الجزائر

الكشك العربي/ محنة جوبا


الكشك العربي/ محنة جوبا
تتدحرج المحاولة الانقلابية في جنوب السودان لتتحول حربا مفتوحة بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه المقال ريك مشار، وفيما تحاول التصريحات الناعمة التخفيف من وطأة التطور الخطير، تبين أن ما حصل كان مقتلة راح ضحيتها المئات وتشرد الآلاف، وكشفت عن خلافات ترسبت خلال الأعوام الأخيرة، وكانت تنتظر الذريعة المناسبة لتطفو على السطح.ومما يؤكد أن الأحداث الدموية المفاجئة ليست محاولة انقلابية، أن حصيلة المعارك وامتدادها إلى خارج جوبا توحي بأن مقتل نحو ألف وتشريد الآلاف ليس سوى معركة ضمن حرب مهدت لها توترات سياسية انفجرت مع إقدام سلفاكير على إقالة نائبه ريك مشار في جوان الماضي، وتبين بعد الواقعة الأخيرة أن الخلاف بين الرجلين يمتد إلى ما قبل الانفصال عن السودان، ويصل إلى تاريخ مقتل مؤسس الحركة الشعبية جون قرنق عام 2005. فبعد انفجار الأحداث الأحد الماضي، تفاعلت اتهامات خطيرة لسلفاكير بالضلوع في اغتيال رئيسه الراحل، وتعززت بالمواقف التي اتخذتها عائلته ضد سلفاكير وحملته مسؤولية ما جرى باعتباره عملا يستكمل من خلال تصفية بقية خصومه.لقد كان لافتا أن يسارع كير بدعوة خصمه السياسي إلى الحوار وتسوية الخلاف، لكن الرد جاء صاعقا، إذ أعلن ريك مشار أن سلفاكير لم يعد رئيسا شرعيا وأنه هو المسؤول عن "المسرحية" التي أساء عرضها فأصبحت ذريعة ضده. ويشير الموقفان إلى أن "زعيمي جوبا" لم يعد يجمعهما إطار يمكن الاتفاق فيه، وإذا غاب الاتفاق فإن بديله صراع مرير من جنس الصراعات الإفريقية التي ما إن تنتهي حتى تتجدد بعنف أوسع.مجلس الأمن الدولي حذر من حرب أهلية محتملة، والدول الغربية سارعت بترحيل رعاياها، بالتوازي مع تواصل فزع المدنيين إلى مراكز الأمم المتحدة، ورغم الدعوات إلى ضبط النفس ومحاولات تطويق الخلاف، إلا أن نيران الصراع امتدت إلى خارج جوبا، لتضرب مدينة "بو" شمالا، حيث التنافر القبلي على أشده بين قبيلتي "الدينكا" التي ينتمي إليها سلفاكير و«النوير" التي ينتمي إليها مشار. وقد بدأ الصراع بين القبيلتين "سياسيا" داخل الحركة الشعبية، وها هو يمتد إلى القواعد. ويعني دخول العامل القبلي في الصراع، أن جنوب السودان سيدخل دوامة من العنف قد تعيد إلى الأذهان ما كان يحصل بين "الهوتو" و«التوتسي" في رواندا حقبة التسعينيات ومازالت آثارها لم تندمل.عند قراءة حصيلة عامين ونصف من تجربة جنوب السودان "مستقلا" عن شماله، لا يتم العثور على نقاط مضيئة. فهذه الدولة الوليدة هي من أكثر الدول فسادا في العالم، بل هي لم ترتق إلى مستوى الدولة، من حيث إقامة المؤسسات، والإحاطة بأوضاع مواطنيها الرازحين تحت الفقر والخصاصة. وحين تكون تلك هي ملامح الواقع، تكون الأرضية ممهدة للصراع بين سلفاكير وغريمه ريك مشار، وربما بين أطراف أخرى ما زالت لم تتحدد بعد.نقلاً عن صحيفة الخليج الإماراتية


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)