الجزائر

القوى الغربية ترى في "الفوضى الخلاقة" أحد الحلول المتاحة



القوى الغربية ترى في
انبثق الاجتماع الذي نظم في باماكو منذ عامين بين الجزائر -التي دعت إليه- ودول الساحل المتكونة من مالي وموريتانيا والنيجر عن قرارات هامة أبرزها إنشاء تحالف عسكري متخصص في قمع الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للبلدان. وسيكون قوام هذا الجيش أولا 25000 عسكري ليبلغ 75000 وهو العدد المقدر للتصدي للقاعدة ببلاد المغرب. غير أنه وبعد سنتين من إطلاق المشروع لا بادرة في الأفق لتحقيقه بل قررت دول الميدان أن تذهب في سياق أمني آخر وتنشيء لها جيشا خاصا لتأمين الحدود. وكما يعرف المطلع على أمور الجيوش المحلية فإن حظوظ نجاح هذا الجيش ضعيفة جدا. القوى الغربية تتخذ لها قواعد عسكرية بالساحل دور دولي خفي ومشبوه كانت عدة معلومات متاحة كشفت عن تسارع وتيرة بناء قواعد عسكرية سرية (أمريكية، فرنسية، ألمانية) بشكل غير مسبوق في حجمه ونطاقه، خوفا من انتقال عدوى "الدعشنة" إلى الساحل الإفريقي وشمال إفريقيا. وبالطبع، إن هذا الفضاء الشاسع بوضعه الاستراتيجي، وأهمية جغرافيته السياسية، واكتشاف ثروات طبيعية هائلة فيه، باتت من جديد مسرحا للتدخل الخارجي، وموضع منافسة شرسة بين القوى العظمى للحفاظ على مصالحها، وفرصة لإيجاد مواطئ قدم جديدة قرب مصادر الثروة الجديدة. يرى مراقبون أن المخاوف من التمدد الإرهابي زادت من هواجس الدول الكبرى حيث أجبرت فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا على تشديد الرقابة على منطقة الصحراء انطلاقا من النيجر أكثر المناطق الغنية باليورانيوم في العالم، والبلد الذي يملك شرائط حدودية مشتركة مع سبع دول (الجزائر (965 كلم)، ليبيا (354 كلم)، نيجيريا (1479 كلم)، بوركينا فاسو (628 كلم)، مالي (821 كلم)، تشاد (1175 كلم)، وبنين (266 كلم). وكشفت مجموعة الأبحاث والمعلومات حول السلم والأمن في تقريرها الصادر الشهر الماضي عن أربع قواعد عسكرية أمريكية (نيامي، ديركو، زيندر، أغولال)، ويتم بناء قاعدة جديدة في أغاديس، كما توجد أربع قواعد فرنسية في كل من منطقة أغاديس، وديفا، وتيلابيري، وزيندر، ويجري بناء قاعدة عسكرية أخرى ألمانية في نيامي. يتجلى التواجد والحضور الأمريكي العسكري في هذه المناطق عبر مبادرات عديدة أبرزها مبادرة محاربة الإرهاب عبر الصحراء. وتضاعف الدور الدولي بحصول واشنطن على تسهيلات من الجزائر وتونس ومصر تسمح بمرور طائرات حربية، والنزول الاضطراري للطائرات الأمريكية في قواعد جوية جزائرية، منذ اقتحام مقاتلين من ثماني جنسيات مختلفة مركب الغاز في تقنتورين بعين أميناس، والذي شكل أبرز حدث أمني في 16 يناير 2013، وغير بخطى متسارعة وتيرة تشديد المراقبة على منطقة جبال أفوغارس شمال مالي، وصولا إلى واد زوراك في جنوب الجزائر. لماذا كان مقترح الجزائر أمرا ذا أهمية الفرصة الضائعة فالقوة هذه التي كانت ستتشكل خلال 18 شهرا قوة مشتركة يصل قوامها إلى 75 ألف جندي لتأمين منطقة الساحل والصحراء التي تمتد عبر حدودها وستعمل الدول الأربع للسيطرة على المنطقة التي تشهد تصعيدا في هجمات الجناح المغربي لتنظيم القاعدة في شمال إفريقيا فضلا عن نشاط المهربين المحليين. القرار الثاني أن البلدان الأربعة لا تنوي تحويل "الساحل إلى ساحة حرب كما في أفغانستان حيث نرى جنودا يسيرون دوريات مع عشرات الكيلوغرامات من الأسلحة على ظهورهم" كما قال وزير الخارجية المالي مصيفا "نحن نريد القيام بأعمال دائمة وجعل الصحراء الكبرى منطقة استقرار لناحية الأعمال والتعاون العسكري". القرار الثالث أن الحلف الجزائري الساحلي اعتبر أن بلدانا أخرى، مثل تونس والمغرب، يجب أن تدخل في الشراكة لمحاربة القاعدة في المغرب الإسلامي كي يكون الحلف أكثر فعالية. وكان الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل قد أكد يوم الجمعة أن تعزيز التعاون على الحدود "حاسم" من أجل مواجهة تحدي الأمن والتنمية. وفي تدخل له لدى افتتاح الاجتماع الوزاري حول الأمن والتنمية في منطقة الساحل قال مساهل إن "تعزيز التعاون على الحدود حاسم بطبيعة الحال ليس من أجل مواجهة تحدي الأمن والتنمية فحسب بل وكذلك من أجل أن تستعيد الأواصر التي تربط بلداننا والتي نمت أولا بين سكان المناطق الحدودية طبيعتها الحقيقية". وحسب الوزير المنتدب فان هذا اللقاء هو بمثابة "شهادة متجددة عن التزامنا الفردي والجماعي بتعزيز الأمن ومواصلة تنمية منطقتنا التي نعتزم تحسين صورتها كفضاء للهدوء والإستقرار". وذكر في هذا الصدد بان ندوة الجزائر المنعقدة في مارس 2010 " قد سمحت بتحديد معالم مقاربة مشتركة والمبادئ المديرة لمنطقتنا وكذا الوسائل الواجب تسخيرها". كما جدد مساهل التأكيد على إرادة الدول المجاورة في ارساء شراكة مع الفاعلين غير الاقليميين "كفيلة بتلبية احتياجات المنطقة". واقترح قائلا أن "هذه الشراكة موجهة نحو التكوين وتعزيز القدرات وتوفير التجهيزات والعدة اللازمة وتبادل المعلومات القرار الآخر المهم هو ما قد اتفقت الدول الأربع عليه بعد دعوة جهات غربية، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، من عقد قمة بالجزائر حول الإرهاب. دول الميدان غير قادرة على تأمين المنطقة الخطأ الاستراتيجي الفادح الذي سيكلف الدول غاليا بعد قمة دول مجموعة الساحل في باماكو تستعد العاصمة المالية لاستقبال اجتماع آخر حول الأمن ومكافحة الإرهاب خلال الأيام المقبلة. الهدف هو خلق جيش لتأمين المنطقة. ولكن من دون الجزائر يبدو هذا الاقتراح ضربا من العبث لأن دولة مالي مثلا لا يزيد تعداد جيشها النظامي على 5 آلاف عسكري بينما الجماعات المسلحة قد يربو مسلحوها على العشرة آلاف. وكانت هذه الدول وافقت قبل عامين على مبدأ تأسيس جيش قوامه 75 ألف عسكري يتمتع بصلاحيات واسعة ويكون له دور الشرطي في المنطقة. غير أن الأمور تطورت من السيء إلى الأسوأ بمنح هذه الدول قواعد عسكرية للقوى الأجنبية جالبة لنفسها المزيد من الويلات الأمنية. مفوض السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي إسماعيل الشرقي أعلن عقد اجتماع رفيع المستوى لمناقشة آليات تعزيز مكافحة الإرهاب في إفريقيا في نهاية شهر فبراير الجاري. وكانت الدول الخمس في مجموعة الساحل قررت إنشاء قوة مشتركة لتأمين المنطقة. وهو القرار الذي استدعى مثل هذا الاجتماع الإفريقي لتدعيم هذه الخطوة من قبل دول الساحل. مخاطر من كل جهة والجزائر ملتزمة بتأمين حدودها أولا تحذيرات ومخاطر غير واضحة المعالم الجزائر التي تبقى اللاعب القوي في المنطقة تتحرك حاليا على عدة جبهات عسكرية وأمنية ودبلوماسية لاحتواء الأزمة في دول الجوار وتأمين حدودها الخاصة أيضا لا سيما بعد التحذيرات التي أطلقها رئيس الجمهورية وهو أعلم بما كان يقول. فالظاهر أن هنالك أطرافا تعمل للإطاحة بالجزائر تحت غطاء الجماعات الإرهابية. وكأن هذا لا يكفي حتى زادت أطراف أخرى في عمق الأزمة بتحريكها فصائل الصراع من وراء الستار بمنح السلاح والدعم المالي للجماعات المسلحة وهذه أمور كثيرة ومتشابكة لا تبشر بخير. وكان التحذير الذي أطلقة وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" حمل الكير من المخاوف. وكان الرئيس النيجيري أحمدو إسوفو اعترف بضعف الجيوش المحلية أمام الإرهاب وكشف أن موضوع الأمن يشكل أولوية لدى نظامه، وإن البلاد تنفق 10 بالمائة من مواردها على الأمن. ودعا إسوفو إلى "وضع قوة مشتركة متعددة الجنسيات تضم قوات من البلدان الأعضاء في مجموعة دول الساحل الخمس على غرار التكتل الخاص ببحيرة تشاد". القوى العظمى مثل الولايات المتحدة وفرنسا لم يعجبها المقترح الجزائري وهي التي "أفتت" لدول الميدان أن يؤسسوا لمبادرة مثل هذه الظاهر أنها من دون القوة العسكرية الجزائرية ستموت في بيضتها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)