يقصد بالمخطوط وإن تعددت تعريفاته كل ما كتب بخط اليد سواءً كان كتاباً أو وثيقة أو رسالة وسواءً أكان باللغة العربية أو غير عربية.
غير أن العرب الأوائل لم يتداولوا هذا المصطلح فكانوا يطلقون على المخطوطات أمهات الكتب، المؤلفات، كتب الأصول.
ويبدو أن مصطلح (المخطوط) ظهر بعد عصر الطباعة ليفرق بين المطبوع والمخطوط.
وإذا أردنا تحديد عمر زمني لبداية المخطوطات العربية واستثنينا من ذلك النقوش والرسائل في عهد الجاهلية فإن كتابة القرآن الكريم على أيدي الصحابة (رضوان الله عليهم) كتاب الوحي هي بداية فعلية ، فقد جمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء أبوبكر الصديق وعثمان بن عفان (رضي الله عنهما) وبدأت المصنفات بالظهور معتمدة على القرآن الكريم فمثلاً عكف القراء والمفسرون على تفسير القرآن الكريم والمؤرخون ألفوا عن تاريخ الأمم السابقة وهكذا.
وكانت المؤلفات تكتب على الرق في بادئ الأمر ثم كتبت على ورق البردي إلى أن ظهر الورق.
وخلال تلك القرون العديدة انتشرت العديد من المؤلفات وظهر الكثير من الوراقين وأنشئت المكتبات إبان الدولة العباسية وازدهرت حركة الترجمة ازدهارا ملحوظاً سواءً من العربية إلى اللغات الأخرى أو العكس، ووصلت الحضارة العربية الإسلامية إلى ذروتها في وقت كان الجهل يعم العالم الغربي.
إن تراث العرب والمسلمين في تاريخهم الطويل المجيد يعتبر ثروة هائلة تمثل حضارة الإسلام والمسلمين بصرحها الشامخ المتين، الذي لا تزعزعه صروف الدهر والسنين، تلك الحضارة التي سادت أربعة عشر قرناً من الزمان.
وهذه الحقيقة التاريخية الواضحة لا ينكرها إلا مكابر جاحد، وما محاولات الشك في هذا التراث الإسلامي الكبير، أو التشكيك فيه، إلا محاولات مضللة غايتها نكران وجحود ما للإسلام من فضل على البشرية جمعاء.
وقد صنف العلماء العرب والمسلمون المصنفات في مختلف ميادين العلوم في اللغة والأدب وأصول الدين وعلوم الحديث والسيرة النبوية وعلوم الفلك والحساب والطب وغيرها.
لكن بعض هذا التراث العظيم اندثر لأسباب عديدة منها الحروب والفتن والحرائق ويقدر عدد المخطوطات العربية بأكثر من ثلاثة ملايين مخطوطة مبعثرة في مكتبات العالم الإسلامي والغربي.
* مدير قسم المخطوطات بجامعة الملك سعود
أهمية المحافظة على التراث الاجتماعي
صادق ربيع:
أرى أن تشبثنا بالتراث نابع من أن كل فخرنا وعزنا كان في الحقب الماضية ولأنه يختزن التجارب والأصل والهوية ما كان بالماضي هو أساس الحاضر وقد تحدث خبراء الاجتماع عن تعريف التراث وأهميته.
التراث: ''هو الميراث الحضاري للمجموعات البشرية''، ''هو تاريخ ذلك النشاط في مسيرة الحياة''، ''هو الذي يمثل إنجاز الإنسان''، ''هو التجربة الحضارية الشاملة لتجارب المجتمعات''، ''هو الذي يختزن التجارب والأصل والهوية''.
