الجزائر

القنوط••• بسرعة أكثر من الموت



في التسعينيات بدأت على النص الملتبس بالتشظي والكآبة المزمنة لكنها كآبة غير منكسرة، هي بمثابة شاهد حي على زمن جزائري جريح، صاخب، راكض، مشتعل إلى حد الإلتهاب، وهذا النص متعدد، أحيانا غير واضح الملامح والمسارات لأنه في طور التشكل والتكون، وهو بعيد عن سلطة السكون والنمطية والتقليدوية حتى وإن تزينت
بالأشكال الحداثية·· اقتربت منه بصورة أكثر حميمية في تجربة مسرحية ''البعد السابع'' لفرقة مسرحية هاوية بقسنطينة، وهذا النص اعتمد على مرئية صاخبة وروحية حاذت تجربة مسرح القسوة لأنطونين آرتو وتمازجت مع طقوس الإحتفالية الإسلامية بالموت ومع التجربة الروحية والجسدية الشبقية للمتصوفة من الطريقة العيساوية·· كان صاحب الفرقة / التجربة، والنص/ التجربة إسمه سيمود·· اشتغل على تجلي النص في الجسد، جسد الممثل، لكن الجسد الناطق بالكلمات، يصور الكلمات ويصور المعنى·· للأسف، التجربة لم تكتمل لأن الفرقة حوصرت وشردت، وتعرض بعض أفرادها للتهميش وللمرض العصبي·· ثم حاولت خوض هذا النص والذي أسميه بنص القنوط في لقائي في العام ,1996 مع المخرج عز الدين عبار، وحاولت الحفر فيه وعليه من خلال ثلاث تجارب مسرحية وهي في الحقيقة عبارة عن تجربة واحدة بأصوات متعددة مع نفس المخرج، بدأت بمسرحية ''هابيل وهابيل''·· ثم ''نون'' وانتهاء ب ''ليل آلموت'' وكانت هذه التجارب بمثابة التمهيد التدشيني، لما أسميه ''بمسرح القنوط''·· وعندما اطلعت مؤخرا على مجموعة بوزيد حرز الله الشعرية ''بسرعة أكثر من الموت'' اكتشفت وجها آخر لهذا النص، نص القنوط، أو شعر القنوط·· وبرغم تعدد القصائد، فهي تشكل قصيدة واحدة في تنوعها وأصواتها وألوانها لتصل إلى الذروة مع نص السينات··· وهو نص تتزاحم فيه الظلال بالألوان لتتشكل عبرها المعاني أو المعنى الملحمة المعنى/ المجرى، المعنى/ النهر الذي يصب في الذات عينها كلسان فصيح ومخرب للتخريب ذاته عبر الكلمات والحالات والحيرات والتمزقات تتخذ الكلمات في نص السينات وضعيات غير وضعياتها المألوفة، تتحول إلى كائنات كاشفة عن كل الزوايا المعششة فينا بروائحها الفاضية والمفعمة بالعذابات والصراخات، تتزاحم الكلمات جنبا إلى جنب ''التقوى، القبل، الله، العقاب'' وذاك العمى الذي يأخذك إلى حيث اللاغفران واللاتوبة واللاركون···




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)