البداية بعقود صغيرة ... وجاهزية تامة لتغطية الطلبات المستقبليةإمكانيات هامة للإنتاج والبيع تصل إلى 16800 طن في العاميشكل المركب الجهوي للحوم الحمراء بحاسي بحبح المتربع على مساحة 15 هكتارا، مكسبا هاما لولاية الجلفة المعروفة بتمويلها لحاجيات السوق الوطنية بنسبة قدرها 10٪، بالنظر لعدد رؤوس الماشية التي تتوفر عليها، باعتبارها إحدى أهم النشاطات الاقتصادية والتجارية التي تلقى رواجا كبيرا على المستوى الوطني، والتي يعول عليها لتكون المادة الأولية للمذبح من خلال إدماج الموالين في سلسلته الإنتاجيةوهو ما وقفت عليه “الشعب” في جولتها الاستطلاعية رفقة ممثلي بعض وسائل الإعلام الوطنية.يندرج مركب حاسي بحبح في إطار سلسلة المذابح الجهوية التي أعلنت عنها وزارة الفلاحة والتنمية الريفية في كل من بوقطب بولاية البيض وعين مليلة بولاية أم البواقي، ما من شأنه ترشيد ومراقبة مختلف أسواق اللحوم لاسيما أسعارها التي تعرف ارتفاعا جنونيا خاصة في المناسبات على غرار شهر رمضان، كما يعول على مذبح حاسي بحبح أن يبلغ الرهان الذي رسمته الدولة، من خلال التكفل بإنتاج اللحوم المجمدة بالجزائر سنة 2016، بهدف التخفيف من فاتورة استيراد هذه المادة الحيوية بشرط وحيد يتعلق بانخراط موالي المنطقة في هذا التوجه باعتبارهم شريكا هاما في عملية التموين والإنتاج وطرف أساسي لا يمكن تجاوزه حتى يستطيع المركب القيام بالمهام المنوطة به على أكمل وجه. في هذا الإطار أكد الرئيس المدير العام للمركب الجهوي للحوم الحمراء سامي بن مهيدي، أن موالي الولاية طرف أساسي في السلسلة الإنتاجية للمركب الاقتصادي وتلبية الحاجيات الوطنية وخدمة شعبة اللحوم الحمراء من خلال تنظيم جميع حلقات الشعبة، وجعلها مواكبة للظروف الاقتصادية الراهنة التي تفرض اليوم أكثر من أي وقت الاعتماد على المنتوج الوطني والأيادي المحلية عبر انخراط جهود الكل لإنجاح هذا المسعى.وأوضح بن مهيدي أن مهمة المركب تتمثل في تأطير وتطوير إنتاج اللحوم الحمراء والخروج من الطابع التقليدي في إنتاجه واستهلاكه، وكذا وضع أهداف جديدة لآفاق مستقبلية لتطوير هذه الثروة الحيوانية و الخروج بها إلى السوق العالمية والدخول في مرحلة النوعية المبنية على تتبع المنتوج .وفي رده على تساؤلات ل “الشعب” قال بن مهيدي أن:«المركب حرص على تنظيم حملات تحسيسية وتأطير لضمان انخراط الموالين في التوجه وربط علاقة مباشرة معهم، بهدف تزويده بالكميات اللازمة لتغطية الطلبات الكبيرة التي ستكون مستقبلا “، مشيرا إلى أن مهام المركب تتمثل في توفير اللحوم الحمراء من خلال شراء رؤوس الماشية من الموالين ، وكذا أداء خدمة الذبح لهم إن أرادوا بيع اللحوم في حال ما كانت لديهم طلبات خاصة .وكشف بن مهيدي عن إمضاء عقود صغيرة للبيع، مشيرا القيام باتصالات بتغطيتها وعلى أساسها تم القيام بعقود مع موالي الغنم والأبقار، معربا عن تفاؤله بنجاح المركب وبلوغ الرهان الذي أنجز من أجلهوجاهزيته للتكفل بإنتاج اللحوم المجمدة وطنيا، لاسيما في المناسبات حيث يكثر عليها الطلب على غرار شهر رمضان والتخلي تدريجيا عن الاستيراد ومن ثم سيتم مراعاة هذا الجانب الاقتصادي.معالجة جلد الأغنام وتوجيهه نحو الصناعة التحويليةوبخصوص كيفية التعامل مع جلد الأغنام، أوضح بن مهيدي أنه عند الدخول في الإنتاج بوتيرة قوية، سيتم التكفل بها حسب الطلب، من خلال ضمان المعالجة الأولية بالمركب وتسويقها نحو الصناعة سواء للقطاع العمومي والخاص، كاشفا عن اتصالات جارية مع أحد فروع الشركة المعروفة لدى كل الجزائريين “سونيباك” المختصة في صناعة تحويل الجلود أو ببيعها كمادة خام، ونفس الأمر بالنسبة للصوف عبر توجيه المنتوج نحو بعض المؤسسات المهتمة بإنتاج الملابس.