الجزائر

"القوة العسكرية العربية".. فخ كبير للجزائر!




تواجه الدبلوماسية الجزائرية في الوقت الراهن أحد أصعب اختباراتها، في ظل مشاهد إقليمية متفجرة في الجوار القريب أو في العمق العربي بالخليج، وبعيدا عن الملفات التقليدية التي تشغل العقل الدبلوماسي والسياسي في الجزائر كالملف الليبي والتوتر مع المغرب والأوضاع في مالي والساحل، وتزايد الهجمات الإرهابية في تونس، وغيرها من الملفات الإقليمية الملتهبة التي حسمت فيها الجزائر مواقفها وآرائها .غير أن المستجدات الجديدة لا تقل أهمية وحساسية عن هذه الملفات، هنا تبرز تحديات جديدة وجسيمة أمام الجزائر أولها قضية تشكيل قوة عربية للتدخل في الأزمات والساحات المتفجرة، طبعا هذه القوة مختلفة عن تحالف عاصفة الحزم الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن، ما يتم تسويقه أن القوة العربية ستكون لحماية الأمن القومي العربي في ظل التهديدات التي تواجه العرب، أبرزها انتشار الحركات الإرهابية والتمدد الإيراني في المنطقة.. الملفت للانتباه أن لا أحد من "عُراب" هذه المبادرة جاء على ذكر إسرائيل، رغم أن هذه الأخير أكبر تهديد تاريخي وحالي للأمن القومي العربي.. الواضح أن هذه القوة ستستعمل لتصفية حسابات النظام العربي مع الحركات المحسوبة على إيران "كما تريد السعودية " التي انطلقت من اليمن مع الحوثيين وقد تتدخل في سوريا بغطاء حماية المعارضة السورية هناك. كما ستستعمل لمحاربة حركات التطرف كداعش خاصة في ليبيا كما تسوق مصر. للتذكير جاء هذا المقترح أساسا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي استغل فرصة عملية عاصفة الحزم لإعادة تعويم مقترحه القديم بإنشاء قوة تدخل عربي ضد داعش في ليبيا، بعد ذبح 21 مصريا بسرت والتي رفضت حينها من أغلب الدول العربية، "خاصة الجزائر، تونس وقطر" التي خشيت أن يقوم السيسي بضرب جماعة فجر ليبيا المسيطرة على طرابلس وغرب ليبيا والمحسوبة على الإخوان المسلمين، ما دفع السيسي للتحرك وحيدا وقصف أنصار داعش بمدينة درنة وسرت بليبيا في حركة عسكرية انتقامية أكثر منها ضربة جدية لتغيير الواقع على الأرض. إذا القوة العربية التي قيل إنها ستحمي الأمن القومي العربي ستستعمل لتصفية حسابات سياسية ضيقة لبعض الأنظمة العربية مع خصومها وفي أحسن الأحوال ستستعمل ضد بعض المنظمات المتطرفة، هنا يحق التساؤل عن مصلحة الجزائر في المشاركة في قوة كهذه ولو من قبيل الدعم اللوجيستي والمادي، كما قال الوزير لعمامرة، بحكم أن الجيش الوطني الشعبي لا يمكن أن يقاتل خارج الحدود بأي شكل من الأشكال كما ينص الدستور الجزائري.. باستعراض بسيط لاحتمالات وتوقعات استخدام هذه القوة في الساحات العربية المشتعلة، سنجد أن الجزائر تواجه فخا كبيرا الآن.فهل ستقبل الجزائر مثلا بضرب حركة حماس، كما يطالب بعض المصريين والرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أثار المسألة في قمة شرم الشيخ، ومعروف أن للجزائر علاقة جيدة مع الحركة وقد استقبلتها في أكثر من مناسبة كما اعتبرتها حركة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي . والاهم من هذا، هل ستقبل الجزائر باستعمال هذه القوة تحت عنوان مكافحة الإرهاب لضرب جماعة فجر ليبيا المحسوبة على الإخوان المسلمين التي تسيطر على الجزء الغربي من البلاد وهو الجزء الذي يشترك مع الجزائر مئات الكيلومترات من الحدود، خاصة أن مصر والإمارات سبق وقصفت معسكرات فجر ليبيا، فيما تعتبر الجزائر هذا خطا أحمر وتدعو دائما إلى الحوار بين الأطراف الليبية، باستثناء الحركات الإرهابية كداعش.هذه القوة قد تستخدم أيضا بضغط من السعودية ضد النظام السوري والجماعات الشيعية في سوريا، والجزائر معروف أنها تطالب بحل سياسي في هذا البلد ووقفت دائما ضد العمل العسكري هناك من أي طرف كان. كما قد تستخدم في لبنان ضد حزب الله إن هو فكر في حسم الأمور هناك ضد تيار المستقبل الموالي للسعودية كما حدث من قبل سنة 2007. كما قد يجر أي تدخل لهذه القوة المرتقبة في ساحة من الساحات حربا شاملة في الشرق الأوسط بين العرب وإيران التي ترتبط بعلاقات جيدة مع الجزائر أيضا، مما سبق يظهر أن القوة العربية ستكون فخا كبيرا للجزائر في مختلف المسارح الاقليمية والعربية المتفجرة والتي تتبنى فيها الجزائر مواقف معتدلة تنادي بالحوار والحلول السلمية، وأي مشاركة ودعم للقوة العربية العسكرية يجب أن يكون بعد تحديد صلاحياتها وآليات اتخاذ القرار لاستخدامها




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)