كثيرا ما يطرق أسماعَنا في العصر الراهن أنّ اللغة العربيّة بعيدة كلّ البعد عن استيعاب الثقافات المعاصرة لفقدانها ما يؤهّلها لذلك ولأنّها مقصورة على الرّسميات والمؤسّسات التعليميّة في مستوياتها الدنيا والوسطى وعلى الصحافة وبعض المنتجات الفكريّة كالأدب ومبادئ العلوم والفنون، ممّا لا غَناء فيه. وذلك ما جعلها غير طبيعيّة بل ميّتة أو شبهَ ميّتة لأنّ اللغة الحيّة في عُرْف العلماء لغةُ التخاطب، لغة الشعب؛ بها يعرب عن حاجاته: الماديّ منها والفكريّ والروحيّ، ضاق أم رحُب، سفُل أم علا.
وهي، فيما يرون، أو يزعمون، أفقرُ ما يكون إلى ما ندعوه اليوم بألفاظ الحضارة مهما كان ميدانها؛ فلا تستعمل إلاّ هجينةً، مشوبة بما يَشينها ويُفقدها جمالَها وعبقريّتها إنْ كان لها عبقريّة كما يدّعي أصحابها الدّاعون إلى إقحامها فيما لا قِبَلَ لها به: كالعلوم الدقيقة وأحدث مستجَدّات الاختراع العالمي وغير ذلك ممّا تضيق به مداركنا ولا تسعه اللغة العربيّة.
ويقولون إنّ المصطلح العلميّ أو الفنّيّ الذي خُصِّصَ له لفظ واحد أصيل دقيق في اللغات الرّاقيَة تؤدّيه العربية بعدة ألفاظ إن أمكنها تأديته بأمانة وبمعنى لا لَبْسَ فيه؛ وإنّ واضع المصطلح الأجنبيّ مخترِع منطلق من لغته يبتدئ اللفظ ابتداءً وبكلّ حرّيّة ويجبر غيره على إيجاد معادل لغويّ لما اخترع في لسان قد يختلف اختلافا شديدا عن لسانه في طَرائق التعبير أو في المفاهيم، فيعجز عن ذلك أو يتجشّم صعابا ترهقه.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/02/2022
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - مختار نويوات
المصدر : اللّغة العربية Volume 4, Numéro 1, Pages 41-62