بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين و بعد...
الرجال أعمال ...
ان حياة الانسان لا تعد بعدد الايام و السنين التي يعيشها الواحد منا و ولا تتوقف بالموت ، بل الحياة الحقيقية هي حياة الافعال و الاعمال ، فكم من حي بيننا هو في عداد الموتى لا صوت له و لا أثر ، اذ ينطبق عليه المثل فلا هو حي يستحق زيارة ولا هو ميت يستحق ترحما ، وكم من ميت لا يزال حيا بيننا بعلمه وعمله وأخلاقه وهمته في خدمة أمته ، وشخصيتنا اليوم المرحوم السي عبد القادر شيخاوي رئيس اللجنة الدينية بدار الحديث و الرئيس الشرفي للمكتب الولائي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بتلمسان والذي قال في اخر وصية له :" كونوا رجالا في جمعية العلماء فانها رباط الصادقين " .
ولد الحاج عبد القادر شيخاوي في 03 فبراير 1912م بتافسرة من بني سنوس ثم انتقلت عائلته الى مدينة سبدو و عمره لا يتجاوز السنة ، درس القران في بداية امره على يد الفقيه الشيخ علي لشقر الملقب بالشيخ الجيلالي، و الشيخ المهدي زناقي و تلقى نصيبا من الفقه على يد الفقيه الشيخ البشير بن رحال ، و في سنة 1919 انتقلت عائلته الى تلمسان فدخل المدرسة الفرنسية lécole dessieux " الابلي " حاليا و درس بها من الابتدائي الى السنة الخامسة ، كما درس في ثانوية دوسلان " ابن خلدون حاليا " ، دخل الخدمة العسكرية سنة 1933 م رغبة في امتلاك بعض من اسرار القوة وليصير شوكة في حلوق الاستدمار الفرنسي الغاشم ، كان يحضر دروس الشيخ البشير الابراهيمي التي كان يلقيها بالمسجد الاعظم و النوادي ومدرسة دريبة زرار ، درس اللغة العربية على يد الشيخ حسن فضلاء في المانيا في مدارس " اوراليون " في السجن عندما كان مجندا في الخدمة العسكرية هناك ، باشر العمل الاصلاحي منذ بدايته لظهور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بعد مجيء الشيخ بن باديس الى تلمسان وساهم فيه اسهاما كبيرا مع اخوانه المصلحين من اعضاء نادي السعادة كما بات يحرس الشيخ ابن باديس في دار الحديث عند مجيئه لتلمسان سنة 1939 م ، وهو احد مؤسسي مدرس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمدينة سبدو سنة 1945م وكان له نشاط متميز بها حتى اعتبرته فرنسا من النشطاء الخطيرين بالمنطقة ، القي عليه القبض سنة 1956م اثناء الثورة بتهمة المساعدة و التنظيم مع المجاهدين فأذاقه الاستدمار الفرنسي الوانا من العذاب لم تزده الا يقينا و ثباتا ، وبعد الاستقلال بقي نشيطا لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين مرابطا بدار الحديث مرشدا و ملهما للشباب الى ان وافاه الاجل المحتوم يوم الثلاثاء 13 شعبان 1422 الموافق ل 30 اكتوبر 2001 م .
يقول فيه الشيخ بن يونس :" ان الشيخ عبد القادر الشيخاوي من رجالات الاصلاح الكبار في ولاية تلمسان الذين ساروا في خط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الناشط في الحركة الوطنية الوفي للاصلاح مرابطا بدار الحديث الى اخر رمق من حياته ، كانت له علاقات و صلات مع رجال الاصلاح و بخاصة الشيخ عمار مطاطلة مما يحسب للشيخ الشيخاوي انه بات يحرس الامام ابن باديس بدار الحديث وهو ابن سبع وعشرين سنة .
يقول الدكتور عبد الحفيظ بورديم :" ومن غريب هذا الشاب وهو مجند في الجيش الفرنسي ان التجنيد لم يمنعه من الجلوس في حلقة العلم التي كان الامام الشيخ البشير الابراهيمي يقيمها في دار الحديث بعد تأسيسها في 27 سبتمبر 1937 ، ومن يجلس الى البشير لا يسعه الا ان يقتبس من شجاعته وحكمته ونقمته على الاستكبار الفرنسي وأذياله ، وكان الامام يرى فيه مثالا للشاب الجزائري كما تمثله له الخواطر ، فأعده ليكون الحارس الشخصي والاثير للامام ابن باديس ما اقام في تلمسان " .
كما قال عنه الدكتور عبد الحفيظ :" وحين تشتد الخطوب كان الشباب يحتمون بظله فيؤنسهم ويرشدهم الى ما فيه خير الامة كلها أكاد اقول كان اشجع من رأت عيناي " .
ويقول عنه الشيخ المختار بن عامر :" بقي الشيخ عبد القادر الشيخاوي مرابطا بدار الحديث الى اخر يوم من ايام حياته ".
كما يقول عنه المجاهد النقيب الحاج صالح الواد رحمة الله عليه :" كان الشيخ عبد القادر شيخاوي استاذا في الوطنية ".
رحم الله الرئيس عبد القادر شيخاوي وأسكنه فسيح جنانه فقد عاش للاسلام ومات للاسلام ..
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 03/05/2023
مضاف من طرف : soufisafi
صاحب المقال : أ. محمد الهاشمي .