفراد الجالية على غرار المغرب وتونس، وأضاف المتحدث أن العملية تتم عبر الأنترنت، في حين أن العديد من أفراد الجالية أمّيون ولا يجيدون استعمال هذه الوسيلة، وهو ما جعل الإجراءات تعجيزية لبعض الفئات. وأردف شعابنة: ”لا نريد أن نفقد الأمل في هذه التجربة، حيث نحضّر حاليا مشروع نص قانوني عملي”، وتحدّث عن عروض جديدة أثمرت بعد اللقاء الأخير مع كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية السابق، حيث سيتم منح الفرصة لمنتوج جديد والعمل على تسويقه.البطاقة القنصلية ستوفّر 75 مليون أورو سنوياوعن تفاصيل هذا المنتوج، أوضح المتحدث أن العملية ستتكفل بها قنصليات الجزائر في الخارج، حيث يتم دفع مبالغ رمزية للتأمين مقابل بطاقة التسجيل التي لا تتعدى 20 أورو، وتوجّه الأموال إلى حساب خاص أو صندوق يخضع للمراقبة القانونية والإدارية تقوم بفتحه وزارة المالية تحت تسمية ”حساب نقل الجثامين”، حيث تقوم مختلف القنصليات الجزائرية في الخارج بدفع المبلغ، وتقوم وزارة المالية بفتح مناقصة مع كبريات الشركات العالمية في التأمين التي لديها تجربة رائدة في المجال، بحيث يتم منحها سعرا محددا، ويتم التعاقد معها للقيام بالعملية ”في انتظار تقنين العملية في الأشهر القادمة”، ويرى محدثنا ”أنه من الأحسن أن تكون العملية مدروسة ودقيقة، ولا يدخل فيها الطابع التجاري لتفادي الانزلاقات”.وفي السياق، تستفيد الجالية من بطاقة يوضع عليها رقم تعريفي، وبعد الوفاة يتم الاتصال بالرقم الأخضر لشركة التأمين التي يتم اعتمادها رسميا من قِبل الحكومة الجزائرية، ويقدّم الرقم التعريفي لتقوم بعملها وتهتم بالنقل. وفي عملية حسابية، أكد شعابنة أن تأمين 3 مليون جزائري من أفراد الجالية بهذه الطريقة سيوفر 75 مليون أورو سنويا وهو غلاف هام للخزينة، سيوفر فائضا لأفراد الجالية الذين تعدى سنهم ال60 سنة والذين يرفض تأمينهم في الخارج، وباحتساب أن معدّل العمر بلغ 65 سنة فإن البنوك ستستفيد من مبالغ معتبرة، ما يشير إلى ضرورة إلزام الشركة المتعاقد معها بمراعاة الحالات الاستثنائية للأشخاص غير المسجّلين أو غير المؤمّنين.والمعروف أن هذا المشكل يعاني منه أفراد الجالية القدامى أيضا، الذين غادروا أرض الوطن في سبعينيات القرن الماضي أو قبل ذلك، والمتقاعدين الذين تبقى مداخيلهم محدودة ولا يتمكنون من التكفل بمصاريف النقل. وعن عدد الوفيات من أفراد الجالية في الخارج، أفاد محدثنا أنه بلغ 40 ألف وفاة في السنة، فيما سجلت مارسيليا 600 وفاة خلال السنة الماضية، و35 حالة وفاة منذ جانفي 2013 إلى اليوم.الجثث تُنقل كالبضائعوندّد النائب سمير شعابنة بعمليات ”البزنسة” التي تتم في حق الموتى من قِبل بعض الجمعيات الناشطة في فرنسا، حيث كشف أن أفراد من هذه الأخيرة تتكفل بغسل الميت وتكفينه بالمال والصلاة عليه بالمال، ويتقاضى الإمام الأجر، ويتم نقله بالمال إلى المطار أين يحدد وزن الصندوق الذي يحمل الجثة ويوضع سعر نقله على غرار البضائع، وهو أمر غير منصف– حسب محدثنا- في حالة إنسانية من المفترض أن تلقى تعاطف الجهات المعنية، خاصة من قِبل إدارة المطار والخطوط الجوية الجزائرية، وفي بعض الحالات– يضيف- ”يتم تأجيل نقل الصناديق لعدم وجود مكان في مستودع الطائرة ما يتسبب في تحلّل الجثث أكثر”.