الجزائر

الكاريكاتور والفيديو فضائي المميز في التعريف بالتاريخ الوطني



اتخذ محمد عباد من قلم الرصاص والكاميرا أدوات فاعلة في التعريف بالتاريخ الوطني الذي تبقى أجزاء مهمة منه مغيبة تفرض مزيدا من التنقيب عنها والتحري لاطلاع الرأي العام عليها مادامت تخص الذاكرة الجماعية.أكد لنا محمد هذه الحقيقة في حوار قصير أجرته معه يومية »الشعب« في احتفائية يوم الهجرة المصادفة لمجزرة 17 أكتوبر 1961 كاشفا عن الأسباب الكامنة في السير على هذا الدرب في زمن صارت الأعمال الفنية من لوحات ورسوم كاريكاتورية وفيديو اكبر الأسلحة وأقواها إعلاميا واتصاليا في رفع القضايا والانشغالات، إنها فضاءات مفتوحة يوجد فيها الفنان محمد عباد مساحات حرة للتعبير عن رأيه وما يختلج في وجدانه واطلاع الآخر عن موقفه برسالة مختصرة مباشرة غير مشفرة.
وزاد من الهام الفنان الدائم الحركة بين الجزائر والمهجر (فرنسا بالخصوص) حيث يقيم رسمه كاريكاتورات تحمل قضايا الوطن شجونه وتطلعه، وهي تترجم بالملموس كيف يعيش عباد بوجدانه واحاسيسة مع ما تعرفه الجزائر من تطورات وما ترغب فيه من إرادة في اطلاع الآخر بجهودها المضنية من اجل انتزاع حق الاعتراف من فرنسا عن جرائمها المرتكبة طيلة الحقبة الاستعمارية والاعتذار أسوة بسلوك دول كثيرة مستعمرة حلت خلافها مع دول استعادت سيادتها بهذه الطريقة.
لكن لماذا وقع الاختيار على أدوات الرسم الكاركاتوري والأفلام والفيديو في التعريف بقضايا الجزائر والغوص في جوانب من تاريخها الوطني من اجل كشف أوراق مهربة من فرنسا الاستعمارية ومحطات لا تريد الكشف عنها رغم إلحاح الكثير من الفرنسيين أنفسهم على عدم تهميش أي شيء يخص تاريخ بلادهم واستعمار الجزائر جزء لا يتجزأ منه؟
حسب محمد عباد لا توجد حرية تعبير أكبر من القلم في الرسم والكتابة وتأليف سيناريو أفلام قصيرة وطويلة عن تاريخ الجزائر الذي يشده شدا ويرى في أعماله الفنية رسالة عرفان لوالده عبد السلام من رواد الثورة المجيدة بصفته ضابط جيش التحرير وإطار سامي في الدولة ما بعد الاستقلال، وكذا تقديرا لمن ناضل في سبيل تحرير الجزائر، فهو مقتنع أن انجازاته تخدم التاريخ الوطني وتساهم في صيانته باعتباره مصدر هوية وانتماء ووجود، ومن لا تاريخ له لا حاضر ولا مستقبل له.
أنجز محمد وهو خطاط بباريس منذ 2007 وخريج مدرسة الفن التطبيقي جيروند بوردو وقضى عاما في التعلم بمدرسة الفنون الجميلة بالعاصمة 2006، مجموعة من الكاريكاتورات حول جرائم فرنسا الاستعمارية المرتكبة في الجزائر على مدار 132 سنة من الاحتلال، رسم الإبادة الفرنسية التي تتنكر باريس لها وتخرج على الملأ بالترويج لمغالطات تمجد الاستعمار وتراه زورا وبهتانا انه حامل رسالة تحضر وتمدن.
رسم أشياء كثيرة لإظهار للرأي العام الفرنسي مغالطات فرنسا الدولة وتماديها في إخفاء الحقيقة المرة والتعذيب الممارس على الجزائريين فات النازية والفاشية منها مجزرة 17 أكتوبر 1961 التي أسقطت القناع عن السفاحين الذين بالرغم من جرائمهم ما زالوا دون محاكمة والكثير منهم يتباهى بالتعذيب والإبادة ويرويها ببرودة دم وكبرياء في مذكراته مثلما حصل مع الجنرال أوساريس.
فكيف يتلقى الفرنسيون الرسالة ويتجاوبون معها؟ الإجابة حسب محمد هناك ثلاث اتجاهات لدى الفرنسيين بعضهم يعرف مضمون العمل المنجز ولا يحرك ساكنا وثانيهم لا يبالي وثالثهم يعارض بشدة ويضغط لأنه ضالع في الجريمة، والحديث عنها يعني كشفه وفضحه.
وهذه الشريحة التي تثور ضد انجازات محمد وتتحرك تتمادى في السباحة عكس التيار ومواجهة التاريخ بالادعاء الخاطئ أن جريمة »السين« يتحمل مسؤوليتها »الأفلان« الذي زج بالجزائريين في هذه المعركة.
ويفتح محمد قوسا هنا ويقول بتنهد كاشفا عن معانات يحملها في الدفاع عن تاريخ الجزائر دون التخلي قيد أنملة عن الرسالة النبيلة: »تتكرر الصورة كلما أنجزت عملا ورسمت كاريكاتورا عن جريمة فرنسية أو أدون حدثا ذي روابط بالعلاقات الجزائرية الفرنسية حيث ألاقي مواقف عدائية من بعض الفئات الفرنسية تحاول التنكر للحقيقة المغيبة والترويج لأشياء ومغالطات«، وهي مغالطات تزيد محمد توهجا وإبداعا من اجل الجزائر لإعلاء صورتها وإبقاء الجسر ممدا مع أبنائها في المهجر القريبين منها جدا رغم بعد المسافة الجغرافية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)