الرئيس الراحل عرفات أرعب الاحتلال لما كان حيّا و اليوم يخيفه و هو في القبر
الشارع الفلسطيني سئم من تعثر ملف المصاحة بين حركتي فتح و حماس
أبهرني وعي و التفاف الجزائريين بقيادتهم السياسية
أكد وسام أبو زيد الإعلامي الفلسطيني البارز و مراسل التلفزيون الجزائري بقطاع غزة ، أن ما بات يعرف بالربيع العربي لم يجلب سوى الخراب و الدمار لشعوبنا العربية ، و أضاف في الحوار الخاص الذي أجرته معه يومية " الجمهورية " ، أنه يتمنى أن تطوى هذه الصفحة لتحل محلها صفحة أخرى ملؤها الخير و الأمطار المباركات ، كما كشف لنا ذات الصحفي بأن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أرعب الإسرائليين لما كان حي يرزق و اليوم يرعبهم و هو مرتاح في قبره برام الله ، كما أشاد وسام أبو زيد بما سماه وعي الجزائريين و التفافهم بقيادتهم السياسية ، بالإضافة إلى أمور أخخخرى تابعوها في هذا الحوار :
الجمهورية : ما تعليقكم كإعلامي فيما يخص ، انضمام غواتيمالا إلى قائمة الدول المعترفة بدولة فلسطين " حرة ، مستقلة و ذات سيادة " ، وهل هذا الأمر سيعزز من الطرح الفلسطيني الداعي إلى الإسراع في تبني حل الدولتين بين الاحتلال الإسرائيلي و فلسطين ؟
وسام أبو زيد : إن انضمام غواتيمالا إلى قائمة الدول المعترفة بفلسطين يبرهن كم كان هذا العالم ظالما لقضيتنا لطوال سنوات الاحتلال وكأنهم يحاولون تصحيح مسارهم وأخطائهم ، وأن الأيام تكشف يوما بعد يوم من هي الدول التي تعاقب الشعب الفلسطيني وتتماشى مع سياسات الاحتلال ، فأي دولة تعترف بنا تدرك بأن قرار الجزائر لعام 1988 كان هو الصائب وهم يحذون حذوها وأعتبر أن الجزائر هي من قادت العالم لهذا الاعتراف ، ونجحت رغم مرور السنوات أن تجعل العالم يتعرف بنا ناهيك عن الجهد الدبلوماسي القوي الذي بذلته السلطة الفلسطينية لجمع اعتراف الدولة الفلسطينية كدولة بصفة مراقب .
أما حل الدولتين بالطرق السلمية أصبحنا لا نعول عليه كثيرا ، وحتى السلطة الفلسطينية نفسها تستاء من انحياز الولايات المتحدة الامريكية لإسرائيل وكان قرارها واضح بوقف المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان الذي التهم 80% من أراضينا منها 51% من اليهود مقابل 49 % من السكان الفلسطينيين .
الجمهورية : هل يمكن أن تصف لنا الأوضاع الحالية في غزة ، في ظل استمرار الحصار الصهيوني الغاشم على القطاع ، و ما هو السبيل الأمثل لتخفيف الخناق عن الغزاويين الذين ينتظرون المزيد من الدعم العربي لإخراجهم من معاناتهم اليومية التي يرزحون فيها ؟
وسام أبو زيد : الوضع بغزة في هذه الأيام مشوب بالحذر ، لأن الاحتلال عودنا على ضرباته الاستباقية في كل مرة خاصة بعد أن اخترق الهدنة المبرمة بينه وبين حركة حماس وفصائل المقاومة بعد الحرب الاخيرة على غزة لعدة مرات ، إضافة إلى منع الصياديين الفلسطينيين من ممارسة مهنة الصيد لمسافة 3 أميال بعد أن وافقت على 6 أميال ومن ثم تراجعت ( ... ) كما أن معبر كرم أبو سالم التجاري مازال رهن إشارة جنود الاحتلال الذين يتحكمون بالصادر والوارد إلى غزة من بضائع لا تكفي لسد حاجة السوق المحلية إلى جانب السولار الصناعي لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة مما يؤدي إلى انقطاع الكهرباء عن أهل القطاع لمدة تزيد عن 12 ساعة كاملة في اليوم ( بالتداول صباحا أحيانا ومساء أحيانا أخرى) .