ورغم ذلك، فإن الجالية تتعاون لنقل جثث الموتى، إلا في حالة عدم معرفة هوية الشخص المتوفي، حيث تتكفل البلدية بدفنه في المقابر المسيحية، وهو ما جعل العديد من العائلات الجزائرية لا تعرف مصير أبنائها.الشيخ زين الدِّين العربي ل”الخبر”على السلطات تيسير نقل أموات المسلمين إلى بلادهم والتّعجيل في دفنهم أفاد الشيخ زين الدين العربي أنّ الإسراع بتجهيز الجنازة والصّلاة وعليها ودفنها من سُنّة المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم، مصداقًا للحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ”أسرعوا بالجنازة فإن تكُ صالحة فخيرٌ تقدّمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشرّ تضعونه عن رقابكم”، وقد نقل الصنعاني عن القرطبي: ”أن مقصود الحديث: أن لا يتباطأ بالميت عن الدفن”.وقال عضو المجلس العلمي لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالعاصمة، ل«الخبر”: ”إنّه جاء في الحديث الّذي رواه الترمذي عن عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال له: ”يا عليّ ثلاث لا تؤخّرها: الصّلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤا”. قال العظيم آبادي: ”والحديث يدلّ على مشروعية التّعجيل بالميت والإسراع في تجهيزه”. وقال أبو نعيم الأصبهاني: ”وقال حاتم: كان يقال العجلة من الشّيطان إلاّ في خمس: إطعام الطعام إذا حضر الضيف، وتجهيز الميت إذا مات، وتزويج البكر إذا أدركت، وقضاء الدّين إذا وجب، والتوبة من الذّنب إذا أذنب”. وأضاف إمام وخطيب مسجد فارس بالقصبة: ”وجاء في الحديث الّذي رواه البيهقي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: ”إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره”، قال أيوب السختياني: ”من كرامة الميت على أهله تعجيله إلى حفرته”. وشدّد المتحدث على أنّه ”لا يجوز دفن المسلم في مقابر غير المسلمين”، مشيرًا، وفقًا لفتاوى فقهاء المالكية، إلى أنّ عمل أهل الإسلام من عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والخلفاء الرّاشدين ومن بعدهم، إلى إفراد مقابر المسلمين عن مقابر غير المسلمين. وبيَّن الشيخ العربي أنّ الفقهاء أوصوا بإخراج المسلم الّذي دُفِن في مقبرة الكفّار، إلاّ أن يخاف عليه التغيُّر، مستدلاً بما قاله الشيخ عُلَيْش في منح الجليل بشرح مختصر خليل: ”ودفن مَن أسلَم بمقبرة الكفار أن يتدارك بإخراجه منها ودفنه في مقبرة المؤمنين إن لم يخف عليه التغيُّر يقينًا أو ظنًّا، فإن خيف تغيّره فلا يخرج”.وحثّ المتحدث المسؤولين وأولياء المتوفين في المهجر إلى السّعي لاسترجاع مواطنيهم وأبنائهم، موضّحًا أنّ الأذى الّذي يلحق المسلم إذا دُفن في مقابر الكفّار في قبورهم والّذي يفضي إلى أذية أهل الإيمان ”لا يجوز”، لأنّ اللّه عزّ وجلّ قال: {النّارُ يُعرَضون عليها غُدُوًّا وعشيًا، ويوم تقوم السّاعة أَدخِلوا آل فرعون أشدَّ العذاب} قال المناوي في فيض القدير: ”فإنّ الميت يتأذّى بتضرّر بجار السُّوء أي بسبب جوار جار السّوء الميت”، ثمّ قال: ”إنّ على وليّ الميت أن يجتنب دفن قريبه بجوار قبور مَن تخاف التأذّي بمجاورته والتألّم بمشاهدة حاله، فيحرم دفن مسلم في مقبرة كفّار وعكسه”. وقال الشربيني في مغني المحتاج: ”ولا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكفّار