حملت زيارة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي للجزائر شحنة رمزية قوية بحكم الماضي السياسي والنضالي لرجل أفنى عمره في زنزانات نظام بن علي. مشهد سجين رأي سابق يحظى باستقبال الرؤساء هو مبعث تفاؤل لكل من يناضل سلميا من أجل حقوق شعبه. اعتلاء المرزوقي منصب الرئاسة هو محصلة نضالات ومسار وتضحيات تجعله حرا من أي التزام لأي جهة كانت، إلا للشعب. وهو ما قاله في حواره لـ''الخبر'' بأن ''الفخامة للشعب وحده''. كلمة لا تصدر إلا عن مناضل زاده الوحيد إيمانه بسيادة الشعب، لم يأت للحكم محمّلا على الدبابات، أو كنتيجة لحسابات وتفاهم بين الزمر التي تتقاسم السلطة، تجعل منه رهينة التوازنات داخل النظام الحاكم. رمزية المرزوقي والثورة التونسية تعدت حدود تونس وتلقفتها كل الشعوب العربية الراغبة في التحرر من الأنظمة الديكتاتورية الحالية التي تتعامل بمنطق ''أنا أو الجحيم''، ليتأكد من خلال ثورة تونس والمرزوقي أن الجحيم ليس مصيرا محتوما بعد سقوط الأنظمة. ثورة الياسمين جعلت حلم الربيع العربي ممكنا، وفوّتت الفرصة على من يخافون من فعل ''ارحل''، مستشهدين بما يحدث في ليبيا ومصر واليمن.
المرزوقي أعاد للقصص القديمة التي نرويها للأطفال طعمها وحلاوتها والتي تنتهي دائما بانتصار الخير على الشر والبطل الشجاع محب الخير على الشرير. وأصبح بإمكاننا تقديم أمثلة حية لأطفالنا حول أهمية المبادئ والنضال لتحقيق أهدافنا أو الغايات الكبرى، أو كما يقول البيت الشعري: ''فمن سار على الدرب وصل''.
ويبقى رجاؤنا من الإخوة التونسيين أن يحافظوا على هذه الشرعية بتقويتها ولا يفعلون بها كما فعل إخوانهم الجزائريين بالشرعية ''الثورية'' بعد الاستقلال وحوّلوها إلى ''سجل تجاري'' للخلود في الحكم طيلة نصف قرن بعد الاستقلال. أليس من حق الجزائريين أن يكون لهم حكام خرجوا من صلبهم وليس من تحت عباءة السلطة، وكما تقول قصيدة يا بلادي في أحد مقاطعها: ''يا ترى سيأتيك يوما...''.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 16/02/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : جعفر بن صالح
المصدر : www.elkhabar.com