بالفعل هي ظروف قاسية يعيشها سكان القطاع ، فأنواع الحصار الإسرائيلي كثيرة وعديدة كالحصار المالي وحجز العائدات الضريبية للسلطة والتي تستخدم لصرف رواتب الموظفين الذين يعتمدون اعتمادا كليا على رواتبهم الشهرية مايزيد من حالة الاحباط وتضاف أعدادهم إلى قائمة البطالة والعاطلين عن العمل .
الجمهورية : كيف تفسر عدم قيام الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال زيارته الأخيرة إلى منطقة الشرق الأوسط بزيارة ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات في رام الله ، و بالمقابل لم ينس في جولته التي قادته إلى الكيان الصهيوني ، الضحايا الذين وقعوا نتيجة ما يعرف عندهم ب " الهولوكست النازي " أثناء الحرب العالمية الثانية ؟
وسام أبو زيد : الرئيس الراحل ياسر عرفات أرعب الاحتلال وهو حي وعلى ما يبدوا أنه مازال يرعبهم وهو شهيد في قبره ، فإذا كان أوباما لا يريد تقبيل ضريح الرئيس ياسر عرفات فهناك الملايين يتمنون زيارة ضريحه ، وأولهم أنا حيث أتمنى من أعماق قلبي الوصول إلى مدينة رام لله الحبيبة ، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي دخول أهل غزة إلى الضفة ...
أما الشعب الفلسطيني يعلم منذ زمن بعيد ، انحياز الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل التي تعتبرها ابنها المدلل منذ أن وطأت قدمه أرض فلسطين التي تحتلها إسرائيل وفور نزوله من الطائرة قال بالحرف الواحد " جميل جدا أن أعود إلى هذه البلاد " و هذا الأمر يكشف القناع الحقيقي للولايات المتحدة ... والكثير من الكسؤولين الأمريكين الحاليين أظهروا صهيونيتهم أكثر من الصهاينة أنفسهم ...
الجمهورية : أجرى رئيس الدولة الفلسطينية محمود عباس مؤخرا محادثات مع الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر ، وقد تطرق الجانبان إلى العلاقات الثنائية بينهما و استعراض آخر التطورات على الساحة الفلسطينية لاسيما مبادرة السلام العربية ، كيف ترى الدور القطري في حلحلة الصراع العربي الإسرائيلي ، و هل تثقون صراحة في هذا الدور ؟
وسام أبو زيد : الحراك الدبلوماسي مهم ولا يمكن أن نتناساه أو تتركه السلطة الفلسطينية جانبا ، فالخيارات الأخرى ستكون أصعب بمعنى مواصلة الانتفاضة ومزيد من سفك دماء الفلسطينيين ، وإن كان هناك ضبابية في الدور القطري خاصة في الموقف الفلسطيني الداخلي بين حركتي وفتح وحماس ، إلا أن الفلسطينين يدركون بأن الصراع العربي الإسرائيلي أكبر من دولة قطر ويحتاج إلى جهد كافة الدول بعضها البعض ... لأنه كما يقال " إن اليد الواحدة لا يمكن أن تصفق " حتى وإن كانت قطر تحاول أن تجد لها مكانا بين الدول العربية والإسلامية .
