الجزائر

"المؤسّسات الرّقمية"... عندما تتحوّل الفكرة إلى مشروع حياة




الاقتصاد الرقمي ليس بالضرورة معاملات اقتصادية الكترونية ضخمة، أو تداول للملايين عبر الشبكة العنكبوتية، بل يكفي أن تقضي لك كبسة زر على جهاز كمبيوتر أو هاتف محمول، خدمةً معينة بأقل جهد وسعر، وتُمكّنك من التواصل مع أكبر عدد من الزبائن، فتلك يمكن اعتبارها "قفزة" في مجال الرقمية وتكنولوجيا الاتصال، وهي الفكرة التي انتبه لها مؤخرا كثير من الشباب الجزائري، فخاض مجال "الرقمية" بأقل مجهود وأبسط فكرة، فكان النجاح غير المُنتظر...لم تثبط صرخات خبراء الاقتصاد المُحذرة من تأخر الجزائر -رغم قدراتها المالية وكفاءاتها البشرية- في مجال الاقتصاد الرقمي، عزيمة كثير من الشباب، فحاولوا بأبسط الأفكار دحرجة الجزائر ولو قليلا من تذيّل التصنيف العالمي لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وفي هذا الصّدد، كشف المستشار الإعلامي للوكالة الوطنية لدعم وترقية تشغيل الشباب"أونساج"، سليمان بولقرينات "للشروق اليومي"، أنه في ظرف أقل من 10 سنوات ساهمت الوكالة في تبنّي أكثر من 8 آلاف مشروع مُتعلّق بتكنولوجيا الإعلام والاتصال عبر الوطن، وجميعها عبارة عن "تطبيقات" وأنظمة مبتكرة على الهاتف والأنترنت، ساهمت في تسهيل الحياة للمواطنين والمؤسسات الاقتصادية، وحسب مُحدّثنا "أونساج" تبنّت هاته الأفكار"الرقمية" للشباب خاصة من الفئة العمرية بين 20 و40 سنة، محاولة منها تشجيعهم لدخول مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال" ..لنتفاجأ بفعّالية المشاريع على أرض الواقع، ما يجعلنا نؤكد أن الجزائري مبدعُ في حال لقي الدعم والمرافقة" يقول محدثنا.وفاء بن تركي..طوّرت"مُترجما" إلكترونيا مُتخصّصا "الشّروق" التقت عيّنات من مُستثمرين شباب ينشطون في مجال تكنولوجيا الاتصال ويقطنون بالعاصمة، لم يُغْرِهم ميدان الاستثمار في محلات"الفاسْت فود"، أو صالونات الحلاقة ولا حتى اقتناء شاحنات لبيع الخضر والفواكه رغم ربْحيّتها، وقرّرُوا خوض تجربة المؤسّسة الرقمية فأبْدعوا فيها، رغم حداثة فكرتها بالمجتمع الجزائري، أوّل عيّناتنا هي السيدة وفاء بن تركي من العاصمة، حاصلة على ماجستير في المعالجة الآلية للغات الطبيعية، طوّرت "تطبيقا" على الأنترنت يهتم بالمعالجة الآلية للغات، تقول "التطبيق عبارة عن ذكاء اصطناعي يعالج اللغات...نستطيع تسميته بمترجم الكتروني متخصّص يضم كما هائلا من المعلومات، يسهل تعامل الشركات الأجنبية العاملة بالجزائر مع الإدارة المحلية، فيترجم الوثائق مثلا من اللغة الإنجليزية إلى لغة عربية اقتصادية متخصصة"، وحسب وفاء"مُترجمها" يعتبر التطبيق الوحيد من نوعه في الجزائر.كنزة بوصورة.. ابتكرت دار حضانة الكترونية بثقافة جزائريةعيّنتنا الثانية هي سيدة أبدعت في مجالها، تدعى كنزة بوصورة 39 سنة، حاصلة على شهادة جامعية في علم النفس المدرسي، أنشأت"دار حضانة إلكترونية"، وهي عبارة عن موقع بيداغوجي الكتروني خاص بالأطفال، أطلقَتْ عليه تسمية "أولادي".تشرح فكرتها بالقول"الموقع بسيكو- بيداغوجي يُقدم خدمات تعليمية وترفيهية للأطفال دون 6 سنوات، ويقدم توجيهات للعائلات حول طرق التربية الصحيحة، كما تتولى مجموعة من المختصين البيداغوجيّين والنفسانيّين الإجابة على انشغالات الأولياء واتصالاتهم الإلكترونية"، والجديد في الموقع حسب كنزة، أنه يقدم ثقافة جزائرية محضة، بعيدة كليا عن الثقافات الدخيلة المنتشرة على الأنترنت، وبخصوص ربْحية المشروع، أوضحت"المداخيل تأتينا من شركات جذبها عدد زوار موقعنا الكبير، ففضّلت الإشهار فيه"، والمشروع تحصل على جائزة خلال الصالون الوطني الخامس للتشغيل 2015، وكان ضمن 10 المكرمين في مسابقة "فكرة 2014" للأفكار الجديدة في التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال في 2014 .