الجزائر

''الفتنة'' لتعويض المنافسة


 تركز الحملة المسبقة التي تديرها أحزاب الحكومة والتحالف الرئاسي، حول إثارة فتنة بخصوص مقاصد منافسيهم، باتهامهم باستهداف الكراسي والمزايا. ربما تبني تلك الأحزاب اتهاماتها على تجربة خاصة،  استفادت هي منها وأوصلتها إلى حيث هي اليوم.
يتطلب الحديث عن التشغيل وعن الرفاهية، تقديم بدائل عن الجمود الذي يطبع أفكار السياسي ، وعن الركود المميز للاقتصاد. ويتجاوز الأمر مجرد خطاب ووعود. فهل ما تعرضه أحزاب الحكم يتجاوب مع مطلب اقتراح بدائل عملية وعلمية؟
تبيّن التجربة أنها رفعت وعودا أكبر منها وعجزت عن خلق فرص أخرى لتغيير حياة المواطنين، وأرقام الديوان الوطني للإحصاء، هي من بين أدلة فشل الانتقال الاقتصادي والاجتماعي.
تقول أرقام تحقيق وطني أنجزه الديوان، خلال عام 2011، بأن الاقتصاد الجزائري خارج المحروقات، يتشكل من تجار معظمهم تجار التجزئة، ثم قطاع النقل والخدمات. ولا ينكر وزير التجارة حقيقة أخرى، مفادها أن أغلبية نشاط هؤلاء التجار يتم خارج المسار القانوني، وهو ما يفسر عجز السلطة عن فرض التعامل بالصك، عن كل قيمة تتجاوز 50 مليون سنتيم وصمتها عن محتوى تقرير لجنة الزيت والسكر.
فكيف تعجز، ولماذا؟
نعثـر على جزء من الجواب، عندما ندير الاهتمام باتجاه منظمة الباترونا ، فهي طرف في الثلاثية، برقم أعمال يقارب 9 ملايير دولار سنويا، ومع ذلك، لا تتمتع بـ هيبة سياسية ولا بثقل اجتماعي ولا بتأثير اقتصادي، بل وتفضل عليه السلطات، القطاع الخاص الأجنبي، من خلال الاعتماد على وسائط الاستيراد.
توجد حاليا أموال نائمة وثروة نفطية ومائية، تستقطب اهتمام الأجانب وشركاتهم الخاصة. وتسعى، من دون شك، أكثـر من دولة للفوز بحصة أكبر.والسؤال، كيف نتصور دور وقوة القطاع الخاص في الجزائر. هل نفضل عليه اقتصاد البازار أو نفضل عليه استمرار تدخل الخزينة لدفع الرواتب وامتصاص إفلاس الشركات العمومية، من أجل شراء سلم اجتماعي لفترة أو نستخدم مال الخزينة في شلّ الحركة المطلبية لنقابيين، يفضلون الدفاع عن رسالة؟
إن المطالبة بشل دور الباترونا أو تصغير نشاطها، تعد دعوة إلى المساهمة في إفلاس البلد من أي مبادرة تنموية. فقد عجزت الدولة، بقوة هيمنتها، عن تكوين من ينجز مشاريع بناء السكن والطرقات أو السدود. وتوضح برامج تمويل مشاريع التشغيل، كيف يفضل الجميع الحلول السهلة عندما يتعلق الأمر بتوزيع المال في مشاريع نقل المسافرين ونقل البضائع.
وتكشف أحداث جانفي 2011، قبضة المال الذي يتحكم في التجارة الموازية وأيضا بالشارع. من الناحية السياسية، فإن قوة هذه الفئة ليست له عنوان ولا مرجعية مهيكلة. عكس الحالة، عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع منظمة للخواص، لها وجود قانوني واقتصادي، أي لها وجود سياسي.
وتتضح الحقيقة أكثـر، بفضل تحقيق ديوان الإحصاءات، أبرز فيه تفضيل البنوك العمومية مرافقة مشاريع الاستيراد (حوالي 20 مليار دولار العام 2011)، على مشاريع تنموية، تتقدم بها شركات خاصة محلية. والمعروف أن البنوك الجزائرية لا تتعامل من نفسها مع المحيط، فهي واحدة من أدوات يستعملها السياسي.
وينعكس الخلط بين المهام والاختصاصات، على ترتيب سلم للأولويات. ومن الغريب أن نرى مثلا حكومة تدعي كل الأوصاف والقيم المدافعة عن الوطنية ، وترسم لنفسها لوحة، تصور فيها غيرتها في الدفاع عن القرار السيادي، يتهاوى كبرياؤها مع كل ملف مشروع تنموي جزائري يتم رفضه، مقابل تفريغ سفينة حمولتها تفاح ولوز.
والأمر الذي يشين العملية السياسية، هو احتكار التنافس للفوز بالمزايا والحصول على هدايا.. أي تأجيل الحل بالاعتماد على نفس العنوان وعلى نفس الوجوه.

 hakimbelbati@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)