الجمهورية : لا يزال لاجئون فلسطينيون جنوب غزة يواصلون اعتصامانهم احتجاجا على قيام وكالة غوث و تشغيل اللاجئين " الأونروا " بتقليص خدماتها في القطاع ، إذ وكما تعلمون قام البعض منهم بإغلاق و اقتحام المركز الرئيسي لتوزيع الغذاء في مدينة رفح و طرد الموظفين من المكاتب ، كيف تعلق على هذا القرار ، و لماذا جاء في هذا التوقيت بالذات ؟
وسام أبو زيد : قرار " الأنوروا " بتقليص خدماتها جاء في وقت يعاني فيه الفلسطينيون من ويلات الحصار الإسرائيلي ، وهذا مازاد من احتقان الشارع الفلسطيني خاصة فئة اللاجئين التي تستفيد من خدمات وكالة الغوث ، ورغم أن هذه الأخيرة تتحجج بتقديم خدمات للاجئين السوريين والفلسطينين نتيجة الحرب الدائرة هناك ، إلا أن هذه الأعذار لم يتقبلها الفلسطينييون ، لما للوكالة دور بارز في التخفيف من معاناة أهل غزة ، خاصة وأنها أنشئت لخدمتهم ... وأما إذا لا تريد خدمتهم فلتعيدهم إلى أرضهم التي هجّروا منها عام 1948 وعام 1967.
الجمهورية : رحب زعماء دينيون في منطقة الشرق الأوسط ، بالاتفاقية التي وقعها الرئيس محمود عباس و العاهل الأردني الملك عبد الله في عمان نهاية مارس الماضي لرعاية مدينة القدس و الأماكن المقدسة ،وقد أكد الشيخ عزام الخطيب مدير أوقاف القدس بالمناسبة " أن توقيع الاتفاق تأكيد لوضع قائم في مدينة القدس ، و لكن لا بد من توثيق هذه القضية كتابيا " ، هل بنظركم أن مثل هذه المبادرات من شأنها حماية المسجد الأقصى من خطر التهويد ؟
وسام أبو زيد : لا يمكن لنا أن نأكد نجاح أو فشل هذه الخطة الآن ، ولكن يمكن تقييمها بعد أيام أو أشهر أو سنوات ، ونقصد هنا هل تستطيع الأردن منع الاحتلال من تهويد القدس وهل تستطيع منع تهويد المدينة المقدسة ، وكيف ستحمي الأردن المسجد الأقصى من اقتحامات الصهايتة المستمرة ، وما هي وسيلة الردع التي تستخدمها لمنع ذلك ، كلها أسئلة نتركها لللأيام كي تجيبنا عنها ، نحن كعرب ومسلمين ما يهمنا هو هل كانت هذه الاتفاقية مهمة أم كانت مجرد حقنة تخدير لوضع قائم ... حينها سيعم الفشل على الجميع .
ومع ذلك فأي خطوة يمكنها أن تكون في صالح قضيتنا ، ويمكنها أن تمنع هذا المحتل من انتهاك المزيد من حرمات المسجد الأقصى وتاريخنا الإسلامي فنحن نأيّدها ونثمن دورها .
الجمهورية : علمنا مؤخرا عبر بعض وسائل الإعلام العربية ، أن إسرائيل قامت بتقليص مسافة الصيد في بحر غزة للصيادين الفلسطينيين إلى ثلاثة أميال فقط بعدما كانت في حدود ال 6 أميال ، كيف ترى هذا القرار المجحف ، و كيف تصف لنا حالة الصيادين بعد هذه الخطوة التي أقرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ؟
وسام أبو زيد : هذه الخطوة تعتبر خرق فاضح للتهدئة المبرمة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في الحرب الأخيرة على غزة ، وجاءت لتبرهن من جديد بأن إسرائيل لا تلتزم لا بالاتفاقيات ولا بأي هدنة ، وتستخدم العصا لتسيير الأحداث وتغيير الواقع بما يتناسب مع مصالحها الشخصية ، فحالة الصياديين الفلسطينيين لا يرثى لها ، إذ أن مسافة الصيد التي قلّصتها إلى 3 أميال ، لا يمكن أن تصطاد فيها كميات أسماك تدر عائدا وفيرا على مئات العائلات التي يعمل ابناؤها حرفة الصيد ، ورغم ذلك فإن الصيادين يغامرون بأنفسهم في الأميال ال 3 رغم اطلاق النار المباشر عليهم ، واعتقال الكثير منهم للبحث عن لقمة عيش كريمة في ظل أوضاع لا تبشر بالخير على بر القطاع فما بالك بالبحر ...
