المديح النسوي في مدينة مستغانم ( المداحات - أنموذجا)

لقد حظي شعر المديح بمساحة واسعة في الأدب العربي عبر عصور متلاحقة، ويمكن أن نجعل المديح قسمين، قسم في مدح النبي صلعم، ويسمى بالنبويات، وقسم في مدح الحبيبة ويسمى بالغزليات.
واستقل المديح النبوي كفن مستقل عن الأغراض الشعرية الأخرى، ونجد بذوره في شعر حسان بن ثابت، ونجده عند الصوفية حيث يتعلق بالحقيقة المحمدية، فالنموذج المنشود في المدائح النبوية هو محمد رسول الله صلعم، ومن أمثلة المديح قصيدة البردة للبوصيري.
كما لم يخل الموروث الشعبي عامة والجزائري خاصة من المدائح النبوية التي استقت هي الأخرى الكثير من القصائد الفصيحة، و تناولت هذه المدائح النبوية؛ وصف شمائل وصفات النبي الكريم عليه، والحديث عن سيرته وسير أصحابه. وتلقت قبولا كبيرا لدى فئة المجتمع رجالا ونساء، وأصبح المديح جزء من الفلكلور المحلي الجزائري، حيث تغنى شعراء الشعر الشعبي بالنبي عليه، ونظموا فيه القصائد الطوال، و أصبح المديح على لسان العام والخاص من الرجال والنساء، في مختلف المناسبات الدينية
والاجتماعية . وسأخص هنا القول عن المديح عند النساء، وإن صحّ التعبير الشعر النسوي في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، ومدح الصحابة والأولياء الصالحين، والتغني بهذه القصائد في المناسبات الدينية، كالمولد
النبوي و حفلات الزفاف والختان، وعقيقة المولود وفي المناسبات الاجتماعية.
وسأحاول بهذه المداخلة أن أتناول المديح النبوي النسوي في مدينة مستغانم خصوصا، من خلال التركيز على الطبوع التي اتخذها هذا الغرض كفن من فنون الموروث الشعبي، وكفن غنائي اشتهرت به المداحات؛ و هي كلمة مشتقة من المداح، أي المدح حيث اشتمل مدح النبي ومدح الأولياء الصالحين كما هو في قصائد الأدب الشعبي الجزائري، عند سيدي لخضر بن خلوف وابن مسايب وغيرهم من الشعراء الشعبيين في الجزائر.
ومن هذا الملمح يبرز المديح النسوي كفن يستقي من الترانيم الدينية الأندلسية و الموشحات في المغرب العربي كله، ويختص المدح النبوي عند المداحات بلمسة محلية خاصة من خلال اختلاف اللهجات والموسيقى والإيقاع. ومن هنا سنوضح الخلفية الثقافية والاجتماعية التي ارتكز عليها هذا النوع من المدح عند النساء المداحات، وذكر أهم مميزاته وخصائصه اللغوية والإيقاعية، اعتمادا على أمثلة حية ونماذج من أشعار نساء مستغانم.