هكذا عرّف العلماء التراث، وتأتي أهمية المحافظة على التراث كونها إحدى المحطات للمسيرة الإنسانية، بعبارة أخرى الكل منا يمر على هذه المحطات الثلاث ويوليها كل اهتمامه الماضي - الحاضر - المستقيل. ففي الماضي التراث الجميل الذي يحن ويبكي عندما يتذكر البعض مشاهده. وفي الحاضر الإعداد لمشاق وصعوبة الحياة والتفكير في كيفية التعاطي مع العراقيل المتنوعة. وفي المستقبل البحث عن الرؤية والواقع المجهول كما عرفه أحد العلماء بالغرب.
التراث يرتبط بالإنسان ولابد من الاهتمام به. الأمة التي تدفن ماضيها فإنها تقبر حاضرها، ففي الماضي والتراث الدروس والعبر لأنها تمثل تجارب الإنسان على الأرض.
أيها الشاب المؤمن: إن أردت النهوض في الحياة فعليك الاستفادة من تجارب الآخرين، ولو تأملنا جيداً في حياة الأجداد والآباء لرأينا كيف انعكست على علاقاتهم ونشاطهم، رغم صعوبة الحياة والتي تجعل الفرد يقطع المسافة الطويلة لجلب الماء لعائلته والمعاناة الاقتصادية القاتلة لكنه لا يقطع زيارة الآخر، أما اليوم ما أكثر الفارغ لكنه قاطع، لا زيارة ولا سؤال. ففي الماضي كما يذكرون إذا غاب أحد عن المسجد ليلة فقط، خرجت القرية عن بكرة أبيها للسؤال عنه واليوم قد تغيب سنة ولا من سائل. مشاهد اجتماعية جميلة حقا عندهم روحية الاستقبال لبعضهم البعض. إن رجع الغواص من البحر خرجوا جميعا لاستقباله، وإن عاد الحاج زفوه إلى منزله سيراً على الأقدام، وإن حفظ الطفل القرآن زفوه كالعريس في طرق القرية وأزقتها فإذن حركتهم جماعية، أفراحهم مباركة سعيدة لأنهم يحرصون على ذكر محمد وآل محمد وعلى الارتباط بأهل البيت (ع)، مثلا الزواج، قراءة المولد عصراً وليلاً للتبرك والثواب والذكر لأن القاعدة تقول (ذكر ذاكر الله ذكر لله).
إخواني: فلنحافظ على هذا التراث. لا أتحدث عن ذلك الزمان فقط بل عن سنوات قليلة مضت ومضت معها عادات وتقاليد، فأين فعاليات الزواج، اندثر بعضها، قراءة المولد عصرا بالمأتم والزفات الحاشدة بالجماهير، أين العيد وأجواؤه. كنا قبل سنوات نعبر عن ليلة العيد ليلة الطوارئ من تنظيف المنازل وإعداد الملابس وتهيئة المجالس واليوم البعض نائم.
وما أدراك ما الشهر العظيم شهر رمضان ففيه كانوا يبكون على فراقه ونحن نعد لاستقباله ونحافظ على أجوائه.
وكما يقول د. محي الدين التونسي إذا حذفت شيء من طقوسي الاجتماعية سلبت شيئا من حياتي الإنسانية.
وفي الختام أجدد دعوتي بالمحافظة على التراث الاجتماعي الذي يختزن القدرة على إثارة المحبة بيننا كما لا أعيش الشك في تقدم هذا الجيل سيما الشباب المؤمن الواعي الذي اخترق كل الساحات بمهارة.
تعريف التراث:
التراث: يطلق لفظ التراث على مجموع نتاج الحضارات السابقة التي يتم وراثتها من السلف إلى الخلف وهي نتاج تجارب الإنسان ورغباته وأحاسيسه سواء أكانت في ميادين العلم أو الفكر أو اللغة أو الأدب وليس ذلك فقط بل يمتد ليشمل جميع النواحي المادية والوجدانية للمجتمع من فلسفة ودين وفن وعمران... و تراث فلكلوري واقتصادي أيضا.
