الجزائر

القارة السمراء تُبنى بسواعد أبنائها



عُرضت مسرحية "إفريقيا 45- 60"، أول أمس الأحد، في ختام منافسة المهرجان المحلي 13 للمسرح المحترف بسيدي بلعباس، عن نص لولد عبد الرحمان كاكي، وإنتاج للجمعية الثقافية "الموجة" من مستغانم، برؤية إخراجية معاصرة للمخرج عادل طويل، حقق بها فرجة ماتعة، استحسنها الحاضرون، وتجاوب مع لوحاتها البهيجة، لما عادت لتتناول إفريقيا من جوانب عدة؛ على غرار أنها محط طمع الاستعمار الغربي، لثرواته الكبيرة التي تزخر بها القارة. وقد مرّر فكرة أن إفريقيا يبنيها أبناؤها.انطلق العمل بحيوية شدّت الجمهور. ومنذ الوهلة الأولى انخرط المشاهدون في المسرح الجهوي لسيدي بلعباس، للحركات المفعمة بالحماس. وظهر جليا اشتغال الممثلين بالنص، مدركين مضمونه، راسمين هدفهم في تجسيد الفرجة المسرحية بنجاح وتفوق.
المسرحية عبارة عن استعراض كوريغرافي غنائي لمجموعة من الممثلين الشباب، معدّل أعمارهم لا يتعدى 20 عاما، قدّموا عرضا احترافيا لافتا من خلال لوحات فنية متناسقة، الربط بينها كان سلسا.
وتبدأ قصة " إفريقيا" مع نضالها من أجل الحرية، والانعتاق من الاستعمار الغربي الذي طالها لعقود من الزمن، ثم سرعان ما ظهر تحد آخر واجه هذه القارة، تمثل في النزاعات الداخلية. كما أشارت المسرحية إلى الكم الهائل من الكنوز الاقتصادية والطبيعية والبشرية التي تتمتع بها القارة السمراء. وسردت أمجادها؛ من خلال ثورة التحرير الجزائرية في سبيل استرجاع الحرية والهوية، فضلا عن أن الجزائر كان لها فضل كبير على إفريقيا في مساندة حركاتها التحررية.
وشارك في العرض 15 ممثلا من مختلف الأعمار، لكنها لم تكن بذلك الإزعاج الذي يُحتمل أن يحدث. توحّدت حركاتهم، وتناسقت على إيقاع طبول إفريقية وأهازيج رتبها وألفها موسيقيا عبد القادر صوفي، أحالت المتفرج على الجذور الأولى للمسرح، وعلى إرادة الإنسان في التعبير من منطلق تراثه.
وأدت السينوغرافيا التي أعدها المخرج عادل طويل، دورها الوظيفي بمرونة، والتي تمثلت ببعض الأزياء، ونصب بعض البراميل؛ في إشارة إلى ثروة النفط التي تزخر بها، فضلا عن الألوان التي وشّحت الفضاء.
وعلى هامش العرض، قال المخرج عادل طويل إن دلالة الأرقام المذكورة في العنوان، تشير إلى 45 سنة من عمر الجمعية الثقافية "الموجة"، التي تُعدّ من أهم الفاعلين الثقافيين في مدينة مستغانم، مقابل 60 سنة من استرجاع السيادة الوطنية. والمسرحية نتاج تكوين انطلق في 2016، منهم من بدأوا أطفالا، واليوم هم شباب ويافعون. واحتاج التحضير للمسرحية أكثر من ستة أشهر من الاشتغال؛ لفهم نص ولد عبد الرحمان كاكي، الذي يتميز بقوة الفعل، وصعوبة تغييره.
واعترف المخرج بأنه وقع في صعوبة كبيرة في تجسيد النصّ لواحد من رواد المسرح الجزائري، وهو الراحل ولد عبد الرحمان كاكي، لكنه استطاع في الأخير، أن يقدم رؤيته بصورة معاصرة، رغم أن النص قديم، كُتب في ظروف غير الظروف التي نعيشها اليوم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)