تشير المعطيات المتصلة بزيارة الرئيس المالي أمادو توماني توري، للجزائر، إلى رغبة باماكو، مع قرب انقضاء عهدته الرئاسية، في مراجعة إستراتيجيتها الأمنية المشتركة مع دول الساحل، في سعي، مع الجانب الجزائري، إلى افتكاك تفهم بشأن موقفها من مسألة دفع الفدية .
يخيّم التعاون الأمني بين الجزائر وباماكو على محادثات الرئيس بوتفليقة مع نظيره توري، ويكون للحملة الدولية التي قادتها الجزائر بتجريم دفع الفدية لعناصر القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إسقاط مباشر على ما يبديه الرئيس المالي من مواقف قد تكون جديدة، تبنى على ضمانات بالامتناع عن الرضوخ للقاعدة التي اعتادت جماعاتها الإرهابية على اشتراط دفع الفدية مقابل الإفراج عن المختطفين. وأرسلت باماكو إشارات قوية توحي بذلك، بدأت من إبرامها عقدا بشراء عتاد عسكري من الجزائر يشحن الأسبوع المقبل وتبلغ قيمته مليوني أورو، في انتظار عقد آخر كشف عنه توري خلال زيارته لمؤسسة سوناكوم برويبة أول أمس، بينما ظهرت إشارات أخرى من خلال ما أورده الإعلام المالي أمس، من أن أمادو توري يحمل تعهدا للرئيس بوتفليقة يقضي بعدم السماح بعمليات تفاوض بين القاعدة والجماعات الإرهابية، بشأن دفع فديات على عمليات الاختطاف التي تطال الأجانب على ترابه، لكن جزءا من الإعلام المالي تحدث أيضا عن مطرقة وسندان، تقع بينهما بلادهم، وهذا بين ضغوط جزائرية لحمل شريكها ضمن حلف الساحل المحارب للقاعدة على الإعلان الصريح بعدم قبولها أو السماح للجماعات الإرهابية بفرض شروطها، وفي مقدمتها، الحصول على الأموال مقابل الإفراج عن رهائن تختطفهم. في المقابل تئن باماكو تحت ضغط فرنسي، تشير من خلاله باريس على باماكو بلغة التحذير من اختطاف مواطنيها، ومن عدم اتخاذ ما يمكن لتحريرهم، حتى ولو اقتضى الأمر دفع الأموال للإرهابيين، كما فعلوا لتحرير مواطنهم (بيار كامات) من قبضة القاعدة. وتأتي زيارة توري في ظرف أمني حساس يحمل، أكثر من أي وقت مضى، الرئيس المالي، على اتخاذ موقف صريح بشأنه، ويتعلق الأمر بعملية الاختطاف التي تعرض لها الرعايا الثلاثة، الإسبانيان والإيطالي، ليلة السبت إلى الأحد، من مخيم الرابوني، بتندوف، خاصة وأن الخاطفين تسللوا من التراب المالي، الأمر الذي أربك الحكومة المالية من احتمال طلب القاعدة التفاوض على الفدية، على الأراضي المالية، حيث تتحرج باماكو وتتحفظ على التعليق بشأن الحادثة، مقابل موقف جزائري واضح وصريح، بشأن الفدية، غذته كل من الولايات المتحدة الأمريكية من خلال كاتب الدولة لشؤون شمال إفريقيا الذي زار الجزائر أول أمس، وعبّر عن مشاطرة بلاده الكثير مما تقوم به الجزائر في مكافحة الإرهاب، وكذلك، وزير الشؤون الخارجية البريطاني، وليام هيغ الذي حمل للجزائر نفس الرؤية فيما يتعلق بالإرهاب.
وكان للرئيس المالي لقاءات متعددة مع المسؤولين الجزائريين، حيث التقى الرئيس بوتفليقة، وصرح عقب محادثاته معه أن محور الجزائر ومالي يوجد في حالة جيدة وهو يتعزز بشكل كبير ، بفضل تعاون ثنائي متنوع ومتواصل بين البلدين. وعلى الصعيد الأمني أوضح الرئيس المالي أنه حلل بطريقة معمقة مع الرئيس بوتفليقة الوضع في الشريط الساحلي الصحراوي الذي ـ كما قال ـ يشغلنا أكثر فأكثر . ولاحظ في هذا الصدد أن المنطقة كانت منطقة ضعيفة تواجه تهديدات عديدة وصعوبات شتى، ولكن اليوم هناك معطى جديدا، حيث نتحدث كثيرا عن وجود جماعات منظمة ومسلحة بأسلحة ثقيلة بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها ليبيا .
وأضاف الرئيس المالي أن الوضع أضحى بالتالي مقلقا أكثر فأكثر، واعتقد أننا نتقاسم، بصفتنا بلدين جارين، نفس التصور حول هذه المسألة . وأبى الرئيس توماني توري من جهة أخرى إلا أن يحيّي في تصريحه الرئيس بوتفليقة الذي يعد أكثر الجزائريين انتماء لمالي وأكثر الماليين انتماء للجزائر ، واصفا إياه بـ أكبر المدافعين عن القضايا الإفريقية .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/10/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: محمد شراق
المصدر : www.elkhabar.com