الجزائر

المسجد المريني العتيق بحي الطبانة......نقطة انطلاق في بناء مدينته مستغانم القديمة



المسجد المريني العتيق بحي الطبانة......نقطة انطلاق في بناء مدينته مستغانم القديمة


ارتبط المسجد المريني العتيق بحي الطبانة بمستغانم والّذي يُعدّ نقطة مركزية بالنسبة للمدينة القديمة.

كان مركز القضاء أنداك موجود بحي الطبانة العتيد، أحد أقدم الأحياء التي تعرفها المدينة، و بالذات بالمبنى المسمى بدار القاضي و المجاور للمسجد المريني الأقدم من نوعه عبر مخلفات الفترة المرينية، و الذي مازال هيكله قائما حتى الآن كتراث وطني، الى جانب السور المحيط بمركز البايلك و الذي وضع لصد هجمات المسيحيين، و تبقى الآثار الحالية شاهدة على ذالك

فدار القاضي هذه قد أخد وجودها مكانا استراتيجيا ضمن عمارة المدينة، حيث كان وسطا بين تجمعين سكانيين يفصلهما واد معروف بوادي عين الصفراء، فالضفة الغربية منه كانت تسكنها العائلات التركية، أما الضفة الشرقية المقابلة فهي للأهالي و كان الجميع يتقاضى بدار القاضي الواقعة بالضفة الغربية
بحي الطبانة

فالمسجد المريني الّذي بناه السلطان الحسن بن سعيد المريني الملقب بـ''أبي العنان'' سنة 740هـ المرافق لـ 1340م، ليكون نقطة انطلاق في بناء مدينته مستغانم القديمة، حيث أحاط المسجد بدار القضاء ثمّ السوق، لذا يُعَد هذا المسجد منارة أهل مستغانم الّذين تعلّقوا به وكان بالنسبة لهم مكان لأداء الشعائر وتدريس أمور الدِّين والدنيا. وكان للمسجد دور ريادي في الدعوة للجهاد وشحن المجاهدين للدفاع عن ثغور الوطن خاصة أثناء الغزو الإسباني لسواحل المدينة، حيث تمّ الإعداد لمواجهة العدو انطلاقا من المسجد المريني الّذي تعلوه صومعة شامخة لا زالت تقارع الزمن رغم سنوات البناء.

وعندما سقطت مستغانم في أيادي الغُزاة الفرنسيين في 28 جويلية 1833م، استولوا على المسجد العتيق مسجد المحال وحوّلوه إلى مخزن للذّخيرة وقاعات أخرى إلى مراقد للحراس والصومعة برجاً للمراقبة، كما تشير بعض النصوص، واتّخذ كمربط للخيول.

ركّز الفرنسيون بعد احتلالهم للمدينة على ضرب أحد مقومات الشعب الجزائري وأحد معاقل المجاهدين، فلجأ إلى تحويل المسجد إلى إسطبل للخيول لفترة من الزمن، ولمّا اشتدّت مقاومة المحتل حوّله بدهاء إلى مخزن للأسلحة نظرًا لموقعه الاستراتيجي وقربه من أهم إدارات المستعمر.

ورغم سقوط المسجد بين أيدي العدو الفرنسي الّذي حوّله عن وظيفته الأصلية إلاّ أنّ سكان المدينة بقوا متعلّقين به، والدليل على ذلك ما حكاه لنا الشيوخ من أنّ الثوار رفضوا مهاجمة المخزن وتفجيره لسبب أنّه مسجدهم المفضل.

وبعد استقلال الجزائر أعيد المسجد إلى طبيعته الأولى رغم تدهور المبنى، حيث ظهرت به تشقّقات كادت تهدّد المصلّين، فاضطرت السلطات المحلية آنذاك إلى غلقه في وجه المصلّين الّذين ثاروا غضبًا ووصفوا العمل بالشبيه بالمستعمر، ممّا دعا المسؤولين إلى إعادة فتحه مع إجراء ترميمات عليه سرعان ما أظهرت فشلها.

فالاهتمام الزائد للمُصلّين بهذا المعلم الّذي لا يذكر تاريخ مستغانم إلاّ وكان من ضمن المعالم الهامة لهذه المدينة، فتمّ إعادة ترميمه سنة 2004م، وهو الآن لا زال يقدّم خدماته الجليلة بتعليم النّاس لدينهم.

