الصور التي قدمتها خلال عرضك، تندرج ضمن أطروحة الدكتوراه الخاصة بك، كيف جاءتك فكرة الاشتغال في دار للمسنين؟
الفنان بشكل عام يندمج في مشاكل مجتمعه. الأمر بدأ بحادثة في تونس العاصمة، كنت أمشي في الشارع فوجدت امرأة مسنة تقوم بمداعبة خدها تعبيرا عن حاجة ورغبة في الحب، كانت حالتها سيئة جدا، ومن هنا فكرت في حالة هؤلاء المسنين الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة. من المؤسف أن الكثير منهم تعرّض للتخلي من طرف أبنائه، ليجدوا أنفسهم في أحسن الأحوال بدار للمسنين.
قمت بزيارة دار للمسنين لأفكر في طريقة للعمل، حينما بدأت العمل كان نظام بن علي قائما، السيدة الأولى حينها كانت تتولى ما يسمى جزافا نشاطا اجتماعيا، وبمجرد أن أعلنت رغبتي في الاشتغال على موضوع ديار المسنين، بدأت الصعوبات تواجهني. لم يكن من السهل الحصول على تساريح بالتصوير، في ظل نظام يحجر على حرية التعبير.
كيف سارت الأمور فيما بعد حتي تمكنت من إنجاز عملك؟
لقد أجبروني على الإمضاء على عقد، يمنحهم صلاحية اختيار الصور التي تحظى بالموافقة على أن أستغلها، لقد كان الأمر صعبا جدا. رغم هذا تمكنت من خداعهم نوعا ما، وقمت بتسريب بعض الصور، من بينها صورة المرأة الكفيفة التي وضعت في غرفتها صورة للرئيس المخلوع بن علي.
المشروع يحمل عدة أبعاد، منها الأكاديمية، الفنية والاجتماعية، ما هي الاستراتيجية التي قمت باتباعها لتخلقي نوعا من التوازن؟
أنا أؤمن جدا بإنسانية الإنسان. أنا أنطلق دائما من تصور معين، ثم أبحث عن بلورة هذا التصور دون أن أستفز أي شيء في محيطي، هناك طبعا تفاعل بين الفنان والواقع. العمل الأكاديمي ينطلق دائما من إشكالية تعالج تصورا معينا. الفكرة التي اشتغلت عليها هي الضعف الإنساني، والاشتغال يتطلب أدوات تشكيلية، كالإطارات، اختيار اللونين الأبيض والأسود، التعبيرات الجسمانية ··· وغيرها.
العرض الذي قمت بتقديمه كان مصحوبا بقراءات شعرية، كيف تقيمين هذه التجربة؟
أنا أكتب الشعر منذ سن الثانية عشرة، الآداب كانت عشقي الأول، وعندما تحصلت على البكالوريا كنت بين خياري الأدب والفنون التشكيلية، واستقر الأمر على الفنون التشكيلية التي تحتوي على الكثير من دروس الفلسفة، والأدب وتاريخ الفنون، وهذا أمر أجد نفسي فيه.
بالحديث عن العرض، أقول إنه طريقة لمسرحة الندوات، والخروج من الأطر المعتادة التي قد لا تناسب الجمهور، والدفع به إلى مناطق أكثر ألفة بالنسبة له. لم أجبر نفسي على الكتابة، لقد كانت تجربة مريرة كلفتني شهرين من الإحباط على سرير المرض، بعد ستة أشهر من معايشة يوميات هؤلاء المسنين. الأمر لم يكن تحليلا للصورة، هو قراءة شعرية مصاحبة لعرض الصور، مثل الموسيقى التصويرية.
هل تحسنت ظروف الفنانين التشكيليين في تونس بعد إسقاط نظام بن علي؟
نعم، وأنا سعيدة للأمر. هناك انفجار فني غير مسبوق في ظل انهيار نظام الحجب، هناك رقابة أخرى حاليا هي رقابة السلفيين الذين يريدون إعدام وجودنا، لكننا سنقاوم كل شيء، لن نقبل بأية ديكتاتورية مهما كانت إيديولوجيتها. مؤخرا، أقيمت فعالية اربيع الفن التشكيلي بتونسب، وكانت هناك الكثير من الأعمال الرائعة، التي تدل على حياة ثقافية جديدة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/06/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : يوسف بعلوج
المصدر : www.djazairnews.info