الجزائر

"المتحولون تجاريا" .. الرّبح السّريع بتسميم المستهلك!




يحاول كثير من أصحاب المحلات، الذين تبور تجارتهم في شهر رمضان، قلب نشاطهم التجاري لعدم تفويت فرصة الربح في هذا الشهر الذي تباع وتشترى فيه كل الأشياء، بعضهم يتبع الإجراءات القانونية بينما البعض الآخر ينتهج طرقا ملتوية للتهرب من الضرائب التي قد تلحق به، ويسعى لتحقيق الربح ولو في مستودعات غير مهيأة ودون امتلاك سجّل تجاري.جولة خفيفة في بعض الشوارع والبلديات تجعلنا نقف على هذه الصورة المتكررة كل عام.. مستودعات فتحت أبوابها ووكالات اتصال ومطاعم "فاست فود" غيّرت نشاطها لبيع الزلابية وقلب اللوز والشاربات وبعضها أجّر محله لشباب للاسترزاق في رمضان مقابل مبلغ يسددون به تكاليف الكراء. "الشروق" رافقت أعوان الرقابة والتحقيقات لمديرية التجارة لولاية الجزائر وبالتحديد المفتشية الإقليمية للتجارة لباب الوادي في خرجة ميدانية للوقوف على أبعاد الظاهرة. زهرة حمروش: لأوّل مرّة الأميار ممنوعون من منح رخصة تغيير النشاط البداية كانت مع زهرة حمروش، رئيسة المفتشية الإقليمية للتجارة لباب الوادي، حيث أكّدت أنّ محلات الإطعام السريع "فاست فود" والمقاهي والمستودعات هي أكثر ما يتصدر قوائم تغيير النشاط إلى بيع الحلويات الرمضانية والشاربات دون توفرها ضمن السجل التجاري الذي يمتلكونه، وبشهادة العديد من الأعوان، فإن من المواطنين من استغل المستودعات لبيع الشاربات والزلابية وقلب اللوز مع بداية أوّل يوم من شهر رمضان، لا سيما في المناطق الداخلية.وأضافت المتحدثة أنّ ميزة رمضان لهذا العام تكمن في مراسلة مديرية التجارة لولاية الجزائر الموجهة إلى والي العاصمة من أجل منع تسليم رخص تغيير النشاط في رمضان، كما جرت عليه العادة، وطلبت إبلاغ كافة الدوائر المنتدبة والبلديات بالأمر للتقليص من الظاهرة التي فرضت منطقها على مدار سنوات خلت.وتعلّق ممثلة التجارة بأنه من غير المعقول أن تتدخل البلديات في تسيير النشاط التجاري، لا سيما مع ما شهدناه من عشوائية ومحاباة وفوضى في المسألة، لذا تقرر لأوّل مرة منذ سنوات تغيير هذا الواقع غير الصحيح.ورغم هذه التعليمة، إلا أن بعض الأعوان عثروا على رخص من بعض "الأميار" يرجح أن تكون قد منحت قبل توجيه المراسلة، إلا أن الرخصة تقول زهرة حمروش غير مجدية ولا تؤخذ بعين الاعتبار مهما كان تاريخ صدورها وكان الأولى بالبلديات إلغاؤها بعد استقبال التعلميات الجديدة. ويتعيّن على كل تاجر راغب في تغيير نشاطه التوجه إلى المركز الوطني للسجل التجاري من أجل إضافة النشاط شريطة أن يتوافق مع النشاط الأصلي.ووضّحت مديرية التجارة في الإرسالية العقوبات المتمثلة في محضر متابعة وغرامة مالية وغلق المحل. المخالفون للأعوان: "حقرتونا" و"خربتم بيوتنا" و"كاين الرجال" كانت عقارب الساعة تشير إلى حدود الواحدة زوالا عندما تنقلنا مع السيدة طوطاح فتحية، مفتشة رئيسة لقمع الغش، وياشير حنان، محقق رئيسي للمنافسة، إلى حي باب الوادي الشعبي بالعاصمة وبالتحديد الساعات الثلاث لرصد المحلات التي غيرت نشاطها دون رخصة. وفي كل مرة كان المخالفون يرددون عبارات استفهامية على نحو: "لماذا نحن بالذات دون غيرنا؟" و"لماذا تاجر الطابلة لا تتخذون ضده أي إجراء وتشطاروا فينا برك؟"وأحيانا أخرى يتوسلون بوضعهم الصعب وأنهم شباب استدانوا مبالغ مالية على أمل تسديدها بعد رمضان وغلق المحل يعني خراب بيوتهم بينما يلوّح آخرون بشعارات الحقرة والظلم.وبين هذا وذاك فئة "مسبوقة" تعوّدت على الإجراء لا تأبه بالوضع ولا تحرك ساكنا لكل تحذيرات الأعوان ويواجونهم بالقول: "الحمد لله كاين الرجال" في إشارة إلى الوساطات أو ما قالوا إنّه "الأكتاف". تحايل ومراوغة ومحلات تشجّع التجارة الفوضويةكل الطرق حلال في سبيل كسب المال في شهر رمضان والتهرب من عقوبات أعوان الرقابة أكاذيب سوداء مفضوحة وتهرب وتحجج بعدم وجود صاحب المحل وعدم حيازة السجل التجاري.وتؤكد عونتا الرقابة أن التجار باتوا يغلقون محلاتهم ولا يفتحون إلا بعد الرابعة مساء لأنهم لاحظوا مرورهم في الصباح، فما كان عليهم سوى مباغتتهم في كل الأوقات مساء وصباحا ومن حيث لا يتوقعون وهو ما أسهم نوعا ما في التقليل من تغيير النشاط دون رخصة بدرجة أقل.غير أن البعض يحتال بطرق أخرى فيغلق محله ويعمل داخله سرا وبين الحين والآخر يخرج سلعته للتجار الفوضويين أو يكلف شخصا آخر ببيعها على الطاولة المقابلة للمحل لعدم تمكن الأعوان من التدخل بالنسبة إلى التجار الفوضويين. تأخر تنفيذ قرارات الغلق يشجّع على استفحال التجاوزات يتسبب تأخر تنفيذ أحكام الغلق والإجراءات الإدارية والقانونية التي تسبق تنفيذ قرار الغلق الذي ينتظر أحيانا شهرين قبل الصدور في تمرّد التجار الذين يعلمون أن الإجراء لن ينفذ إلا في حالات الغلق الفوري أو التشميع.وهو ما يجعل كثيرا من التجار يستلمون مخالفاتهم ويضعونها داخل سجلاتهم في انتظار ما ستسفر عنه تدخلاتهم ووساطاتهم وفي حال الفشل يقول أحدهم: "أعلم أنّ القرار لن يطبق قبل شهرين وإلى ذلك التاريخ يرحمها ربي".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)