الجزائر

"المربوع" قصائد تعانق أعراس الونشريس تقاليد بلادي




لا تزال تيسمسيلت متشبثة بعاداتها وأعرافها ودليل بقاء المربوع وهو من بين الفنون العريقة بالمنطقة والسمة الوحيدة، التي لا تزال محافظة على رونقها الفني بين أوساط العائلات الريفية بالولاية، فلا يعقل أن تبدأ مراسيم الخطبة أو التحضير لعقد قران المحبين دون ان يصحبهما قصائد الغزل والمدح من قصائد المربوع، والذي يعد من فنون الأغنية البدوية التي لا تزال صامدة في وجه العصرنة؛ فقصائد المربوع تضفي رونقا وبهجة وفرحا لدى مرافقة موكب العروس منذ خروجها من بيت أهلها إلى بيت زوجها، تحت إيقاعات البندير والقصبة وصهيل خيول الفرسان؛ حيث تتقدم امرأتان بالقرب من العروس تنشدان قصائد محلية تتناول فيها الحنين إلى الحبيب والشوق وقصائد أخرى عن فراق الأحبة والأهل، كما أن المربوع لا يقتصر على النساء فقط بل كان متداولا بين الرجال خاصة عند تقدمهم في موكب لخطبة فتاة من قبيلة يكون لها باع وصيت بين القبائل العريقة بالمنطقة.. هنا يتم طلب يد الفتاة عن طريق المربوع، حيث يتغنى الرجال بخصال ومكانة قبيلتهم مع مطالبة قبيلة الفتاة بقبول مصاهرتهم، وفي مقابل ذلك ترد الأخرى بالقبول مستعينة بعبارات من قصائد المربوع أيضا فقصيدةالله الله يا سلايف
يا خياتي جاتكم
يا والله يا قصا
ما هي كيف بناتكم
تقال عندما يتم اختيار العروس والقبول بها ومدح خصالها أمام أهل زوجها فعبارة ”القصا” تعني أن العروس فتاة طيبة ستكون فأل خير على أهل زوجها.
أما قصيدة
تربح تربح يا رابح
تربح يا خويا عليها بالمال وأولاد

تقال عند اصطحاب العروس الى بيت الزوجية وكذا عند تناول الدشيشة وهي أكلة ونشريسية مصنوعة من حبات القمح تطبخ وتدهن بالسمن البلدي او ما يعرف عند اهل الغرب الجزائري ”الدهان الحار”، أكلة تعكف العديد من العائلات الريفية والقبائل على تناولها في أعراسهم كعرش ”أولاد يحيى” ببلدية ثنية الحد شرق تيسمسيلت، وهي إحدى القبائل التي لاتزال حريصة على الاستعانة بالمربوع في أفراحها كختان أو أعراس أو حتى عند إقامة الولائم ”الوعدة” عند زيارة أضرحة الأولياء الصالحين.
أما قصيدة
ادًيًمَتْ ربي ويانبي محمد وماني خايفا أعْلاشْ
تقال عند ربط الحناء للعروس وهكذا دواليك يبقى المربوع يلازم مراسيم العرس إلى أن تنتهي.
ولغة الغناء في المربوع عربية ”دارجة” وأغانيه عبارة عن قصائد طويلة، تناقش قضايا اجتماعية إنسانية محضة.
تفجر هذا الفن من حناجر بسطاء المنطقة من نساء ورجال واختلفت تسمياته حسب كل جهة؛ ففي بلدية برج الأمير عبد القادر يطلق عليه ”زوج بزوج”، وببرج بونعامة ”السروجي” وهناك من المناطق كثنية الحد ولعيون ”عرش أولاد عياد” يعرف باسم ”المربوع”، والذي ينفرد به جنس الرجال او النساء، في حين أن اسم ”العامة” يطلق على مزيج بين الجنسين على حد سواء. عندما تشارك مجموعة من النسوة الرجال الغناء في الأعراس بشرط يكون ذلك من وراءلحائط البيت أو الستار.
ويعتمد المربوع على أربعة أشخاص أثناء الأداء؛ حيث ينقسم هذا العدد بين مجموعتين، اثنان منهما يلقيان الأغاني والآخران يرددان بمعنى ”الشد والعد”، ”الزرع والقلب” ويتخلل هذا ”الحركة والتوقف” حسب الريتم.
ورغم رياح العولمة، التي طمست التراث التاريخي لعدة مناطق من الوطن عبر انتهاج سياسة الإهمال والإقصاء المفروض من قبل الجيل الجديد من الشباب وكذا بعض المؤسسات الثقافية، إلا أن فن المربوع يبقى من بين القلة القلائل من الفنون التي لاتزال صامدة في وجه إعصار التجديد.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)