الجزائر

اللجنة الوطنية لترقية حقوق الإنسان و حمايتها تدعو إلى تحرير الإدارة من قيود البيروقراطية أبدت ملاحظات حول القوانين المتعلقة بالإصلاحات



تضمن التقرير السنوي 2011 لحالة حقوق الإنسان في الجزائر جملة من الملاحظات حول القوانين المتعلقة بالإصلاحات السياسية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في خطابه في 15 أبريل 2011 لا سيما تلك المتعلقة بالقانون الإنتخابي وقوانين الجمعيات و الإعلام و الأحزاب السياسية و تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة.
و أضح التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية الإستشارية لترقية حقوق الإنسان و حمايتها أن الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية "عميقة تعكس المبادئ و الثوابت الأساسية للهوية الوطنية على النحو المنصوص عليه في الدستور ساري المفعول" غير أن "القوانين التي أقرها البرلمان لا تعكس مضمون هذا الخطاب" كما جاء في التقرير. ففيما يخص القانون المتعلق بالنظام الإنتخابي أعتبرت اللجنة أنه "لا يزال قائما على أساس القائمة المغلقة (النسبية) دون تغيير على الرغم من سلبياته المتمثلة أساسا في أن الناخب مجبر على التصويت على القائمة التي يضعها حزب سياسي أو مرشحين أحرار".
و أضافت أنه "لم يكرس حياد الإدارة التي تبقى طرفا في العملية الإنتخابية" حيث تعود لها مهمة إعداد القوائم الإنتخابية و تعيين رؤساء مراكز الإقتراع. كما أشار التقرير إلى تكاثر الهيئات المسؤولة عن العملية الإنتخابية (لجنة الإشراف على الإنتخابات و اللجنة الوطنية لمراقبة الإنتخابات) و" تعارض ذلك مع الدستور الذي ينص بوضوح على أن المجلس الدستوري هو المسؤول عن ضمان انتظام الإنتخابات و إعلان نتائجها".
أما فيما يتعلق بالقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية فأشار التقرير إلى أن الإدارة "تتمتع بسلطة واسعة لأنها تدرس الملفات حيث يعطيها المشرع أجلا طويلا لإتخاذ القرار بشأن المسائل التقنية البسيطة". و للحصول على قدر أكبر من الشفافية كان من الحكمة —يضيف التقرير— "إنشاء هيئة محايدة تتولي إعتماد و حل الإحزاب السياسية". وبالنسبة لقانون الإعلام الجديد أوضح التقرير أنه "لم يحرص على تناسق بعض أحكامه مع المتطلبات الدولية بشأن حرية التعبير".
و اعتبر التقرير أن القانون "لم يعالج مشكلة يواجهها الصحفي تسبب الكثير من الصعوبات و المضايقات في أدائه لمهمته و المتمثلة في حرمانه بصفة عملية من الوصول إلى مصدر للمعلومات". و في هذا السياق يضيف التقرير أنه "كان يمكن للمشرع وضع أحكام تلزم المنظمات و الإدارات و الوزارات و المؤسسات العمومية بتوفير المعلومات المطلوبة للصحفي والتي لا تعتبر سرية بموجب نص قانوني". و خلص التقرير أن هذا القانون "يبدو أنه جاء دون توقعات مهنيي الإعلام و انطلاقا من هذه المعاينة فإنه يحتاج إلى إرادة سياسية لجعل وسائل الإعلام ركيزة أساسية للديمقراطية في الجزائر".
من جهة أخرى و فيما يخص القانون المتعلق بزيادة فرص حصول المرأة على تمثيل في المجالس المنتخبة ذكرت اللجنة أن المشرع خصص حصص تتراوح بين 20و50 بالمائة بالنسبة لانتخابات النواب و بين 30و35 بالمائة لانتخابات المجالس الشعبية الولائية و30 بالمائة لانتخابات المجالس الشعبية البلدية (فقط بلديات عواصم الولايات و تلك التي يبلغ بها عدد السكان اكثر من عشرين الف شخص). وأعتبرت أن أحكام هذا القانون "تشكل إنتهاكا مزدوجا لمبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور لأنها تكرس التمييز بين المرأة الجزائرية على أساس الإنتماء إلى مناطق جغرافية مختلفة و في مجالس شعبية لا تردن أن تكن ممثلات فيها".