و الأصل من التراث هو كلمة مأخوذة من ( ورث) والتي تعني حصول المتأخر على نصيب مادي أو معنوي ممن سبقه.
أما الأصل التاريخي لكلمة تراث فهي تعود إلى أقدم النصوص الدينية حيث وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم (( و تأكلون التراث أكلا لما )) - الفجر 19 – حيث كان المقصود بها الميراث.
حيث كان الأصل في البداية استخدام لفظ الميراث نيابة عن كلمة التراث ولكن مع تقدم العصور أصبحت ( التراث) هي الكلمة الأكثر شيوعا للدلالة على الماضي وتاريخ الأمة و حضاراتها وما وصل إلينا من الحضارات القديمة سواء أكان هذا التراث متعلق بالأدب أو العلم أو القصص ( أي كل ما يمت للقديم).
أما عن المعنى المعاصر لكلمة تراث فهو (( التراث الفكري المتمثل في الآثار المكتوبة الموروثة التي حفظها التاريخ كاملة ومبتورة فوصلت إلينا بأشخاصها)).
ومن الجدير بالذكر أن التراث هو ليس الطابع أو الخصائص القومية بل هو أعمق من ذلك فهو يعبر عن مجموع التاريخ المادي والمعنوي لحضارة معينة منذ أقدم العصور فكثير هي الحضارات التي حكمت منطقة أو مكان واحد ومع أن هذه الحضارات قد ولت إلا أن التراث هو الوسيلة الوحيدة أو البصمة المميزة التي أعطت لتلك الحضارات شخصيتها والتي استطعنا أن نستدل على عظم هذه الحضارات من خلال مبانيها الأثرية أو أساطيرها المقولية التي وصلت إلينا.
أقسام التراث
من أهم الأقسام الشائعة للتراث هو:-
1- التراث المادي:
يضم هذا النوع كل التراث الملموس والذي يرى بالعين فهو يشمل:-
أ - كل ما شيده الأجداد من عمائر, الدينية كالمساجد والكنائس, دور العلم والأضرحة والزوايا والكهوف و المغارات وعمائر أخرى كالقصور والمنازل والأسواق والخانات والمراكز الصحية والحمامات ....الخ .
ب – الحرف اليدوية والصناعات التقليدية التي يتم صناعتها بالاعتماد على المواد الخام الموجودة في المنطقة كصناعة الصابون والزيت في نابلس وصناعات أخرى في مختلف أرجاء فلسطين كالخزف والفخار والنحاس والزجاج والصياغة والحياكة والتطريز والنسيج والغزل .
ج- الأزياء الشعبية كالثوب الفلسطيني الذي كان يعد اللباس التقليدي للمرأة الفلسطينية بينما كان القمباز اللباس التقليدي للرجل,وتضم أيضا وسائل الزينة والمطبخ الفلسطيني بأدواته الختلفة والطابون والفنون الأخرى المختلفة .
2- التراث الفكري :-
وهو مجموع النتاج الفكري لأبناء الشعب فهو يعبر عن إبداعاتهم على مر العصور في مختلف المعارف سواء أكان في العلوم الدينية والفقهية والفلسفة واللغة والأدب والشعر والتاريخ والزراعة وحتى التشريعات القضائية والحكايات والأمثال الشعبية وغيرها من العلوم التي ارتبطت بشكل مباشر مع الإنسان وواقعه وحياته اليومية .
3- التراث الفني :
الفنون الشعبية الفلسطينية هي من أقسام التراث المهمة والضرورية جدا لما لها من دور كبير , حيث هي قوة قومية لشعبنا بالإضافة الى أهميتها كقوة معنوية أيضا , فهي حصيلة وجدان ومشاعر شعب بأكمله , حيث كانت تلك الفنون من الوسائل المهمة للتعبير عن أفراحهم وأحزانهم وآلامهم وأمالهم و خيبات أملهم أيضا من عمليات التأمر المستمرة على شعبهم , ومن تلك الفنون الأهازيج والأغاني الشعبية التي تحتوي على العديد من الأمور التي تعبر عن عاداتهم كأغاني الأعراس التي توضح مثلا عادة الحناء للعروس أو سهرات العريس , فالدبكات أيضا تعتبر من الفنون التراثية والرقص الشعبي .