الجمهورية : هل تتوقع تقدما بخصوص ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية بين حركتي فتح و حماس ، اللتان اجتمعتا في قمة مصغرة أواسط شهر أفريل الجاري بالقاهرة ، و ما هي الحلول التي تراها مناسبة لدفع عجلة هذا الملف المتعثر ؟
وسام أبو زيد : لقد سئم الشارع الفلسطيني كافة الاجتماعات واللقاءات التي تعقد بين الحركتين وباقي الفصائل الفلسطينية لتحقيق ملف المصالحة ، لاسيما و أنه استهلك من الوقت خمس سنوات وأخذ من الأرواح الكثير من الأبرياء وزاد من تعقيد الأمورعلى أرض الواقع ، فبدلا من أن تكون لنا حكومة أضحت لدينا حكومتين وبدلا من أن يكون لنا وزير واحد بات لدينا وزيرين ونحن لم نستقل بعد (...) فماذا سيكون الحال بعد استقلال فلسطين يا ترى ؟ فإن وجدت الإرادة ، فتيقن أن ملف المصالحة سينجز بدون لقاءات وخسائر مادية نتيجة السفر الدائم و المستمر إلى العواصم العربية ، وإن لم تتوفر الغرادة فتيقن أن الانقسام سيبقى وهذا ما لا يتمناه الفلسطينيون الذين يتمنون لمّ الشمل الداخلي والتفرغ لمواجهة الاحتلال في ظل المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية ، و عليكم أن تطرحوا السؤال التالي لقد قضينا خمس سنوات في كتابة اتفاقيات على الورق ، فكم من الوقت ستأخذ لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه يا ترى ؟
الجمهورية : كيف ترى كإعلامي فلسطيني ملتزم الربيع العربي " المشؤوم " على شعوبنا العربية ، مع العلم أن عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح كان قد وصفه مؤخرا بالصيف القاحل ، و لماذا برأيكم تحول من ربيع إلى شتاء مكفهر ؟
وسام أبو زيد : أنا زرت الجزائر مؤخرا وسحرني جمالها الطبيعي وهدوء شوارعها وجمالها ورقة قلب شعبها ، فقلت حينها بيت شعر يلخص الحالة رغم أنني لست بشاعر ، فقلت سحقا للربيع إذا كان نتاجه الخراب والدمار ويا مرحبا بخريف يأتي بعده الخير والأمطار ، وأبهرني وعي الجزائريين بما يجري من حولهم والتفافهم حول قياداتهم السياسية .
الجمهورية : كيف ترى المساعي الرسمية و الشعبية الجزائرية الداعمة دائما للقضية الفلسطينية ، و ماذا تنتظرون من قيادتنا السياسية ، حتى تصلوا إلى هدفكم المنشود المتمثل في بناء دولتكم الحرة المستقلة في كنف السلم و الاستقرار ؟
وسام أبو زيد : يكفيني القول أن الرئيس محمود عباس قالها بعظمة لسانه " إن الجزائر هي الدولة العربية الوحيدة التي تلتزم بدفع ما عليها من التزامات لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ أن أنشأت " ، ويكفينا فخرا أن الجامعات الجزائرية تستقبل أكثر من 4000 طالب فلسطيني سنويا ويتخرجون منها اطباء ومحامين ومحاسبين ومهندسين وصحفيين أيضا والدليل أنني تخرجت من الجامعة الجزائرية التي أكن لها كل الاحترام و التقدير. فالجزائر لا تحتاج أن تبرهن على حبها لقضيتنا لأن الشعب الفلسطيني برمّته و بألوان طيفه يبادل الجزائر حبها واحترامها لقضيتنا ويحفظون الجملة الشهيرة " أن الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة " تلك العبارة التاريخية للرئيس الراحل هواري بومدين .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 15/04/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : قايدعمر هواري
المصدر : www.eldjoumhouria.dz