الجزائر


المحبّة
المَحبَّة تجري على الشَّيء ويكون المراد به غيره، وليس كذلك الإرادة، تقول: أحببت زيدًا، والمراد أنَّك تحب إكرامه ونفعه، ولا يقال: أردت زيدًا بهذا المعنى، وتقول: أحبّ الله، أي: أحبّ طاعته، ولا يقال: أريده بهذا المعنى. فجعل المَحبَّة لطاعة الله محبَّة له، كما جعل الخوف من عقابه خوفًا منه. والمَحبَّة أيضا تجري مجرى الشَّهوة، فيقال: فلان يحب اللَّحم، أي: يشتهيه، وتقول: أكلت طعامًا لا أحبه، أي: لا أشتهيه، ومع هذا، فإن المَحبَّة هي الإرادة.
قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} مريم 96. قال قتادة: ذكر لنا أنَّ كعبًا كان يقول: إنَّما تأتي المَحبَّة من السَّماء. قال: إنَّ اللَّه، تبارك وتعالى، إذا أحبَّ عبدًا، قذف حبَّه في قلوب الملائكة، وقذفته الملائكة في قلوب النَّاس، وإذا أبغض عبدًا فمثل ذلك، لا يملكه بعضهم لبعض.
وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال صلّى الله عليه وسلّم: ''والّذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتَّى أكون أحبَّ إليه من والده وولده''. قال ابن الجوزي: (اعلم أنّ المراد بهذه المَحبَّة المَحبَّة الشَّرعيَّة، فإنَّه يجب على المسلمين أن يقوا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، بأنفسهم وأولادهم، وليس المراد بهذا المَحبَّة الطبيعية، فإنَّهم قد فرّوا عنه في القتال وتركوه، وكل ذلك لإيثار حب النَّفس). وللمحبّة فوائد جليلة وكثيرة، نذكر منها على سبيل المثال: دلالة على كمال الإيمان وحسن الإسلام، وتغذِّي الأرواح والقلوب وبها تقرُّ العيون، بل إنَّها هي الحياة الَّتي يعدُّ مَن حرم منها من جملة الأموات، ومن ثمارها النَّعيم والسُّرور في الدُّنيا، الموصل إلى نعيم وسرور الآخرة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)