هل يمكن اعتبار الإنسان معمر القذافي آية من آيات الله كما كان فرعون؟ لقد مكن الله للقذافي ليكون ملك ملوك إفريقيا، ومكن له كي يحكم شعبه بتعاليم ''الكتاب الأخضر''، وهي مجرد أفكار متناثرة من وحي صاحبها. ومكن الله للقذافي أن يسوس شعبه 42 سنة بالحديد والنار، ثم يأتي اليوم ليكرر في خطاباته نكتة ''لست رئيسا عليكم!''. المقصود بكون القذافي آية من آيات الله، هو إظهار المعجزة في قيام شخص مجنون بإدارة شؤون ملايين البشر وفق مزاج شخصي. وها نحن اليوم نقف على التفاصيل الأخيرة لنهاية المعجزة.
ومن استمع لخطابات القذافي، يجد نفسه قد جلس أمام التلفزيون وكأنه أمام بهلوان وليس رئيس دولة، فكلامه مضحك ولو كان المقام مبكيا.
ومن استمع للقذافي وهو يلقي خطاباته، وهم بالمناسبة يعدون بالملايين سواء أكانوا من شعب ليبيا أو البلدان العربية الأخرى، لابد أن يتساءل عن طريقة تفكير هذا ''المخلوق'' العجيب، الذي مازال يعيش في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. القذافي ما زال يتحدث عن تحرير ليبيا وحروبه ضد السادات وبورفيبة والطليان والأمريكان، ومازال يتحدث مع شباب الفايسبوك في 2011 بمنطق أنا المجد والتاريخ. ألا يعرف القذافي بأن الناس تتندر على الليبيين بقولهم إن ''الصابون في ليبيا مكتوب عليه لا يؤكل''، وأن ''علبة الياوورت مكتوب بداخلها كلمة انتهى حتى يتوقف مستهلكها عندما يصل إلى قاع العلبة''.
لقد استخف القذافي بشعبه كثيرا لدرجة أنه لم يحس بأن ''الماء جرى تحته'' كما يقال في الجزائر، وإلا ما معنى أن يقول لهم ''أنا ليس لدي منصب ولو كنت رئيسا لرميت الاستقالة في وجوهكم، وأنا زعيم ولا أختلف في شيء عن ملكة بريطانيا التي تملك ولا تحكم''. إذا لم يفهم الليبيون هذه المرة فلن يفهموا بعدها أبدا.
ومن مكاني البعيد أتطوع لأشرح ما فهمته من خطابات القذافي: إنه يقول: بقيت بيني وبينكم فقط لغة الرصاص، ويقول لأهل بنغازي أنتم أعدائي، ويشير من طرف خفي إلى أنه سيبقى متمسكا بجزء من ليبيا يحكم فيه من يريد أن يبقى تحت حكمه.
ومع أن المقام لا يسمح بالتنكيت، إلا أن ذهاب القذافي سيترك فراغا رهيبا في عالم النكتة التي تصدر من الرؤساء وعلية القوم وليس عامة الشعب. فالقذافي وحده هو من أبدع في استعمال كلمات ''الجرذان'' و''الكلاب'' و''المقملين''، ليصف أعداءه في داخل وخارج ليبيا.
belramddz@yahoo.fr
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 01/03/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : رمضان بلعمري
المصدر : www.elkhabar.com