عندما يتحدث الاستراتيجيون الأمريكيون عن الفوضى الخلاقة يكونون قد جمعوا بين مفهومين متناقضين خلافا لقواعد المنطق اللهم المنطق الوظيفي أو الذرائعي الذي تنبني عليه الفلسفة والثقافة والسياسة الأمريكية وميزتها أن التراجع في المواقف لا يسبب حرجا لأصحابها، وهي منهجية إذا عرفها المندهشون من سرعة اتخاذ المواقف داخل الدوائر السياسية الأمريكية، خاصة الخارجية منها وسرعة الانقلاب عليها يزول عجبهم من باب ''إذا عرف السبب زال العجب''.
ومن ثم فإن الفوضى الخلاقة تعني الفوضى المدروسة المفضية إلى نتائج محسوبة لتنتهي عند مفهوم ''الفوضى الوظيفية'' وما يزيد من تأكيد هذا المعنى أنها عبارة عن وصفة مثل الوصفة الطبية، خاصة بمنطقة محددة استعصت على التطويع ألا وهي الشرق الأوسط قبل أن تمتد لتشمل شمال إفريقيا، والأحداث التي تشهدها هذه الجغرافيا خير شاهد على ذلك.
ولأن الحكمة العربية تقول إن ''مصائب قوم عند قوم فوائد'' فإن الفوضى التي يشهدها العالم العربي والدمار الذي تخلفه سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وعسكريا هي فوائد عند مطلقي هذا المصطلح وراسمي استراتيجية تنفيذه والمحافظة على مصالحهم الاستراتيجية ما دامت كل نهضة صناعية أو فكرية أو اجتماعية في أي بقعة من العالم تعتبر في عرفهم مساسا بأمنهم القومي الاستراتيجي.
وليعلم أدوات هذه الفوضى الخلاقة التي يراد لها أن تسود المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج أنها ستزيد من الهيمنة الغربية وعلى رأسها الأمريكية على المنطقة، وستعيدها إلى عهود الانتدابات بعد إضعافها وجعلها كيانات عرقية ومذهبية وإثنية متصارعة لتضمن في النهاية أمن الدولة العبرية جبهة الحرب الغربية المتقدمة في خاصرة الأمة العربية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/06/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : اليوم ع سالم
المصدر : www.el-massa.com