وترى أنه كان على المشرع الابقاء على حصة واحدة مخصصة للنساء اللواتي يجب أن تمثلن الحد الادنى "بما ان زيادة فرص حصول المراة على تمثيل في الهيئات المنتخبة هو عملية طويلة النفس و ليست هدفا فوريا يتم التوصل اليه في بعض المناطق من البلاد على حساب مناطق اخرى". أما بالنسبة للقانون المتعلق بالجمعيات فأشار التقرير إلى أن القراءة المتأنية لأحكام هذا القانون "تعكس حذرا معينا أو الصرامة نحو الجمعيات المشكلة للمجتمع المدني و ينعكس في عبارات مثل +تعليق و +حل+ و +موافقة مسبقة+".
و أضاف أنه من الواضح أن هذه الصرامة هي في" تناقض مع حقيقة الدور الذي تقوم به جمعيات المجتمع المدني التي تنشط في الميدان الذي يعتبر من معايير الحكم الراشد الذي أصبح مقياسا للديمقراطية". كما اعتبر التقرير أن هذا القانون "عزز سيطرة السلطة التنفيذية بشأن إيقاف أو حل الجمعيات" مضيفا أنه "قدم فرصة لأطراف ثالثة لطلب حل جمعية ما و ذلك في حالة وجود تعارض في المصالح مع مصالح الجمعية المذكورة . و التي يمكن أن يسهل للسلطات العمومية استخدام الحل أو التعليق من خلال الغير". من جهة أخرى لاحظت اللجنة أن التعاون في إطار الشراكة مع الجمعيات الأجنبية و المنظمات غير الحكومية "يخضع للحصول على موافقة مسبقة من السلطات المختصة مما قد يعوق استقلالية الجمعية".
و دعا التقرير السنوي 2011 لحالة حقوق الإنسان في الجزائر الصادر عن اللجنة الوطنية الإستشارية لترقية حقوق الإنسان و حمايتها إلى "تحرير الإدارة من قيود البيروقراطية" مشيرا إلى أن هذه الظاهرة كانت السبب في "العديد من الاحتجاجات" المسجلة خلال السنة الماضية.
و أوضح التقرير أن العام 2011 سجل "تضخما في المطالب الإجتماعية" و أمام "الطابع المتكرر للعديد من المشاكل مع تأخر الحلول وجد الشعب وسيلة لجلب انتباه السلطات المعنية ليس عن طريق الطلب الكلاسيكي و لكن عن طريق الإحتجاجات العنيفة في بعض الأحيان". و في هذا الصدد دعت اللجنة الوطنية إلى "تحرير الإدارة من قيودها البيروقراطية" و"تشجيع روح المبادرة و تخليصها من طابعها الغامض" و "إعلام المواطن إعلاما حقيقيا بحقوقه و التزاماته المتعلقة بمعرفته بالتشريعات ذات التطبيق العام مثل التعليمات و المناشير و الإشعارات وقرارات أخرى غير منشورة".
ومن بين الإجراءات الضرورية "لإستعادة المصداقية للإدارة" ترى اللجنة أنه ينبغي "ضمان تنفيذ قرارات المحاكم. فلا يمكن لدولة القانون —كما قالت— أن تصان إلا من خلال الإمتثال للأمر المقضي به و ذلك على جميع مستويات التسلسل الهرمي". و اعتبرت من جهة اخرى أنه من "المهم إلغاء العقوبة الجزائية عن فعل التسيير و عند القيام بذلك تكون هناك مزيدا من الثقة للمسيرين ويغرس الشعور بالمسؤولية الأخلاقية بدلا من المسؤولية التأديبية أو الجنائية".
كما أوصى التقرير ب"إتخاذ إجراءات صارمة تهدف إلى تبسيط و تخفيف الملفات و التسليم الفوري للوثائق الإدارية التي لا تخضع للتحقيق و تقليص المدة الزمنية للتسليم و احترامها بصرامة عندما يتعلق الأمر بالوثائق التي تتطلب التحقيق وهو الأمر الذي سيمكن من إزالة أو على الأقل الحد بشكل كبير من شكاوى المواطنين". من جهة أخرى دعا التقرير إلى إنشاء هياكل جديدة للبحث و التخصص في العلوم الإدارية التي تهدف إلى "فحص مستمر لقضايا اللامركزية و ظاهرة البيروقراطية ووضع هياكل مهمتها الإصغاء باستمرار إلى وجهات النظر ووضع القواعد القانونية المستمدة من الإرادة الجماعية".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)