الجزائر

الكلمة الطيبة تؤدي إلى الجنة


الحديث عن مفهوم الكلمة في الإسلام هو الحديث عن أول آية نزلت في الإنجيل، وفي القرآن الكريم، ”وفي البدء كانت الكلمة”، وفي الإسلام أعظم آية قرآنية تحدثت عن هذا الموضوع بقوله تعالى: ”مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” (ق 18)، فالكلمة إمّا أن تكون لك أو عليك، فكل ما يخرج من الفم من كلام، أو حوّل إلى فكرة كصورة أو فيلم، أو أذيع في وسيلة للاتصال يحاسب عليها المرء، أو صاحبها، فبالكلمة الطيبة نجني ثمارا طيبة، نوحّد الصفوف، نصفي القلوب، نبني مجتمعا متماسكا، فحضارة قوية. فبالكلمة الخبيثة نفرّق بين الشركاء، ونفسد بين الأصدقاء، ونهدم بيوتا، ونبث الشك والريبة في المجتمعات، فتنهدم حضارات. فالمتتبع لآيات كتاب الله يجد أن القرآن الكريم أعطى أهمية كبيرة لمفهوم الكلمة في الإسلام، فالكلمة الطيبة تؤدي إلى الجنة، قال تعالى: ”أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ  وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ” (البلد8-9)، فإما إلى نار، أو إلى نعيم الفردوس، فبالكلمة يحاسب الإنسان يوم القيامة، لقوله سبحانه عز وجل: ”يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” (النور24). وفي المدرسة المحمدية أحاديث كثيرة، تبيّن وتوضح مفهوم الكلمة في الإسلام، مثل سؤال أحد الصحابة عندما طلب النصيحة، والتوجيه من رسول الأمة، بقوله: ”يا رسول الله انصحني” فقال عليه الصلاة والسلام: ”قل آمنت ثم استقم”، قال الرجل: ”ثم أي”، فقال له صلى الله عليه وسلم: ”عليك بهذا” فأخرج عليه الصلاة والسلام عضلة لسانه الطيبة الشريفة، مبيّنا قيمة الكلمة وأهميتها في الإسلام، بقوله أيضا صلى الله عليه وسلم: ”إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يُلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلّم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم”، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا مشيرا إلى عظم الكلمة: ”إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ أَصْبَحَتِ الأَعْضَاءُ كُلُّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ، تَقُولُ : اتَّقِ اللَّهَ فِينَا، فَإِنَّكَ إِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا”. وقال عيسى عليه السلام للخنزير الذي داهمه لما قام حواريوه لقتله دعوه يمر بسلام، قالوا لِمَ يا نبي الله؟ فأجابهم بقوله: ”أردت أن أعوّد لساني أن لا يقول إلا طيّبا”. وقال موسى عليه السلام للكلب الذي أفزعه: ”يا كلب أفزعتني” قالها بغضب شديد، فنزل ملك يقول له إن الله يقرئك السلام، ويقول لك: ”أتعيب الخلق أم الخالق”. ونختم هذه الاستدلالات التي وردت في القرآن الكريم، وفي الآثار الواردة عن سيدنا عيسى وموسى عليهما السلام، بقول خاتم الرسل والأنبياء محمد بن عبد الله، بقوله صلى الله عليه وسلم: ”من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت”، وللحفاظ على هذا السلوك الإنساني المثالي، حتى لا يصدر منا إلا كلام طيب، علينا باتباع الأدوية التالية: 1 - العلم، كلما تعلّمنا ازددنا تبصّرا، وتفهّما، ووعيا، فديننا يبنى على العلم، فبالعلم يبنى الإنسان، وبه تبنى الحضارة. 2 - كل إنسان لا بد أن يشغل نفسه بما ينفعه في دينه ودنياه، وأن لا يشغلها بعيوب الآخرين. 3 - اختيار الصديق والرفيق، خاصة المخلص منه، والطيب، الذي إن رأى منه اعوجاجا وعّاه ووجّهه، وإن صدر منه ما يسعد دينه ووطنه، وضع كفه بيده، فكم من إنسان فاز بسبب صديق مخلص، وكم من إنسان خسر دينه ودنياه بسبب صحبة لا يستحقها الطرف الآخر. والحكمة تقول: (الأصدقاء والأصحاب، والأحباب كثر، والقليل منهم من يستحق التضحية)، قال صلى الله عليه وسلم: ”المرءُ على دينِ خليلِهِ فلينظُرْ أحدُكُم من يُخَالِلُ”
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)