يذكر أنّ كبار رجال الدِّين في الجزائر زاروا هذا المعلم وصلُّوا فيه، من أمثال سيدي لخضر بن خلوف مدّاح الرّسول، والشيخ مصطفى العلوي صاحب الطريقة العلوية العالمية

يتربّع مسجد الطبانة على مساحة تفوق 1200م2 (بينما يشير تيرو إلى 12000م2)، تيرو هو مترجم النص العربي المغربي المنقوش على الصفيحة الرخامية المعلّقة على يمين المحراب إلى الفرنسية، والّتي اكتشفت مرمية في حمام بن برنو سنة 1920م، وقد تزيد مساحة المسجد عن ذلك خاصة إذا ضمّت مكتبة التّوثيق التي تقع في شرقه والتي تحوّلَت إلى مسكن تعاقبت عليه أسر استفادت من سكنات جديدة وأهملت وظيفتها العلمية والتعليمية.يحوي 450 عمودا و مادنة
غطى المسجد بسقف من الخشب الأحمر يرفعه أربعة وخمسون عمودا مضلعا فقدت أصالتها بحيث لم يحافظ المشرفون على الدراسة التقنية الخاصة بالترميم على الآجر الأحمر الذي تتكون منه تلك الأعمدة و الذي انطمس تحت الخزف الصحي العصري. يتخلل قاعة الصلاة 52 سارية أما جدار الوجه البحري تعلوه ثمان نوافذ يهب منها نسيم البحر ، تشرف على منحدر صخري الذي ينتهي عند سرير وادي عين الصفراء الذي شطر مدينة مستغانم إلى ضفتين غربية وشرقية .

تنزوي مقصورة الإمام بين قاعة الوضوء وقاعة الصلاة أم المئذنة المضلعة الشكل الشامخة قبالة الوجه البحري يعلو في جوفها سلم يرتفع في شكله الحلزوني و المتكون من تسع وسبعين عتبة .


حتوي المسجد على قاعة للصلاة تؤدي إليها ثلاثة أبواب مقوسة ،فالرئيسي منها يقع في الجهة الغربية والى الغرب من هذا الأخير بابان احدهما يؤدي الى قاعة الوضوء والآخر يؤدي الى قاعة لتعليم القرآن الكريم ، أما الجهة الشرقية يعلوها بابان احدهما يؤدي الى مصلى خاص بالنساء والباب الثاني صغير يؤدي الى جوار المحراب، محراب ذو قبة نصف دائرية والذي حفر في الصخر .

عرف باسم مسجد الطبانة، وهي تسمية تركية "طب هانه" المعروفة ببطارية المدفعية التي طور سلاحها الباي محمد الكبير إلى العيار الكبير، هذه التحفة الأثرية صفيحة رخامية طولها لا يتعدى 60 سم وعرضها 40 سم، كتب عليها نص بالخط العربي المغربي، والتي أنقذها من التلف أحد الأئمة بعدما وجدها مرمية في البلدية، وأعادها لتثبت على يمين المحراب بعد تنظيفها، وترجم نصها إلى الفرنسية السيد تيرو، والذي سبق له وأن ترجم نصوصا أثرية بفاس من خلال كتابه "Les inscriptions Arabe de FES page 393,395 édition 1919"، والصحيفة الرخامية هذا نصها

"أمر ببناء هذا الجامع المبارك وشيده مولانا السلطان الأعدل عبد الله أمير المسلمين والمجاهد في سبيل ربي العالمين، ابن الحسن ابن مولانا أمير المسلمين المجاهد في سبيل ربي العالمين، أبي سعيد ابن مولانا أمير المسلمين المجاهد في سبيل ربي العالمين، أبي يوسف عبد الحق، وصلى الله على نبيه وبلغه من فعل الخير بعينه ومقصوده، وذلك في عام اثنين وأربعين وسبعمائة 742هـ"، وهذا ما يؤكد أن مستغانم نعمت كبعض مدن المغرب والأندلس، إلى جانب الازدهار المادي، بحركة فكرية جلبت إليها طلبة العلم ورجال الصوفية وعلماء الشريعة، فغدت قبلة لهم، وساهم رجالها في الحفاظ على مقومات الشخصية العربية الإسلامية التي حاول الاستعمار طمسها.




الرجاء تجنب السرقة الادبية واحترام الامانة العلمية و ذكر اسمي
Fade abdelkader - Prof d'histoire - Mostaganem - الجزائر

02/03/2022 - 537236

Commentaires

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)