الفصل بين السلطات، صمام أمان الديمقراطية

يتوقف نجاح الديمقراطيات الحقيقية في الدول على مبدأ الفصل بين السلطات وإعطاء كل ذي حق حقه بعيدا وعدم الخلط بين الصلاحيات وتجاوز القوانين وتلك هي أسس الحكم الراشد والديمقراطية الحقيقية الشفافة التي لا تخدم الأشخاص بل تؤسس لنظم سياسية ناجحة وقد عانت الجزائر الكثير خلال العقود السابقة من مشكل تداخل الصلاحيات بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية فضلا عن تأثير المؤسسة العسكرية، مما ترتب عنه الكثير من المظالم وغياب سيادة القانون والفساد في الحكم الذي انعكس سلبيا على الوضعية الاقتصادية والمالية لبلادنا، وهي تراكمات خطيرة أبعدت الجزائر عن مسار التقدم والتطور وكانت خرابا حقيقيا للتنمية بكل جوانبها و حصرت الجزائر في فضاء التخلف لأن المشكل في بلادنا على غرار عدد من الدول الأخرى كان ولا يزال يكمن في عدم الفصل بين السلطات وبقاء البعض منها تابعا ومجردا من كل صلاحياته في وجود سلطات أخرى، ونأخذ هنا على سبيل المثال قطاع العدالة الذي ظل لعقود في خدمة السلطة التنفيذية مما ساعد على اتساع رقعة الفساد والفاسدين وما ترتب عن ذلك من انهيار للاقتصاد الوطني وسلب ونهب للمال العام دون حسيب ولا رقيب.إن المرحلة الهامة التي تعيشها الجزائر من خلال الحراك الشعبي، والاستعداد لتنظيم الانتخابات الرئاسية يوم 12 ديسمبر التي سيتمخض رئيس شرعي للجمهورية تعد بوابة لبلادنا للعبور إلى نظام حكم ويحترم صلاحيات السلطات ويرفض أي تداخل من شأنه المساس باستقلالية تلك السلطات إذا كنا نطمح حقا ونسعى جديا إلى بناء دولة القانون التي تكرس وتجسد الديمقراطية الحقيقية ، وتضمن تحقيق العدالة وسيادة القانون الذي هو فوق الجميع لا يميز بين هذا وذاك ولعل أهم نقطة في أهمية الفصل بين السلطات هي حماية السلطة القضائية من أية تدخلات وضغوط من أي جهة كانت مهما كان ثقلها و قوة تأثيرها، وبناء على هذا فإن أي إقلاع صحيح لدواليب الحكم على أسس صحيحة يجب أن يمر عبر هذا الفصل بين السلطات لضمان شفافية الحكم، والمتابعة القانونية، ومبدأ محاكمة كل فاسد لتفادي الكوارث التي سببتها عقود التسيير الخاطئ لشؤون البلاد في كل المجالات.