المؤسسات المصرفية.. أية أداءات ؟

يعتمد الاقتصاد في عدد كبير من البلدان على مساهمة جالياتها المقيمة في الخارج في دعم الاستثمارات حيث لا تتأخر هذه الجاليات في جلب مبالغ هامة من العملة الصعبة و الأموال تستثمرها في بلدانها الأصلية عبر تعاملات بنكية تحفز المواطنين المقيمين في الخارج على مواصلة جلب أموالهم ، لكننا نجد من المؤسف جدا انعدام مثل هذه العمليات و المساهمات في بنوكنا و مؤسساتنا المصرفية ، و نفور المغتربين الجزائريين المنتشرين في مناطق عديدة عبر العالم من مثل هذه السلوكات الحضارية بامتياز ، كيف لا و نحن نجد بلدانا عربية تكثف جهودها من أجل استقطاب جالياتها في الخارج باتجاه جلب أموالها إلى البنوك بلدانها الأصلية لاستثمارها هناك ، مقدمة كل التسهيلات و التشجيع ، في حين لا يقدم المغترب الجزائري على هذه الخطوة لعدم وجود المناخ الملائم و الضمانات ما دامت بنوكنا قد اختصرت مهمتها في تقديم خدمات بسيطة للمؤسسات العمومية و الأفراد و رجال الأعمال عبر القروض و دفع أجور العمال والموظفين، و فتح دفاتر التوفير فضلا عن منح منحة السفر للمسافرين مكتفية بهذه العمليات و لم تقترح خدمات أخرى تتجاوب مع متطلبات المغتربين،إن المغترب الجزائري يكاد لا يتعامل مع البنوك في الجزائر على اعتبار أنه يستطيع الاستفادة أكثر إذا ما باع مبالغ العملة الصعبة التي جلبها في السوق الموازية للعملة عندنا ،خاصة أن الإقبال على شراء العملة الصعبة يظل كبيرا من قبل المسافرين و المقبلين على الذهاب إلى البقاع المقدسة لأداء العمرة و شعائر الحج ،و لأجل هذا فإن جزء من أموال المغتربين و أفراد جاليتنا في الخارج يصرف في السوق الموازية ،و في مشاريع هؤلاء التي تتم تحت إشراف أفراد عائلتهم الموجودين في الجزائر .
كما أن ثقافة استثمار الأموال بالعملة المحلية-الدينار- أو العملة الصعبة –الأورو و الدولار و غيرها من العملات الأجنبية - من قبل المغتربين هي شبه غائبة و معظم تعاملات البنوك عندنا بشكل عام تشمل منح قروض بمختلف الصيغ من أجل اقتناء سكن أو تسديد ثمن سيارة ، أو لصيغة قروض تشغيل الشباب ،دون أن ننسى قروض موجهة لرجال الأعمال ، إضافة إلى استقبال البنوك للأموال التي يدفعها المكتتبون المستفيدون من مشاريع سكنات –عدل- ، لكن المطلوب حاليا هو إعادة رسم إستراتيجية جديدة لتسيير البنوك و فتح الباب واسعا لاستقطاب الاستثمارات الفعالة و المنتجة،من خلال بعث المزيد من الحيوية و التجديد في النظام المالي ،و الرقي بالبنوك نحو أداء فعال يتفاعل إيجابيا مع متطلبات السوق المالية و يتأقلم مع ما يحتاجه المتعاملون معها في ظل الشفافية و الفعالية و تنويع الخدمات البنكية .