الجزائر

المترشحون يلوحون بفزاعة "التدخل الخارجي"



يقف الجزائريون، مرة أخرى، بمناسبة استحقاق 12 ديسمبر الرئاسي، أمام اختبار، داخليا وخارجيا، ستنبني عليه كل الخطوات المستقبلية لإعادة بناء الثقة بين الجماهير ومؤسسات الدولة المنهارة.في مواجهة "الدولة العميقة" و"الأيادي الخارجية"، يحاول الحراك الشعبي السلمي منذ 22 فبراير الماضي إقناع الرأي العام الوطني والدولي بحقيقة الأوضاع التي تتعرض لتزييف الحقائق، ما دفع بالعديد من مراكز البحوث والدراسات لاتخاذ مبادرات في محاولة من القائمين عليها تقديم قراءة واضحة لمستقبل الجزائر، سعيا منها، طبقا للأعراف الدبلوماسية، لفهم ما يجري وتبني أنجع السبل للتعامل مع التغييرات بما يحافظ لها على مصالحها.
داخليا، لاتزال بقايا العصابة أو أذنابها تثير الكثير من التساؤلات التي تظل بلا إجابة شافية حول مدى تموقع أو تحصن هذه البقايا والأذناب ويصعب على أجهزة الأمن والاستخبارات الوصول إليها وتحييدها. كما ينتظر الرأي العام الوطني منذ أشهر مآلات عملية التحقيق حول الفساد ومدى تورط العصابة وأذنابها ورموز الدولة العميقة فيها، وهو ما من شأنه، حسب الكثير من المتابعين لمجريات التحقيق والاستدعاءات القضائية التي أصبحت من الأخبار العادية في وسائل الإعلام ومجالس السياسيين.
أما خارجيا، فمنذ الساعات الأولى للحراك الشعبي وقف الجزائريون وقفة رجل واحد وبصوت واحد طالبوا المجتمع الدولي بالنأي بأنفسهم عن التدخل في الشأن الجزائري، وأطلقوا على موقفهم "قضية عائلية" ذاع صيتها في المستشفى السويسري، ومن بعده استقر في القصر الرئاسي الفرنسي.
وعلى مدى الشهور الماضية، اكتفت السلطة بتوجيه أصابع الاتهام إلى "أعداء الأمس" (فرنسا) للإشارة إلى التدخل الأجنبي، بعدما عبرت هذه الأخيرة صراحة يوم 11 مارس عن اصطفافها وراء مبادرة بوتفليقة بتمديد حكمه، والتي أقال بموجبها أحمد أويحيى من رئاسة الحكومة وتكليف نور الدين بدوي خليفة له وتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى مطلع 2020.
وسجّل المرشحون، في ثامن يوم من الحملة الانتخابية، رفضهم القاطع لكافة أشكال التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي للبلاد، إذ ندد المترشح عبد المجيد تبون من خنشلة بمحاولات التدخل في الشؤون الداخلية، مؤكدا أن "الشعب الجزائري حر ولن يقبل بالتدخل في شؤونه الداخلية من أي طرف كان، بما في ذلك محاولات الاتحاد الأوروبي".
ومن الأغواط، شدد مرشح حركة البناء الوطني، عبد القادر بن ڤرينة، على ضرورة توحيد الصفوف وتجاوز نقاط الخلاف للوقوف في وجه محاولات التدخل الأجنبي التي تتعرض لها الجزائر، وقال: "عندما تكون الجزائر في خطر، كل الأحقاد الداخلية تزول لنقف رجلا واحدا ضد أعداء بلادنا والمتربصين بها". ودعا رئيس ومرشح حزب "طلائع الحريات"، علي بن فليس، الجزائريين، من الجلفة، إلى "الوقوف صفا واحدا للدفاع عن البلاد ورفع الراية الوطنية والوفاء لرسالة الشهداء".

فرنسا.. نقمة أم نعمة

وبالعودة إلى 11 مارس، أي بعد ساعات من عودة بوتفليقة من جنيف مضطرا بعد أسبوعين من العلاج، حيا ماكرون، في تغريدة له على "تويتر" أطلقها من جيبوتي، قرار بوتفليقة سحب ترشحه لعهدة خامسة، معتبرا أنه بذلك يفتح فصلا جديدا في تاريخ الجزائر، داعيا ل"مرحلة انتقالية بمهلة معقولة".
وبعد لحظات من تغريدة ماكرون، أصدر وزيره للخارجية جان إيف لودريان بيانا عبّر فيه عن ترحيب باريس بخطوة بوتفليقة والإجراءات التي اتخذها "لتحديث النظام السياسي الجزائري".
وليس جديدا على السلطة تعليق مآسيها ومآسي البلاد والشعب على مشجب فرنسا وسياستها تجاه الجزائر.
ويقيم البلدان باعتراف المسؤولين فيهما علاقات وثيقة ومعقدة في الوقت نفسه بسبب الماضي الجائر للاستعمار الفرنسي للجزائر التي تعيده في كل مرّة تسوء فيها العلاقات، لكن سرعان ما يتبدّل الموقف بعد خطوات من الجانبين تشمل تذليل بعض العقبات أو إبرام صفقات سياسية واقتصادية.
وتدل على ذلك عقود الصفقات في قطاع المياه والطاقة والصناعة والنقل والمالية، التي تم إبرامها بعد إعادة انتخاب بوتفليقة في 2004، بعدما راهن الإليزيه على علي بن فليس الذي استقبل قبل عام بالبساط الأحمر من طرف الرئيس الراحل جاك شيراك.
كما توجه أصابع الاتهام إلى باريس بالوقوف وراء كل الخطوات التي تتم داخل مؤسسات وهياكل الاتحاد الأوروبي والتي يكون محورها عادة مناقشة الوضع في الجزائر، خاصة إذا كان المدعوون إليها أو المشاركون فيها شخصيات من المعارضة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)