الجزائر

الكاتبة والإعلامية الفلسطينية عدنية شلبي لـ''الخبر'' ''اتفاقيات أوسلو قضت على روح التضامن الفلسطينية''


أكدت الكاتبة الفلسطينية أن قيام الاحتلال بتفكيك المجتمع الفلسطيني، بعزل المناطق عن طريق الحواجز، انعكس على الإنتاج الأدبي والفكري، فخلق جيلا يميل إلى الفردية في التعبير والمقاومة. وقالت في لقاء مع ''الخبر'': ''علينا أن نتخلص من فكرة الأسطورة ونبدأ بتغيير الأشياء البسيطة أولا''. حضرتم إلى الجزائر في إطار كلمات وكفاح ، فكيف تكافح الكاتبة والإعلامية الفلسطينية عدنية شلبي بالقلم؟
 الموضوع دقيق جدا، يجب أولا، أن نوضّح قضية أساسية وهي صعوبة الفصل بين أسلوب حياة المبدع وما يكتب، خاصة في الوضع الحالي، الذي أصبح منذ 15 سنة سيئا للغاية، في ظل عمليات التفكيك المقصود للمجتمع الفلسطيني، من قبل قوى الاحتلال. بدأت الانتفاضة الأولى وأنا عمري 13 سنة، كانت بداية الوعي بالقضية، كان هناك إحساس بالمجتمع والكرامة والانتماء، وكان هناك تضامن كبير وإحساس بظلم المحتل. فمثلا عندما كان الاحتلال يغلق المدارس، يجتمع أهل الحي وينشئون مدارس، يتحدون الحصار والتضييق، يتقاسمون القوت، كانت هناك مؤشرات ودوافع ومواقف إيجابية في المجتمع. حاليا إسرائيل دولة متقدمة في اختراع سبل الاحتلال، لقد دمّرونا كمجتمع، هناك 600 حاجز أمني بين المدن والقرى الفلسطينية، هناك جدران عديدة للفصل، فكّكتنا تماما كمجتمع، وانقسمت هكذا المعاناة وتلاشى التعبير عنها، ثم تحوّل المجتمع إلى النزعة الفردية في تصرفه، في معاناته، في تصديه للمحتل. أي كل شخص له مشاكله الخاصة مع المحتل ويحلها بمفرده، بدل من المقاومة الجماعية. هذه الوضعية انعكست في الخيال والإبداع، وبالتالي على المشهد الفكري والثقافي، حتى القصائد والروايات تحكي عن تجارب ذاتية فردية، وليس عن القضية ككل، فالتعامل مع الاحتلال في المجتمع أصبح بشكل فردي والتعامل معه أيضا أدبيا أصبح بشكل فردي.
 وماذا حدث وأين موقع الإبداع الأدبي في القضية؟
 لقد قضت اتفاقيات أوسلو على كل شيء كان موجودا، فالمحادثات والمفاوضات لم تكن مع المقاومين في الميدان، بل مع من كانوا خارج فلسطين، فأصبح الشعب معزولا عن القرار، رغم أنه يدفع الثمن. وابتعدت عنه خيوط العقد والربط، مع استمرار معاناته.. هذا انعكس في الإنتاج الأدبي. كان جيل درويش متماسكا مع الشعب، فجاءت كلماته معبّرة عن حالة الظلم والرفض. كانت إسرائيل تمنع ندواتهم وأمسياتهم الشعرية، كان لكلماتهم الأثر ومفعول المحرك، لكن عندما تم عزل الشعب وتفكيك المجتمع بالحواجز، انعزل الفعل الإبداعي عنه، فالذي بجنين لا يعلم بمعاناة الذي في الضفة ونابلس.. أدى تفكيك المجتمع بالحواجز والخنق من طرف الاحتلال، إلى تفكك المشهد الأدبي والثقافي في فلسطين، فمثلا الكتاب لا يتلاقون مثل السابق، أنا لا ألتقي كتاب غزة إلا في لندن أو أي مكان ماعدا فلسطين، وبالتالي لا يوجد نقاش، لا توجد خطة.
كانت هناك الانتفاضة الثانية التي حرّكت المشهد، ومع ذلك لم نجد نفس قوّة الإبداع؟
 ظهرت في الانتفاضة الثانية نصوص، كان هناك في السابق ثلاثة كتاب كبار، الآن هناك ثلاثون. لكن مقارنتها مع جيل العمالقة كمحمود درويش، سميح القاسم، فدوى طوقان وغيرهم، قيّدها، لذلك انتقمت من الوضع بأنها خالفت هذا الجيل.  صحيح هناك نوع من الإحباط، لكن الإنتاج الثقافي والأدبي كبير، هناك جيل جديد تماما ومختلف سواء من الأدباء أو الفنانين، خاصة أشير هنا إلى ظهور الفن البصري، من سينما وصورة وغيرها، وهو في تطور كبير، عكس الأدب الذي انطلق كبيرا في البدايات الأولى، وصعب جدا الآن أن ننتج ما أنتجه العباقرة قبله، وصعب أن نقارن أيضا، لأننا نظلم جيلا كاملا من الكتاب، كانت الآداب في حالة عظيمة وهي مرجعية قوية، لذلك يصعب الآن مجاراتها، أما الفنون البصرية فشهدت انطلاقة قوية، لأنها بدأت من الصفر لم تكن هناك مرجعية.
هل أنت متفائلة لواقع الثقافة الفلسطينية في ظل كل ما سبق؟
 كان لدى الجيل السابق أمل، لذلك تمتع بالقوة في التعامل مع الأحداث، أما الجيل الحالي ليس لديه نفس الأمل، لذلك هناك إحباط متواصل، ويعاني لكن بطريقة غير واضحة، وهناك تعامل مختلف مع الأوضاع، نحن نحاول اكتشاف كل شيء من كل مكان. ومع ذلك فأنا متفائلة جدا للمستقبل الثقافي، لقد حاول الاحتلال هدم فكرة أن هناك ثقافة فلسطينية، لكن كل ما يهدم، هناك إعادة بناء، وهذا ما يجعلنا نعيش. يجب أن نتوقف فقط، عن التفكير في الأسطورة أو في شيء خارق سيحدث، يجب أن نبدأ العمل من القاعدة على أمور صغيرة، وكل فرد يقدم أقصى ما لديه وأن نفكر في تغيير أساليب المقاومة، ونطرح التساؤل ما نوع المقاومة، نفتح النقاش بين الكتاب والمبدعين الفلسطينيين ونجيب عن سؤال، ماذا يمكن فعله لنوصل صرخة فلسطين؟ لكن عن طريق الحياة لا الموت.  
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)