الجزائر

المتخصص في القضايا السياسية رشيد تلمساني لـ الخبر بلخادم تنازل عن طموحه في الرئاسة مخافة أن يلقى مصير بن فليس



المعارضة السياسية لا تملك مشروع مجتمع ومقطوعة عن واقع الجزائريين الدكتور رشيد تلمساني أستاذ بجامعة الجزائر، اشتغل كباحث في مراكز دراسات جامعية بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وله مؤلفات عديدة في السياسة وقضايا الإستراتيجية. الخبر طلبت منه تقديم رؤية نقدية للوضع السياسي الحالي، المتميز بالغلق السياسي واستقالة المعارضة، وأزمة في الأفالان وحراك سياسي أثارته رغبة مفترضة لدى شقيق رئيس الجمهورية في الترشح لاستحقاق .2014كيف تقرأون الأزمة في جبهة التحرير الوطني. وما وجه الشبه بين حركة التقويم الحالية و الحركة التصحيحية التي قامت ضد الأمين العام السابق علي بن فليس؟ لقد حطم عبد العزيز بلخادم مبررات خصومه الذين يأخذون عليه إرادته في الترشح لانتخابات 2014، فقد أقصى نفسه من السباق الرئاسي المقبل، على الأقل حاليا، وتنازل عن مكانه للرئيس الشرفي للأفالان عبد العزيز بوتفليقة. وصرح بوضوح بأنه لا يملك طموحا في الرئاسة، وذلك مخافة أن يتعرض لانقلاب في الأفالان ويكون مصيره النسيان كما وقع لعلي بن فليس في .2004 فقد تجرّأ بن فليس وترشح لرئاسيات 2004 بعدما كان مدير حملة بوتفليقة الانتخابية في 1999، وبذلك فقد خرق قانونا غير مدوّن، ودفع بن فليس وجماعته في النهاية ثمن تمردهم غاليا.كيف تنظر للحراك السياسي الذي أثير حول ترشح محتمل لشقيق الرئيس لاستحقاق 2014؟ أظن أن هناك إرادة في رمي بالون اختبار إلى الساحة، إذ يجب أن نضع في الحسبان بأن لا شيء يتم بالمجان في هذا البلد، وكما يقول الأمريكيون لا يوجد غذاء بدون مقابل ، في حين تقضي الطبقة السياسية معظم وقتها في تركيب السيناريوهات وإحباطها بدل أن تكون في الميدان عندما تخرج السياسة عن إطارها المؤسساتي. وفي اعتقادي ما كان ممكنا أن تخرج تصريحات العياشي سيد أحمد إلى العلن، لو لم تتوفر موافقة فريق من صانعي القرار يمثلون مجموعات ضغط هامة في اقتصاد البازار.وهناك تفسير آخر مفاده أن الإجماع بين صانعي القرار لم يحصل، لهذا السبب هناك محاولة لتجاوز التحالف الرئاسي الذي كان نشطا جدا خلال الحملات الدعائية الانتخابية السابقة. وفي اعتقادي لم تفصح حرب العصب عن كل أسرارها بعد، لكن الرهان الحقيقي بالنسبة لمستقبل البلاد ليس بلخادم ولا أويحيى ولا العماري، ولكن الرهان هو معرفة ما إذا سيبقى الاستحقاق المقبل مغلقا كسابقيه، أم أن اللعبة الانتخابية ستكون مفتوحة وشفافة ويسمح بالتالي للجزائر بدخول الحداثة وتصبح دولة متقدمة اجتماعيا. والظاهر أن السلطة المتشنجة داخل النظرة قصيرة المدى، تتجه إلى الإفلاس هذه المرة.هل الإعلان عن ترشح بوتفليقة في 2014 من شأنه أن يقتل طموح أية شخصية في الترشح. بمعنى أن الأمر محسوم قبل أكثـر من ثلاث سنوات ولصالح الرئيس؟العجيب في الأمر أن مسألة الانتخابات الرئاسية تدرج ضمن الأولويات مباشرة بعد إجرائها، كما لو أن الانتخابات في الأنظمة المستبدة تمثل رهانات كبرى في خدمة الصالح العام ومستقبل البلاد. وفي هذا الإطار أصبحت انتخابات 2014 في قلب النقاش السياسي منذ الإعلان الرسمي عن مرض الرئيس. فمنذ 2005 سمعنا من جماعات سياسية بأن الرئيس بوتفليقة عاجز عن استكمال العهدة الثانية، والغريب بأن نفس الجماعات هي التي فعلت كل شيء من أجل حصوله على عهدة ثالثة عن طريق تعديل الدستور. وفي حال وجود مانع جسدي، ستكون نفس الجماعات مستعدة لتولية الرئاسة لأحد أفراد عائلة الرئيس.إن حالة الاستقرار الاستثنائية هذه تتم على حساب الديمقراطية، وهي مدعمة من طرف شركاء تجاريين وهو ما كشفته الوثائق السرية التي نشرها ويكيليكس. وبهذا فإن التداول السياسي سيتم في إطار حالة مستوية على غرار ما يجري في البلدان العربية، والتطبيع الجيوسياسي في المناخ الأمني الجديد يتم بواسطة الاستخلاف العائلي.ما هو سبب الغلق السياسي الذي تشهده البلاد ولماذا اختفت المعارضة؟ في الواقع كانت اللعبة السياسية دائما مغلقة، لهذا استمرت أزمة الشرعية، والأخطر أن هذه الأزمة أفرزت حالة جمود ألحقت أضرارا جسيمة بالمصلحة الوطنية. والعناصر المكونة للأزمة لا تطبع المشهد السياسي الحالي فحسب، وإنما تزيد من حالة اللاإستقرار. أما الانفتاح الديمقراطي فقد تم التراجع عنه بسرعة وبمجرد أن تم احتواء المعارضة في إطار لعبة الظل، وأصبحت الهيئات المنتخبة مجرد قوقعات فارغة لأنها عجزت عن استحداث سلطة وسيطة بين الحكومة والمحكومين وبين الدولة والشعب. ونجم عن ذلك وضع غريب ولكن لا يقتصر على الجزائر فحسب، فمن جهة توجد جبهة اجتماعية تغلي وأعمال الشغب في كامل التراب الوطني. ومن جهة أخرى لم تترجم هذه الصراعات على المستوى السياسي. وفي المقابل نلاحظ أن المعارضة السياسية لا تملك مشروع مجتمع ومقطوعة عن واقع الجزائريين، ونشطاؤها لا يهتمون إلا بمصالحهم الخاصة، رغم أن الوضع متفجر يهدد بالقضاء على البلاد وما فيها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)