«لبنان أقوى من التفجيرات"، هذا ما يقف عنده كل المتتبعين لشأن التطورات الأمنية وحتى السياسية في هذا البلد.. فمهما كانت الجهة التي "تتسلل" إليها السيارات المفخخة في الضاحية الجنوبية أو طرابلس.. فإن قادة الرأي يدينون أشد الإدانة العمل الإرهابي والفعل الإجرامي الذي يسقط ضحايا أبرياء.. لا ناقة ولا جمل لهم في كل الصراعات التي تشهدها المنطقة إلى درجة الرعب والهستيريا.جمال أوكيليلابُد من التأكيد هنا بأن الفراغ السياسي في لبنان فتح الباب على مصراعيه لخيارات أخرى.. لم تكن لتحدث لو اتفق الجميع على حل وسط.. يعجل بأن تسوّى الملفات العالقة.. والقضايا الشائكة.. والمسائل الحساسة، ولو ما يعرف بالمرحلة الانتقالية.. التي تسمح بإعادة النظر في أداء وتركيبة المؤسسات وفق منطق مخالف لما هو سائد في الوقت الراهن.لكن للأسف، سرعة الأحداث في سوريا أخلطت كل الأوراق بصفة أقلقت قيادات البلد وعلى رأسهم السيد ميشال سليمان، الذي يعي حقا الرهانات الصعبة والمعقدة.. في الوقت الحاضر.. داعيا في كل مرة الفرقاء إلى التفكير مليّا في المنعطف الحاسم والتاريخي للبنان وهذا بالكف عن جعل البلد حديقة خلفية للآخرين.. في استعراض عضلاتهم بتدمير الوطن باسم "استراتيجيات" يدفع ثمنها اللبنانيون اليوم.عقلاء هذا البلد ليسوا في حاجة إلى "سياسيين" يتمتعون بكل هذه العبقرية في قتل الناس.. تارة يأمرون بتوجيه ضربة قاسية للشيعة وتارة أخرى يتعهدون بالثأر من السنة وهكذا دواليك.. لقد انحرفوا عن المهام النبيلة التي خوّلها إياهم جمهورهم.. بدلا من نقل مشاكل لبنان إلى إطار منظم لمناقشتها ألا وهو مجلس النواب.. فضل البعض الشارع وهذا باستخدام الانتحاريين أو المفخخات.. ومثل هذا الأسلوب مرفوض جملة وتفصيلا ولن يقبل به أي لبناني حر. ويجب أن نقر هنا بأن الوضع الأمني والسياسي في هذا البلد بلغ درجة دقيقة.. لا يبنى على القراءات الوهمية التي تقترب إلى التخمينات.. لأن ذلك سيمدد في عمر الأزمة.. ويؤجل التفاهمات إلى أجل غير مسمى وتتعقد الأمور أكثر فأكثر.وهي المسؤولية التي يتحملها هؤلاء.. نظرا لتدخلهم المباشرة في المشهد الدائر هناك.. والأحداث الواقعة من حين لآخر.. وهذا كله في غياب حد أدنى من بوادر إطلاق حوار وطني حقيقي.. لا تكون أبدا غائيته.. "غالب ومغلوب" أو البحث عن مجد ضائع أو فرض منطق القوة على الآخر.. يجب أن تمحى هذه العناوين من قاموس اللبنانيين قصد بناء الوطن وفق نيات صادقة وإرادات قوية تراعي حقوق الأجيال في وطن آمن.. همّهم هو الاستقرار ثم الاستقرار لا يخافون السير في شوارع مليئة بالسيارات.وإلى غاية اليوم، فإن السجال لبناني - لبناني محصور بين السنة والشعية بسبب خلافاتهما حول التطورات الحاصلة في سوريا.ولم يقحم الطرف الثالث في كل هذه التفجيرات.. حزب الله كان يوجه أصابع الاتهام لاسرائيل.. وتيار المستقبل لا يرى في متاعب لبنان إلا سوريا.. وبتوسيع دائرة هذه التدخلات المباشرة في شؤون هذا البلد.. أصبحت فرضية معرفة "ناشري الفوضى" أمرا محيرا فعلا ومقلقا حقا، إلى سقف جعل الكثير يبدي استغرابه.. للخلل والهفوات التي لحقت بالجهاز الأمني لحزب الله، الذي له تجربة رائدة في الكشف عن خلايا التجسس ل«الموساد" في لبنان منها الناشطة أو النائمة، خاصة تلك التي كانت تعمل في الاتصالات أو التي تترقب الشخصيات الفاعلة.. لذلك، فإن حزب الله يدرك أن الجهة التي تقف وراء كل هذا لها تنظيم جيد.. وشبكة لها امتدادات وإسناد يتطلب الأمر وقتا ومساعدة لاكتشافها.. واحتواء أذاها المتواصل للبلاد والعباد.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/01/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الشعب
المصدر : www.ech-chaab.net