وخلال الزيارة التفقدية التي قادت “الشعب” إلى مذبح حاسي بحبح الصناعي وقفنا على الإمكانيات التي يتمتع بها، من خلال الشروحات التي قدمها المدير التقني والتجاري للمؤسسة علي أحمد المنور بن قايد، حيث يتوفر المركب على عدة غرف وقاعات، بداية بمساحة مخصصة لاستقبال البهيمة سواء كانت من فصيلة الغنم أو البقر، أين يتم معاينتها من طرف البيطري للتأكد من خلوها من أي أمراض قبل أن يتم توجيهها للذبح.وفي قاعة الذبح أطلعنا على طريقة النحر، حيث حرص القائمون على المذبح على إتباع السنة النبوية ومراعاة القيم الواردة في حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي قال”فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة،وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته”، إذ يتم استخدام “صندوق الذبح” الذي يحتوى على خانتين وهو ابتكار جزائري يستخدم لأول مرة توضع فيها البهيمة حتى يتم ضمان عدم رؤيتها للبهيمة المذبوحة من قبل، ناهيك عن وضع قناة لجريان الدماء مغطاة بشبكة حديدية للحول دون اشتمام البهية أو رؤيتها لدم سابقتها وعدم ارتعابها تطبيقا لآداب النحر الإسلامية.وتمر عملية الذبح بعدة مراحل سواء بالنسبة للغنم أو البقر في قاعات مختلفة كون أن الثاني يحتاج لمعدات أكبر ، حيث يتم استخدام وسائل حديثة لضمان تجهيز الذبيحة من ذبح، سلخ، إزالة الجلد، الرأس الأحشاء الحمراء والبيضاء وتنظيفها، مرورا إلى التعليق لمدة 24 ساعة لضمان جفافها من السوائل ومن ثم توجيهها نحو التقطيع والتغليف والحفظ فالتجميد حسب الطلب ما يجعله قادرا على إنتاج 16800 طن في العام.وحسب بن قايد يتوفر المركب على عدة غرف من غرفة التنشيف، حيث تختلف لدى “الغنمي” عن “البقري” ونفس الأمر بالنسبة لغرف التجميد التي تكون وفق درجات حرارة مختلفة، حسب المدة المطلوبة من 21 يوما وقد تصل إلى سنة ونصف ومن ثم درجة الحرارة هي الأخرى تصل إلى 40 تحت درجة الصفر بهدف ضمان تجميد اللحوم حتى النخاع وعدم فسادها مع العلم أن المركب يتوفر على 4 أنفاق للتجميد.يضاف إلى ذلك توفره على 12 غرفة للتبريد بطاقة استيعاب تصل إلى 6 آلاف متر مكعب لحفظ الذبيحة سواء على هيئتها الكاملة أو جزئيا أو أجزاء صغيرة، مشيرا إلى أن عملية التقطيع التي تتم في غرفة مستقلة هي الأخرى تخضع للشروط المعمول بها عالميا لاسيما ما تعلق بضمان العملية في درجة حرارة معينة تتراوح ما بين 5 و7 درجات، علما أن الشحن يكون إما عن طريق العلب الكرتونية إذا كانت أجزاء أو عن طريق السكة عندما يتعلق الأمر بشحن الذبيحة كاملة.تكوين متخصص للعمال من مؤطرين إسبان مدة 45 يوماويشرف على نشاط المركب يد عاملة مختصة يتراوح عددها 113 عامل أغلبهم شباب منهم من كان يشتغل جزارا، وبالرغم من ذلك استفادوا من تكوين لمدة 45 يوما من طرف مكونين أسبان لضمان تكيفهم مع الوسائل الحديثة.في هذا السياق اقتربنا من الشاب عبد الرحمان بكاي، الذي قال أن هذه المهنة ورثها عن والده ما جعله يعمل بها في محلهم العائلي ولكن في سنة 1999 تخلى عنها عند ذهابه لأداء الخدمة الوطنية، وبقي يتنقل بين عمل وآخر، ولدى علمه بفتح المركب قام بإيداع ملفه وخبرته في المجال وهو الآن يشتغل فيه منذ أكثر من سنة، معربا عن ارتياحه لظروف العمل، خاصة وأنه استفاد من دورة تكوينية حتى يتأقلم مع التجهيزات الحديثة لضمان تسريع الحركة التجارية للحوم الحمراء.العزاوي: لابد من حماية المربين بتوفير الكلأ والمحافظة على المراعيأكد جيلالي العزاوي رئيس الفدرالية الوطنية للموالين، أن المذابح المنجزة في خدمة المواليين وشعبة اللحوم بعد أن كانوا رهينة تقلبات السوق، مشيرا إلى تجند كل الموالين لتمويل المركب بالمادة الأولية بشرط أن تحكم العلاقة مبدأ “رابح – رابح”، من خلال الانتقال بتربية الماشية بالطرق العصرية والوصول بها إلى النوعية بتوفير الكلأ والمحافظة على المراعي.