كشف المؤرخ الفرنسي، بنجامين ستورا، أن المعلومات التاريخية التي روّجها المؤرخون الفرنسيون بخصوص عدد القتلى الأوروبيين عقب هجوم الشمال القسنطيني، خضعت للدعاية والتزييف، حيث لم يتعد خمسة قتلى، فيما روّجت الدعاية الفرنسية لسقوط آلاف الضحايا، وقدمت صورة دموية عن الثورة.
أورد ستورا في أحدث كتبه، أن رد الفعل الفرنسي في المقابل ظل محل تعتيم وتميز بالوحشية، إذ بلغ عدد القتلى المسلمين ما بين سبعة آلاف واثنتي عشر ألف قتيل.
وظلت مسألة هجوم الشمال القسنطيني الذي نفذه الشهيد زيغوت يوسف بمدينة سكيكدة يوم 20 أوت 1955 محل تزييف وتحريف من قبل المؤرخين الفرنسيين، الذين قدموا صورة غير حقيقية عن مجزرة مزعومة نسبوها لزيغوت يوسف، وتحدثوا عن سقوط آلاف القتلى في صفوف الأوروبيين في هجمات وصفوها بالوحشية، نفذها الأهالي ضد مواطنين أوروبيين عزل .
وكانت لهذه الدعاية انعكاسات عديدة على تناول تاريخ حرب التحرير لاحقا، حيث تحدث نفس هؤلاء المؤرخين عن وجود خلافات بين عبان رمضان وزيغوت يوسف أثناء مؤتمر الصومام بخصوص هذه المسألة. ويأتي الجزء الأول من الكتاب الذي ألفه ستورا بمعية الصحفي رونو دو روش برين ، والصادر عن منشورات دونويل بباريس، ليعيد النظر في الدعاية الفرنسية بخصوص هجمات الشمال القسنطيني، ويضع الحادثة التاريخية في موضعها الحقيقي، ويفضح زيف الدعاية الفرنسية التي روّجت لجرائم الثورة المزعومة، وينتقل إلى الحديث عن جرائم الجيش الفرنسي في حق الشعب الجزائري.
وقدم الناشر دونوييل الكتاب الصادر بعنوان حرب الجزائر كما يراها الجزائريون ، بأنه يسعى لتقديم حرب التحرير الجزائرية من زاوية الفاعلين الثوريين الذين فجروا الثورة، على أمل أن يحظى بإمكانية القراءة من قبل القراء الفرنسيين الذين تعوّدوا على كتابات مختلفة تنعت حرب التحرير بحرب الجزائر.
وجاء في مقدمة الكتاب: منذ نوفمبر 1954 تكونت لدى الأوروبيين والسكان الأصليين نظرة مختلفة بشأن الوضع في الجزائر. وبعد نصف قرن من الاستقلال، بقيت حرب الجزائر محل خلاف بين الطرفين، بما في ذلك المؤرخين أنفسهم. من هنا، يقترح هذا الكتاب قراءة مغايرة لعموم القراء، استنادا إلى شهادات الفاعلين التاريخيين، والمذكرات المنشورة أو تلك التي لم تعرف طريقها للنشر، إضافة إلى وثائق الأرشيف والكتب المنشورة .
يذكر أن عدد الكتب الفرنسية التي تقدم مقاربة فرنسية محضة لتاريخ حرب التحرير بلغ أكثـر من ثلاثة آلاف عنوان. وسبق لبنجامين ستورا أن وصف هذا الواقع بغير المقبول في كتاب سابق نشره سنة 2008 بعنوان حروب لا تنتهي ، استنتج فيه أن كتابة تاريخ حرب التحرير خضعت للنظرة الفوقية والمتعالية التي يكتسبها المستعمَر تجاه المستعِمر.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/12/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: حميد عبد القادر
المصدر : www.elkhabar.com