الجزائر

المدينة المصانة



تلمسان التي لجأ إليها العلماء وتغنى بها الشعراء كانت كذلك مكانا يقصده الرجال الأتقياء والورعين والصالحين، حتى سميت بـ"المدينة المصانة".
وتشهد على ذلك قصة وردت في البستان لابن مريم وتعود إلى عام 1427م/830هـ، وفحواها :
"...أنه لما نزل السلطان أبو فارس بتلمسان وكان السلطان بها ابن أبي تاشفين قاتله مع أهل تلمسان فغضب السلطان أبو فارس غضبا شديدا وضيق بأهلها وحلف إن لم يفتحوا الباب بالغد لآمرن بالنهب فيها ثلاثة أيام فلما جاء الغد لم يفتحوا له الباب فضيق بأهلها تضييقا عظيما ورماهم بالأنفاط وهدم المسافات حتى صارت الحجارة تصل إلى سوق منشار الجلد وكذلك السهام وسمع صوت حجر ضرب به من تسالة وأخبرني بعض الصالحين من أصحابنا أنه كان بمسجد درب مسوفة فلما رمى السلطان بحجر عظيم سمعنا صوته كالرعد القاصف فوقع بعض الناس على وجهه وصار يقول سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته فلما رأى الناس ذلك وأيقنوا بالهلاك إن دام ذلك الأمر جاؤا إلى علمائهم ومشائخهم وطلبوا منهم أن يخرجوا مع الأولاد الصغار بألواحهم يطلبون من السلطان أبى فارس العفو عن أهل البلد فهبط الشيخ سيدي عبد الرحمان السنوسي وابن عبد العزيز للشيخ سيدي الحسن وطلبا منه أن يخرج معهما للشفاعة فأبى وألحا عليه فأبى فلما أكثرا عليه قال لهما الشيخ كأنه لم يكن هنا رجل إلا أبو فارس لا أخرج إليه والله سبحانه يحكم بيننا وبينه أو كلاما قريبا من هذا فلما رأى أبو فارس في محلته أمرا عظيما ورأى الأولياء يعني أولياء تلمسان قادمين عرف فيهم الشيخ أبا مدين رضي الله عنه شتت الثلثين من جيشه والشيخ سيدي الحسن شتت الثلث وقد حكى بعضهم أنه رأى الشيخ سيدي الحسن في تلك الليلة وبيده سيف وهو صاعد نازل في مدارج البيت فلما رأى السلطان ابو فارس ذلك تاب إلى الله ورجع عما عزم عليه ومن تلك الليلة عرف مقام سيدي الحسن وصار يعظمه الناس كثيرا..." 1.
1 : ابن مريم: البستان، تحقيق: محمد بن أبي شنب، تقديم: عبد الرحمن طالب، الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 1986، ص ص 79-80.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)