المشاركة السياسية ، منهاج امتصاص التعصب

رغم التعريفات الكثيرة للديمقراطية من منطلقات مختلقة تختلف بموجبها المفاهيم إلّا أنّ هذه الأخيرة يصر كبار المفكرين في التعريف بها و بخصائصها أنها عندما تتطور و في أوسع تجلياتها تصبح تشاركية و توفر آليات بناء الدولة المدنية الحديثة بحكم راشد يصبو إلى تطوير الإنسان الذي حتما عندما يجد ظروف النمو يصبح أكثر عطاءً.برزت الديمقراطية كمفهوم جامع يمتد إلى تلك التشاركية من أجل التأقلم مع معطيات اجتماعية تتطور و منها بروز حركات و تطورات اجتماعية تعرف اتساعا متزايدا غالبا ما تعرف بالأحزاب و المنظمات الحكومية و غير الحكومية أو ما يعرف اصطلاحا بالمجتمع المدتي. ولكن تطبيق الديمقراطية يوجب تقوية المجتمع المدني وإصلاح المنظمات الوطنية و الأحزاب التي غالبا ما لا تتجدد و تجترّ الخطاب السياسي ، ووضع الصراع السياسي والإيديولوجي جانبا لضمان نجاح مقاصد المشروع الديمقراطي التشاركي الذي لا يأتي لغايته بل ليكون وسيلة لمجابهة عديد المخاطر و التربصات كما هو الحال خلال العشريات الأخيرة بتصاعد و تمادي العنف المؤدي إلى التطرف بكل أنواعه ( الاديولوجي و الديني و الإثني ) و المفضي إلى الارهاب الذي صار كل المجتمع الدولي مجبرا على اجتثاثه و استئصاله بنزع فتيله من داخل المجتمع بإشراك أفراده في صناعة القرار عبر قنوات كثيرة تتناسب مع طبيعة هذا المجتمع .و بتغيّر المشهد العالمي والعلاقات الدولية التي وجدت نفسها أمام ظاهرة الإرهاب الذي لم يعد مرتبطا بشعب ما أو أمة ما، لأنه يظهر ويتطور حسب الظروف التاريخية ولا يرتبط بجنس أيضا إنما الظروف المحيطة بالمجتمع هي مَن توجده لذلك كان الاصلاح حتمية مفروضة على السلطة و حكوماتها و من هنا يتجلى التوجه إلى دمقرطة الأنظمة و توسيع دائرة مشاركة الشعب . و كما أن الإرهاب والعنف ليس لصيقين بدين معيّن أو جماعات فإن خطاب الانتلجنسيا العالمية يعتبر أن الأهم هو بحث تأثيرات الإرهاب و قبله التفكير في أسبابه كظاهرة اجتماعية تتحوّل إلى سياسية ، حتى تكون محاربته أكيدة.و هذه المحاربة تتجلى بوضوح في تمكين الشعب عبر قنوات إعلامية و سياسية من ديمقراطية التحرك بحرية لتعبير عن آرائه لدحض التعصب في الأفكار أولا. و هو التعصب الذي ينمو ببطء فيصير تطرفا .