الجزائر

المرأة والميراث في الإسلام لكل وارث نصيب


 شَرَّع الله عزّ وجلّ الميراث وبيّن أحكامه، فلكلّ وارث نصيب، ولم يترك سبحانه وتعالى أمر توزيعه لأحد من خلقه. إلاّ أنّ العديد من أولياء الأمور في بلادنا ما زالوا يصرّون على حرمان المرأة من نصيبها منه انتقاصًا لها، متناسين أنه تَعَدٍ على حدود الله تعالى وسوف يعاقبهم بعذاب أليم في الآخرة: {ومَن يعصِ اللهَ ورسولَه ويتعدى حدودَهُ يُدخله نارًا خالِدًا فيها وله عذاب مهين}. أما في الدنيا، فيجوز لولي الأمر تعزيره بأشدّ العقوبات كما قال الفقهاء.
وفي الوقت الّذي يشدّد فيه العلماء على خطورة ذلك الأمر الّذي يبرز في الأرياف وحتّى في المدن الحضرية لما له من آثـار سلبية على استقرار النسيج الاجتماعي، يرى مختصون وحقوقيون أهمية سنّ قوانين تحدّ من الظاهرة والتّصدي لها، عبر التّوعية وبيان عقوبة المُخالف لشرع الله عزّ وجلّ وسُنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
وقد أكّد الدكتور عبد المجيد بيرم، أستاذ الشريعة بجامعة الجزائر، أن قضية حرمان المرأة من الميراث عُرف موجود ومنتشر في بعض المناطق، وهو يتنافى مع الدّين الإسلامي، مشدّدًا على أنه لا يجوز حرمان المرأة من حقها في الميراث بأيّ حُجّة كانت، مصداقًا لقول الله عزّ وجلّ: {... وللنِّساء نصيبٌ ممّا ترَكَ الوالدان والأقربون ممّا قَلَّ منهُ أو كَثُـرَ نصيبًا مفروضًا}.
ودعا أئمة المساجد إلى توعية الناس وتفقيههم بحكم الله سبحانه وتعالى، موضّحًا أن التفقه السليم والتدين السليم وقاية للكثـير من القضايا الّتي يشكو منها النّاس، معتبرًا أن عزوف المواطنين عن التفقه في الدّين مردّه تفشي الجهل وتحكّم العادات السيّئة في المجتمع.
بينما دعا الأستاذ فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، المشرّع الجزائري إلى سنّ قوانين تحدّ من ظاهرة حرمان المرأة من الميراث، بحكم أن التدابير الموجودة حاليًا غير كافية.
وأشار قسنطيني إلى أن القانون الجزائري يعطي المرأة حقّها في الميراث، لكن في الميدان والتطبيق والحياة اليومية، تجدها مهمّشة ومظلومة. مبيّنًا أن المرأة لو رفعت دعوى قضائية، لرُفِع الظلم عنها وأخذت حقوقها. إلاّ أنه أضاف أنّ المشكل في ذلك يعود لتردّد المرأة واستحيائها من والدتها أو إخوتها في تبليغ تظلّمها للقضاء بغية إنصافها. معتبرًا أنّ القانون لا يستطيع التدخّل لإنصافها إلاّ بعد تحريكها الدعوى القضائية. وأفاد قسنطيني أن قسمة العقار في الجزائر صعبة جدًا، لأنّ ''الشيوع'' هو الّذي جرّد الأملاك، وهو ما يُعاكس أو يصعّب الاقتصاد الوطني من جهة، ويُضيّع حقوق الناس من جهة أخرى. على خلاف الدول الغربية، حيث أن الموثـق في فرنسا هو مَن يُقسّم الميراث، حتّى لا يتركوا الشيوع بيد النّاس وتضيع حقوقهم.
بينما اعتبر الأستاذ عيساني عبد الحميد، المحامي لدى المحكمة العليا، أنّ حرمان المرأة من الميراث عُرف سائد في الكثـير من المناطق، وبالخصوص منطقة القبائل، وهو ما يتنافى مع المبادئ الشرعية المستمدة من القرآن الكريم والسُنّة النّبويّة والقوانين السائدة والسائرة المفعول. نافيًا أن يكون حرمانها من الميراث ''جريمة'' بسبب عدم تحريك الطرف المتضرر لدعوى قضائية، لأن قانون الأصول الصادر عام 1984 والمعدل المتمّم في عام 2005 ساري المفعول.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)