كما أنها تضم أيضا الزخرفة والفنون التشكيلية التقليدية والتجريدية والفنون الشفاهية الأدبية . وهذا التراث يتوارثه الأجيال أيضا جيلا بعد جيل , والفنون الشعبية هي التي تميز شعبا عن آخر .
أهمية المعرفة بالتراث المعماري
1. إن الأهمية في معرفة التراث تعود إلى ضرورة المعرفة بتاريخ المدينة التي نعيشها ومعرفة إرجاع كل اثر لدينا الى العهد أو التاريخ الذي بنيت فيه لمعرفة الخصائص والعناصر التي ميزت الأبنية في كل فترة وذلك حتى نستطيع القيام بعمليات الصيانة والترميم والمحافظة على الآثار التي لدينا ولمعرفة كيفية العناصر في تلك الآثار وفي حالة القيام بالترميم لمعرفة كيفية التعامل مع المبنى من حيث المواد المستخدمة أو الطرق الهندسية سواء المعمارية أو الإنشائية أو الفنية.
2. أهمية التراث تعود الى الأهمية في تعزيز الهوية الفلسطينية ،فالهوية التي تجمع ما بين أفراد الشعب أو الأمة لها تاريخ عميق وماضي ولها أمجاد ولها ثقافة يعبر عنها التراث ،التراث بما يحتويه من رموز معبرة عن الآم شعبنا ومشحونة بالمعاني والعواطف ،حيث أن التراث يحتجز بتاريخ الأمة وعواطف الروحية والقومية.
3. أهميه المعرفة بالتراث أيضا هي مرتبطة بشكل أساسي بالمحافظة على جذورها
المتأصلة في الأرض , وقيمنا وثوابتنا صامدة في الأرض وهي دلاله على حقنا
الشرعي في بلادنا وبمعرفتنا تكون لدينا القدرة على دحض أي محاولات لنسب
هذه الأرض الى الكيان الصهيوني أو محاولات نسب التراث الذي لدينا على انه جزء
من تراثنا فهنا أهمية نضالية وطنيه قوميه.
4. إن المعرفة بالتراث تقودنا الى الاطلاع على عظمه التاريخ الذي لدينا والى روعه
الحضارات التي سكنت في مدننا مما يولد الدافع الذاتي لدينا لحماية هذه الآثار
والمحافظة عليها فهنا يخلق نوع من الوعي الشعبي بأهمية الآثار الموجودة في
مدننا وقيمتها بالنسبة لدينا.
5. المعرفة بالتراث يدفعنا الى الاهتمام بالآثار وتحسين المناطق المحيطة بها فتصبح كمعالم أثرية تجتذب السياح والناس إليها مما يؤدي الى النمو الاقتصادي والحضاري وتنشيط الاقتصاد في بلادنا مما يؤدي الى رفع دخلنا الوطني .
التراث الحضاري
التراث الحضاري هو كل ما يدل على التطور الحضاري للمجتمع والدولة من مختلف النواحي سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو العمرانية , وغالبا ما تكون شاملة للشواخص والمباني أو حتى المواقع نفسها .
ولذلك تعد ثروة قومية غير مختصة بجيل بعينه بل هي حق للناس جميعا ولمختلف الأجيال ولذلك تصنف على أنها جزء من النفع العام , وتعتبر الشواخص والمباني الأثرية جزءا من التراث الحضاري لأنها تمثل إحدى فترات التطور الحضاري في الدولة .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 18/11/2011
مضاف من طرف : soufisafi
صاحب المقال : صالح بن موسى القرني
المصدر : tourath.halamuntada.com