رحلة نزوح مستمرة من المخيّمات إلى الشوارع
الفلسطينيون مُحاصَرون بين التهجير والتقتيل
* نازحون: لا مكان آمن وأنهكنا النزوح المتكرّر
تشهد منطقة المواصي غربي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزّة والمناطق الشرقية لمدينة دير البلح (وسط) موجة نزوح جديدة بعد إصدار أوامر إخلاء جديدة تهدد حياة آلاف الفلسطينيين النازحين والقاطنين في تلك المناطق حيث أنهكهم النزوح المتكرر ومع تصاعد حدة الغارات الجوية والمدفعية وعمليات إطلاق النار يعيش سكان تلك المناطق حالة من الخوف والقلق ناهيك عن التساؤلات التي يطرحونها حول وجهتهم الجديدة في ظل حالة التكدس والاكتظاظ الكبير في المناطق الأخرى.
طالب جيش الاحتلال أمس السبت سكان مخيم المغازي للاجئين ومناطق أخرى وسط قطاع غزّة بإخلاء منازلهم استعدادا لشن عملية عسكرية بشكل فوري في مواصلة لتهجير الفلسطينيين قسرا.
جاء ذلك في بيان لمتحدث جيش الاحتلال للإعلام العربي أفيخاي أدرعي نشره بحسابه الرسمي على منصة إكس.
وشملت أوامر الإخلاء كل المتواجدين في بلوكات 2232 2340 2343 2245 2244 2243 2242 2241 2240 في منطقة المغازي وحارات شارع صلاح الدين ومنطقتي الفاروق والأمل وسط القطاع .
وزعم أدرعي أن ذلك يأتي على خلفية إطلاق قذائف صاروخية بشكل متواصل من قبل حماس والمنظمات الإرهابية من هذه المناطق وفق تعبيره.
وطالب متحدث جيش الاحتلال سكان هذه المناطق بالتوجه إلى ما يسمى المنطقة الإنسانية في المواصي غربي القطاع.
والجمعة قلص جيش الاحتلال مساحة المنطقة الإنسانية المكتظة بمئات الآلاف من النازحين بعد مطالبته لهم بإخلاء أجزاء واسعة منها لتنفيذ عملية عسكرية فيها.
والثلاثاء قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا إن جيش الاحتلال وضع منذ 7 أكتوبر الماضي نحو 84 بالمئة من مساحة قطاع غزّة تحت أوامر الإخلاء.
وأضافت في بيان أن النزوح في غزّة لا ينتهي أبدا الناس يفرون من أجل النجاة بحياتهم ويأخذون معهم ما يستطيعون حمله تاركين كل شيء آخر وراءهم .
وأوضحت الوكالة الأممية أن النازحين باتوا مرهقين ولا يجدون مكانا آمنا يلتجؤون إليه .
وخلال الأسابيع الأخيرة كثف جيش الاحتلال أوامر الإخلاء خصوصا في مدينتي خان يونس ودير البلح وبمناطق شمالي القطاع.
ويواجه أكثر من مليوني نازح في قطاع غزّة معاناة جراء رحلات النزوح المتكررة والممتدة منذ بداية الحرب حيث يقيم بعضهم في خيام أو مراكز إيواء أو أماكن أخرى مثل عيادات وسجون ومدن ألعاب وسط ظروف معيشية وإنسانية قاسية يفاقمها انتشار الأمراض والأوبئة ونقص المياه والأدوية.
ويضطر الفلسطينيون للنزوح من مكان إلى آخر بحثًا عن ملاذ آمن في ظل التهديدات ببدء عمليات عسكرية في مناطقهم السكنية.
*نزوح متكرر
الفلسطينية سماح أبو ارجيلة واحدة من عشرات آلاف الفلسطينيين الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم في المنطقة الشرقية في مدينة خان يونس والنزوح إلى مدينة أصداء غربًا هربًا من بطش آلة الحرب.