محمد وصالح....أول موقع للإحصاءات ودراسة السوق بالجزائرأما الشابين صالح سليماني ومحمد عبد المطلب، فقرّرا خوض مجال رغم أهميته هو شبه غائب في الجزائر، إنه توفير الإحصائيات الدقيقة في مختلف المجالات الاقتصادية، فمحمد مختص في الإعلام الآلي وصالح صحفي سابق بالقسم الاقتصادي لجريدة الوطن، فبسبب ما عاناه الأخير من متاعب في مهنته بسبب نقص وتضارب الإحصاءات التي تدعّم مقالاته، قرّر التفرغ لهذا المجال، يقول"أنشأنا أول موقع إلكتروني جزائري متخصص في الإحصائيات ودراسة الأسواق"إيكو سْتات" يوفر للمتعاملين الاقتصاديين الأجانب والمحليين إحصاءات دقيقة في مختلف المجالات الاقتصادية بالجزائر، منظمة في جداول وبيانات، ونعدّ أيضا دراسات عن الأسواق.."، واعتمد صالح على علاقاته الشخصية لجمع البيانات، وعلى ما يُنشر دوريا بالإعلام وما تتضمنه الدراسات ومنشورات المعاهد والجامعات الجزائرية، وعن زبائن الموقع، أوضح محدثنا "كنا نجوب مختلف المعارض الاقتصادية لعرض خدماتنا على أصحاب المؤسسات..."، لتكون حصيلة سنتيْن من نشاط المؤسسة التي وظفت 4 شباب آخرين، مشتركون دائمون بالموقع وإشهار مربح، وطلبات من شركات اقتصادية لإعداد دراسات عن أسواق معينة.محمد عطاء مصمم بطاقة التعريف البيومتريةيستحقّ الشاب الجزائري محمد عطاء الله 35 سنة لقب الفنان، لإبداعه في تصميم بطاقة التعريف البيومترية، فهو الوحيد في الجزائر المُتمكن في مجال تصميم البطاقات البيومتريّة المُحصّنة التي تسعى الدولة لتعميمها مستقبلا، فالشاب كان موظفا بشركة "أش، بي تيكنولوجيس" المتواجد مقرها ببلدية رويبة بالعاصمة، وبعدما ظفرت الأخيرة بمناقصة تصميم البطاقة البيومترية التي أعلنت عنها الحكومة، تم تكليف المصمّم عطاء الله بالمهمة ونجح فيها بامتياز.كثيرة هي المؤسسات الرقمية المصغرة التي أبدع فيها الشباب الجزائري، لا يتسع المقال لذكرها، منهم الشاب أمير جبروني الذي طوّر نظاما يسمح للشركات الاقتصادية بالتواصل مع بعضها عن طريق الأنترنت، والتطبيق شبّهه أمير"بمعرض" مصغر لمنتجات الشركات على الأنترنت، يزيح عبء التنقل على الزبون وصاحب الشركة للبحث عن المنتجات، فيستطيع بكبسة زر على الأنترنت الإطلاع على ما يريده، و"دحدود لٌبنى" طورت تطبيقا موجها للمؤسسات الاقتصادية، مهمته تيسير مهام مدراء المؤسسات، من التسيير إلى مراقبة الميزانية...وغيرها وفائدته كسب الوقت والمال، أمّا أمير بلعزوز فاخترع تطبيقا على الهاتف يُمكّن المواطن من معرفة أماكن تواجد سيارات الأجرة بالعاصمة.خبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال للشروق: "لا مكان لمن لا يتعامل بالرقمنة مستقبلا"اعتبر الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، علي كحلان، أن المستقبل كله سيكون للمعاملات الرقمية، داعيا الشباب الجزائري لخوض هذا المجال دون تردّد، "المعاملات الرقمية مهما كانت بسيطة، هي مطلوبة لمسايرة ركب التطور العالمي ودخول المنافسة بجدارة"، ويوضح محدثنا"المؤسسات الاقتصادية وحتى الإدارية التي تعتمد على آلات ومعدات رقمية وتعاملات تكنولوجية، ستربح السرعة في الإنتاج والوصول لأكبر عدد من الزبائن في دقائق، وتضمن لنفسها إشهارا موسعا، أما من يختار الاقتصاد الكلاسيكي، فسيخسر الجهد في تشغيل آلات قديمة، ويدفع المال لنقلها من الخارج، ولن يتمكن من الإنتاج إلا بعد شهور أو سنوات، في الوقت الذي يكون فيه منافسه"الرقمي" قد أنتج الكثير وقفز لأفكار جديدة، بعدما تبادل الأفكار والتجارب مع زبائنه الكثر عبر الأنترنت"، و- حسب محدثنا- مجال الرقمية بسيط جدا لا يجب التخوّف منه، وهو بوابة للولوج لاقتصاد رقمي حقيقي، والذي يمتدّ للصناعات الثقيلة التي تعتبر أساس التنمية الاقتصادية.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)