وأوضح العزاوي أن أهمية حماية الموال تبرز في فترة الجفاف وهي مسألة تقع على عاتق المذابح الصناعية المطالبة بخلق جو من الأريحية وتطوير السلالة الغنمية بالجزائر التي تتوفر على أكثر من 30 مليون رأس ماشية بالنظر لعدد اللقاحات الموزعة والتي لم تغط سوى 50٪ .وطرح المتحدث مسألة عدم قدرة الموال على تحمل الضرائب بسبب عدم قبوله أن يعامل كمؤسسة أو تاجر، بل هو موال فقط ما سيجعله يعزف عن هذه المهنة المهددة بالزوال وهي التي تحولت إلى تجارة العلماء بعد أن كانت تسمى ب«تجارة العقون”، وبالرغم من ذلك قال أنه يمكن إيجاد طريقة لتسوية هذا الأمر من خلال لعب المركب لدور الوسيط بوضع رسم بسيط يتم اقتطاعه لدى اقتياده لغنمه إلى المذبح وبالتالي هي من تدفع الضرائب للجهات المختصة.المركب مطالب بمعاملة الموال على أساس الثقة وليس إداريامن جهته قال رئيس الغرفة الفلاحية لولاية الجلفة محمد قديد، أن الجلفة أول ولاية سهبية بالنظر لعدد المواشي الموالين والمراعي، مؤكدا أن المنطقة بإمكانها تمويل المركب ب 500 ألف رأس في السنة لوحدها، مشيرا إلى أن الإشكالية تكمن في طبيعة العلاقة بين المركب والموال، فليس هناك مشكل إذا كانت العلاقة تجارية أما إذا كانت إدارية فالموال يرفض ذلك بتاتا، ومن ثم على لابد أن تبنى العلاقة على أساس الثقة، كما يمكن للمركب أن يقوم بطلب قرض لتمويل الموالين والمسمنين.وكشف قديد ل “الشعب” أن الغرفة الفلاحية للجلفة عقدت في الأيام الأخيرة لقاءات مع المفتشيات البيطرية على مستوى الولاية لإعطاء الأولوية في تقديم اللقاحات للموالين المنخرطين في الغرفة، لأنهم منظمون ومهيكلون ومهنيون فعليون، وبالتالي فهم الأحق بالاستفادة من الحملات القادمة.الموالون مستعدون لتمويل المركب باللحوممن جانبهم أكد الموالون الذين التقتهم “الشعب”، عن استعدادهم لتمويل المركب بالغنم التي يحتاجها للقيام بعملية الإنتاج والبيع، غير أنهم أكدوا ضرورة التعامل معهم كموالة فقط بعيدا عن أي وثيقة إدارية وطرح إمكانية أن يكون المذبح الصناعي الوسيط مع باقي المصالح الإدارية.في هذا الإطار أعرب مربي الماشية الحاج بورغدة سعد من دائرة الشارف، عن ترحيبه بإنجاز المركب بولايتهم ما يجعله مكسبا وإضافة تنموية حقيقية للمنطقة ولشعبة الأغنام الذي يرى أنه يجب إعطائها اهتماما خاصا بالنظر للمشاكل التي يعانونها، حيث طالب بضرورة حماية السهوب الرعوية، عبر قيام المحافظة العليا للسهوب بحمايتها من الدخلاء الذين يستغلونها بطريقة غير شرعية وكرائها للموالين بالرغم من أنها ملك للدولة.يضاف إلى ذلك توفير الكلأ لاسيما مادة الشعير التي يتحصل عليها في العام بمعدل 50 غ للرأس الواحدة معتبرا أن الكمية غير كافية، ونفس الأمر بالنسبة لغلاء مادة النخالة التي وصل سعرها في السوق السوداء إلى 2600 دج للقنطار الواحد، مشيرا إلى أن الموال يقاوم كل هذه الظروف، من خلال كثرة الترحال والذي يصطدم بنقص الرعاة، داعيا الشباب العاملين في إطار الشبكة الاجتماعية إلى ممارستها.من جانبه قال رئيس الاتحاد الجهوي للحوم الحمراء والموال محمد لطرش، أن الخطوة ما تزال في بدايتها ولكنه مشروع له طموح كبير، خاصة وأنه تزامن مع انخفاض أسعار البترول ويتواجد بموقع استراتيجي وفي منطقة سهبية معروفة بثروتها الغنمية ما يجعل قيمته مضاعفة وسيعطي إضافة بالولاية.وحسب المربي لطرش، فإن موالي المنطقة كلهم جاهزون، على أن تكون هناك رؤية وطنية لمحاربة البزنسة وإنجاح المركب من خلال التزام مسؤوليه بتقديم المساعدة للموالين والدفع نقدا، لأن المربين لا يمكنهم اللجوء إلى قروض بنكية لتلبية احتياجاتهم، وبناء العلاقة على أساس الثقة للوصول إلى الهدف المنشود وفقا لدفتر الشروط.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/01/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : سعاد بوعبوش
المصدر : www.ech-chaab.net