وتقول سماح بصوت حزين: نعيش في خيمة داخل مدينة أصداء بعد أن نزحنا من المنطقة الشرقية. والان جاء أمر جديد بالإخلاء من منطقة المواصي .
وتضيف: نحن عائلة من آلاف العائلات هنا الأطفال والنساء يشعرون بالخوف الشديد ويريدون النزوح من المنطقة خوفًا من الغارات لكن لا مكان آخر بديل نلجأ إليه .
وتستطرد السيدة الأربعينية وهي تكافح دموعها: لقد تعبنا من عملية النزوح المتكرر. ننتقل من مكان إلى مكان ولا يوجد أي مواصلات أو وسيلة نقل. نشعر بالتعب وعملية النزوح تتطلب مبالغ مالية كبيرة لكن لا نستطيع الآن دفع هذه المبالغ .
وتتابع بالقول: الطائرات تقصف المنطقة والأطفال خائفون. لا يوجد أي منطقة آمنة في قطاع غزّة .
وبينما تتجهز العائلات في الجوار للنزوح الجديد ناشدت سماح دول العالم بالضغط على الاحتلال لوقف هذه الحرب المدمرة وإغاثة سكان قطاع غزّة المنهكين.
ورغم كل محاولاتها للبقاء تعترف بصعوبة الوضع قائلة: سنحاول البقاء لكن لا مفر من النزوح. إن بقينا اليوم فسننزح غدًا .
*معاناة مستمرة
في مكان آخر بمنطقة المواصي تواجه الفلسطينية سلمى السوالمة نفس المأساة والمعاناة المستمرة التي تواجهها سماح أبو ارجيلة. وتقول: هذه عملية نزوح جديدة ولا نعرف أين سنذهب. منذ بداية الحرب ونحن ننزح من منطقة إلى أخرى .
وتضيف السيدة الأربعينية: الان ومع أوامر الإخلاء الجديدة نجد أنفسنا الآن نتجه نحو شاطئ البحر وسأبقى هناك حتى نجد مكانًا آخر مناسب .
وتعيل سلمى أسرة مكونة من 7 أفراد بسبب مرض زوجها الذي يعاني من نوبات صرع هستيري. وتبين أنه لا يستطيع النزوح مع العائلة والانتقال من مكان إلى آخر.
وقالت: سأقوم أنا والأولاد بالنزوح وسيبقى هنا حتى نتمكن من تأمين مكان آخر آمن .
وتشير إلى تعرض العائلة لإصابات في غارات سابقة على المواصي التي يدعي الاحتلال بانها منطقة آمنة لكنها ليست كذلك .
وتصف السيدة الغاضبة الوضع بمرارة: كانت هذه المنطقة إنسانية فقط بداية الحرب لكن الآن نتعرض لغارات مستمرة وعنيفة جدًا. دائمًا ما تحدث مجازر هنا واستهداف أبراج حمد كان نقطة تحول حيث وصلتنا الشظايا وعرّضتنا لخطر شديد .
ويضطر الفلسطينيون خلال نزوحهم إلى اللجوء لمنازل أقربائهم أو معارفهم حيث يقيم البعض في خيام ينصبوها في الشوارع والمدارس أو أماكن أخرى مثل السجون ومدن الألعاب في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية وتنتشر الأمراض.
وظهرت أعداد كبيرة من الأطفال والنساء في صفوف النازحين كانوا يسيرون على الأقدام في أراض وعرة متوجهين إلى مناطق غربي خان يونس في ظل ندرة المواصلات ووسائل النقل المختلفة بسبب عدم توفر الوقود بشكل كاف.
وحمل النازحون حقائب على ظهورهم وبعض الأغطية والأطعمة في طريقهم إلى مناطق النزوح الجديدة.
وحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزّة بلغ عدد النازحين داخل القطاع بسبب الحرب الحالية نحو 1.7 مليون شخص من إجمالي 2.3 مليون نسمة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 18/08/2024
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum.dz/ar/index.php