ولا عكسه وإذا اختلطوا دفنوا في مقبرة مستقلة”. ودعا السلطات لتيسير نقل جثت أموات المسلمين إلى بلادهم والتّعجيل في دفنهم، كما دعا المسلمين في البلاد غير الإسلامية إلى السّعي من خلال التّضامن فيما بينهم إلى اتّخاذ مقابر خاصة بهم ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، وأن يُخصِّصوا صندوقًا لجمع الأموال من أجل تكاليف نقل الأموات إلى بلادهم، لمَا في ذلك من تعزيز لوجودهم وحفظًا لشخصيتهم.الجزائر: عبد الحكيم ڤمازرئيس الفدرالية الأوروبية لجمعيات الجزائريين بلمداح نور الدين ل”الخبر”على الدولة التكفل بنقل جثامين الجزائريين كما تفعل بقية الدولقال بلمداح نور الدين، النائب عن المنطقة الرابعة ورئيس الفدرالية الأوروبية لجمعيات الجزائريين، إن العمل جار من أجل استحداث آلية جديدة لتسهيل عملية نقل الجثامين إلى أرض الوطن، وشرح محدثنا كافة الإجراءات التي تمر بها الجثة إلى غاية وصولها إلى مطار الجزائر.كيف تتم عملية نقل جثامين المتوفّين الجزائريين من إسبانيا إلى الجزائر؟ يتم تحويل جثمان المتوفي إلى إدارة القبور التابعة للبلدية ثم يأتي المسؤولون على الجثة للتفاوض حول قائمة الأكسيسوارات ولكل ثمنه، بدءا باختيار الطبيب الشرعي الذي يقوم بتفريغ الأحشاء من الجثة وتصفيتها من الدم عن طريق بعض الآلات، وضخّ سائل في مكانه وحشو الجثة ببعض المواد الكيمياوية التي تحفظ الجثة وتطيل مدة تحلّلها خارج الثلاجة، ما يجعل الكثيرين لا يتعرّفون حتى على جثث أبنائهم، وهذا حدث لنا عديد المرّات، ولو علم الكثيرون بهذه المراحل لطالبوا بدفن الجثة بمكان وفاتها، ثم يأتي اختيار الصندوق فلكل ثمنه ثم كراء قاعة التغسيل وقاعة الصلاة، ثم اختيار شركة النقل وحجز التذكرة لإرسال الجثة إلى الجزائر.ما مصير أحشاء الشخص المتوفى بعدما يتم نزعها من قِبل الطبيب الشرعي هناك؟ تدفن عندما يقوم أهل الميت أو أصدقائه بطلب ذلك من الطبيب الشرعي، وهذا مقنن دوليا إذ لا يسمح بنقل أي جثة في الدول الأوروبية على الأقل دون المرور على هذه المرحلة.كم تكلّف العملية بالأورو وبالدينار أيضا؟ العملية لا تنزل عن 4000 أورو، أي أكثر من 40 مليون سنتيم.ما هو دور السلطات القنصلية الجزائرية؟ يبدأ بالتأكد من أن الجثة لجزائري، وهذا عبر مطالبة العائلة بالوثائق الثبوتية لأنها هي من تصدر ترخيصا لإدارة المقبرة بدخول الجثة للجزائر.هل حدث من قبل أن تعرّض جثمان رعية جزائري إلى الحرق بسبب عدم نقله إلى أرض الوطن؟ أبدا، لم أسمع بحادثة حرق أيّ جثة لجزائري بإسبانيا، وكل ما قيل كان لجلب الانتباه ومغالطات لا أساس لها من الصحة، كون تشغيل فرن الحرق يكلّف أكثر بكثير من تكلفة الدفن في قبر جماعي، ففي حالة عدم وجود المال الكافي لنقل الجثمان تقوم إدارة القبور بالاتصال بالمصلحة الاجتماعية للبلدية، وهي تدفع تكاليف الدفن في قبر جماعي أو انفرادي على الطريقة المسيحية طبعا.فهمت من إجابتك أن بعض الجزائريين يدفنون في قبور مسيحية، ولا يتم منحهم حقهم في الصلاة عليهم وغير ذلك؟ نعم، هذا يحدث للجزائريين الذي لم يتكفل بجثثهم أي أحد.ما هي الحلول التي تقترحونها على السلطات المعنية كممثلين للجالية؟ أنا عايشت هذه المشكلة لسنوات مع جاليتنا وأعرف هذا الجحيم جيّدا، لذا أدرجته في أوّل مداخلة لي بالبرلمان أثناء مناقشة برنامج الحكومة، وقد طلبت من الوزير الأوّل الذي كان يسمع تدخلي بأنه على الدولة التكفل بنقل جثامين الجزائريين ”مجانا”، كما تفعل عديد الدول. ولكن بعد مشاورتي لفاعلين في الحركة الجمعوية، فإني سأقترح مشروع قانون يقضي بدفع مبالغ من الأورو كمساهمة رمزية على بطاقة القنصلية لكل جزائري بالمهجر، حيث يمكننا بهذه الأموال القضاء على هذه المشكلة، وسنساهم بالتنسيق مع وزارة الخارجية وكاتب الدولة للجالية في إدراج مشروع قانون بذلك.لماذا تأخر التكفل بالقضية كل هذه السنوات، لتعود اليوم وتُطرح؟ لأنه مطلب وما ضاع حق وراءه مطالب، وهذا لصون كرامة جاليتنا بالخارج. لقد تعبنا من التسوّل كلّما توفي لنا شخص، ونحسّ بالحرج وفي بعض الأحيان بالإهانة.سمعنا من أفراد الجالية في الخارج عن حملات لجمع الأموال في المساجد والمقاهي لتغطية نفقات نقل جثامين الموتى إلى أرض الوطن، ما مدى صحة هذه الأقوال؟ نحن نحرج الناس لكي يدفعوا في بعض الأحيان، ونذهب إليهم إلى بيوتهم وإلى المقاهي ودكاكينهم ومقرات عملهم، ولو لم نفعل ذلك لما تمكنّا من إرجاع عشرات الجثث. وأذكر مرة طلبت فيها من إمام بالمسجد دعوة الناس لجمع المال لإرجاع جثة جزائري، فقال لي إنه لم يتقاض أجره كاملا منذ شهرين ولديه عائلة، وأنه في أمسّ الحاجة إلى مكيّف هواء بالمسجد وإلى معلم يدرّس اللغة العربية، ”والمبلغ هو 4000 آلاف أورو، فهل الميّت أولى من الحيّ، وإلى متى سنبقى على هذه الحال؟”. ولكن للأمانة، المصالح الدبلوماسية بإسبانيا كنا نلجأ إليها عندما نعجز عن جمع المال، وكانت الدولة هي تتكفل بالدفع. وأذكر لكم مثالا حيا عن المعاناة، فمنذ أقلّ من شهر توفي صبي فاتصلتُ بقنصل الجزائر في أليكانت طالبا منه تكفل الدولة بنقل الجثمان فوافق، وبدأ بالإجراءات اللازمة التي تتطلب أسبوعا في بعض الأحيان، ثم بعدها بيومين توفي كهل بمنطقة اسمها ”مورسيا” فاتصل بي أصدقاؤه وقالوا لي: ”لقد جمعنا 2000 أورو وينقصنا 2000 أخرى”، فطلبت من القنصل المساهمة، وفي اليوم الموالي اكتشفنا أن شابا كان متوفيا بإحدى المستشفيات منذ أسبوعين، فقال لي أصدقاء الكهل ”دعونا نتكفل نحن بما تبقى وأنتم أرجعوا بمال الدولة هذا الشاب”، وهو ما يعني أن جمع الأموال من المحسنين وتكفل الدولة أيضا لا يكفي لمعالجة القضية.ما دور عملية التأمين في هذا الإطار؟ التأمين طبعا هو الحل الوحيد، ولكن أموال التأمين تأتي بالطريقة التي نقترحها نحن، وليس بالطريقة الحالية التي لن تنجح، مع العلم أنه هناك جمعيات إسلامية بإسبانيا توّفر التأمين على الجثامين ب40 أورو سنويا للعائلة بأكملها، بينما شركة التأمين الجزائرية تفرض 25 أورو للفرد و90 أورو للعائلة.وردتنا معلومات عن وجود بعض الجمعيات التي تتاجر في جثامين أفراد الجالية، هل هذا صحيح؟ هناك بعض الجمعيات في فرنسا المتخصصة في نقل الجثامين، لا تخاف اللّه وأصبحت تتاجر بهذا الأمر، وتزيد من مآسي الناس وجعلته مصدر كسب واسترزاق، اللّه يهديهم.هل لك أن تقدّم لنا بعض التفاصيل حول طبيعة هذه الجمعيات؟ هي جمعيات جزائرية، وجاليتنا بفرنسا يعرفونهم جيّدا، ولكن كما قلت ليسوا جميعا. هناك مجموعة صغيرة سامحهم اللّه.الجزائر: حاورته مريم شرايطية




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)