الجزائر

الكتابة بالفصحى.. ضمانة تسويق الأعمال المسرحية


كشف المخرج والكاتب المسرحي دريس بن حديد عن وجود مجموعة من الإشكالات تعترض الكتابة المسرحية في الجزائر، وتمنع الكتّاب عن الإبداع والتحرك بحريّة في مجال النصوص المسرحية، وأشار بن حديد إلى عائق غياب التكوين الأكاديمي الاحترافي الذي أنتج لنا كتاباً لا يميزون بين أجناس النصوص.وقال بن حديد في حديثه ل«الشعب"، إنّ كثيرا من ورشات الكتابة لا تعطي للنص حقّه، ولا تصل إلى المستوى المعرفي المطلوب في هذا الحقل، مشيرا إلى أنّ كثيرا من المهرجانات تُخصّص للكتابة ورشة منفردة لا تتعدى مدتها 05 أيام، وهو أمر يراه مجحفاً في حق الكتابة التي ينبغي أن تصل مدة التكوين فيها إلى 10 أيام على الأقل، حتى يعرف المتكوّن معنى الاختزال في الشخصيات، والإلمام بأبجديات الكتابة المسرحية، من فكرة فعنوان ثم الصراع والعقدة وغيرها.
وعرّج بن حديد للحديث عن لغة المسرح بين إرهاصات الكتابة و«جشع" المتلقي الجزائري الذي أصبح "ذواقاً للمسرح"، ويتلقى بصدر رحب وفهم كبير لأيّ عمل مسرحي يُعرض أمامه، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروقات الاجتماعية لهذا المتلقّي وتباين مستواه الثقافي، وقال إنّ اللغة عنصر مهم، بل تعدُّ من أهم العناصر في الكتابة المسرحية، وهي تأخذ شكلين أساسيين، إما دارجة أو عربية فصحى، وكلاهما ينقسمان على خشبة المسرح إلى أقسام أخرى متعدّدة، لكلّ منها مجاله ووظيفته.
المتحدث وهو يعدّد تقسيمات اللغة على الركح ومجالاتها، أشار إلى وجود ما يسمى باللغة الثالثة أو اللغة البيضاء، وهي قراءة النص العربي بلسانٍ دارج، وهو أمر شائع في المسرحيات الثورية والملحمية، إلى جانب المسرح الملتزم الذي يقدَّم بمنطوق اللهجة الدارجة المهذّبة.
وواصل بن حديد القول إنّ اللغة العربية الفصحى في المسرح تختص بالنخبة، فهي لغة عميقة في مفرداتها ونطقها، واصفاً إياها باللغة التي يكثر فيها العبث والصمت بأنواعه، القصير، المتوسط والطويل، إلى جانب الصمت الحَرَكي والتعبيري.
وأشار بن حديد إلى أنّ اللغة من أهم عناصر العرض المسرحي، ولكنها بدرجة أقل في العناصر الكتابية، لأنّ اللغة في المسرح لا تكتمل إلا بوجود عناصر الصورة، التمثيل، الاكسسوار، الديكور والملابس، بدليل أننا قد نشاهد مسرحيات غربية لا نفهم لغتها، ولكننا نستطيع فهم العرض والفكرة العامة من المسرحية والرسائل المراد توجيهها، بمجرد التركيز على العناصر الأخرى للعمل المسرحي، وبالتالي - يضيف بن حديد- فإنّ عائق اللغة في مرحلة العرض غير موجود، بل نجده في الكتابة المسرحية، مؤكداً على ضرورة التفرقة بين لغة الكتابة ولغة العرض رغم أنهما العنصر نفسه.
وأشار المتحدّث إلى إمكانية الوقوع في إشكالية فهم عند إنتاج مسرحية باللهجة الدارجة، خاصة لدى المتلقّين بالمشرق العربي الذين "يدّعون" عدم فهم اللهجات الدارجة في الجزائر، وبالتالي، يضطر الكتّاب إلى إنتاج مسرحيات باللغة العربية الفصحى حتى يتم قبولها في المهرجانات العربية، لضرورة تسويق العرض ما بعد الدراما.
وعاد بن حديد للحديث عن طابوهات الكتابة المسرحية في الجزائر وإرهاصات اللغة المسرحية، مؤكداً بأنّها مجموعة عقبات تقف حاجزاً أمام الكاتب لا المتلقّي، ناهيك عن غياب التكوين، بدليل وجود نصوص مكتوبة لكتّاب برعوا في مجال الكتابة، ولكن بقيت نصوصهم صالحة للقراءة لا للعرض، بسبب عدم مقدرتهم على التمييز بين أجناس الكتابة.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)