أصبح موقع الصفحة الاجتماعية الفايسبوك الشغل الشاغل للجميع بالعيد، حيث تجد سيلا من الرسائل القصيرة للمعايدات والتهاني تتدفق على هاتفك المحمول، ويتفنن الجميع في انتقاء أجمل رسائل المعايدات لإرسالها بكبسة زر واحدة لكل قريب وبعيد من أجل اختصار الوقت ، لكل ما تتضمنه لائحة الأسماء المسجلة بموقع الفايسبوك.
حيث ان طريقة «المعايدات الإلكترونية» التي درجت مع التطور التكنولوجي في السنوات الأخيرة، نجحت في تجاوز حواجز الزمان والمكان ، حيث أنها حلت محل المعايدة التقليدية ، وبدلاً من الزيارات والمصافحة لتبادل التهاني مباشرة أصبح الناس خاصة فئة الشباب يفضلون تقديم تهانيهم عبر شبكة الإنترنت ورسائل الهاتف النقال.
شباب يبدع في المعايدة الالكترونية..
ابتكر شباب اليوم وسائل عديدة وطرق جد جميلة وإبداعية، لإرسال التهاني من نصوص خفيفة الظل و دينية ، إضافة إلى طرق تصميم هذه المعايدات المميزة، واللافت في الأمر أن موقع "الفايسبوك" أصبح الموقع الأكثر شعبية و استخداما في الاتصال بالأقارب و الأصدقاء ، خصوصا في المناسبات الدينية و الأعياد كعيد الأضحى المبارك، لدرجة أنها تمكنت من أن تصبح بديلا عن كل وسيلة للترابط والتواصل المباشر بين الناس.
ومما لا شك فيه أن مواقع التواصل الاجتماعي، توحي بتحولات مجتمعية كبيرة جداً، لعل أهمها أن التقنية أعادت تشكيل علاقات الناس بين بعضها البعض، إذ يكفي في لغة التواصل الإلكتروني الجديدة كتابة رسالة المعايدة ، وتحديد الكل والضغط على زر «الإرسال»، و بهذا يكون الشخص قد هنأ جميع أصدقائه الذين تمت إضافتهم على صفحته الفيسبوكية، للتواصل مع أكبر عدد من الأصدقاء مهما كانت المسافة التي تبعده عنهم ، وكأن المسألة مجرّد أداء واجب لا غير .
المعايدة الالكترونية نعمة أم نقمة ؟
"الجزائر الجديدة" استطلعت آراء مجموعة من المواطنين حول طريقة تلقيهم و إرسالهم للرسائل الالكترونية لأقاربهم و أحبائهم، حيث تفرعت الآراء بين مؤيد ومعارض لها، فنجد "إيمان" التي ترى أن المعايدة الإلكترونية نعمة و نقمة في آن واحد، خاصة أنها تقرب الأشخاص الذين تباعد بينهم المسافات الجغرافية كالأقارب الذين يقطنون خارج البلاد، بينما يرى "محمد" أنها إحدى نقم تكنولوجيا الاتصال وثورة المعلومات، لأنها تأتي خصما لللقاءات الحميمة، وتحرم الناس من فرص الألفة و الجو العائلي الدافئ و تقارب العلاقات الأسرية والاجتماعية التي تعد من أبرز سمات الأعياد.
وإذا كانت طرق المعايدات الإلكترونية تعلو عند الشباب على كل الأمور التقليدية التي كان يقوم بها أجدادنا و حتى آباؤنا في الأعياد، إلا أن كبار السن والأهالي لا يجدون بديلا عن المعايدات المباشرة والعناق تعبيرا عن فرحة اللقاء.
فبوجود جهازي "البلاك بيري" و"الآي فون" فضلا عن الفايسبوك، ساعد كثيرا في التواصل مع أكبر عدد ممكن من الأصدقاء والأقارب حتى أولئك الذين لم تلتق بهم منذ وقت طويل أو تفصلك بينك وبينهم مسافات بعيدة، حيث أن الأغلبية لا يقومون بزيارة الأقارب في العيد إلا للمقربين جدا، ولا ننكر أن طريقة المعايدات عبر الفايسبوك، رغم أن لها إيجابيات كثيرة من حيث التواصل مع أكبر عدد من الأصدقاء والأقارب في أي مكان بالعالم بطريقة قصرت المسافات إلا أنها أسهمت أيضاً في انطواء الشخص على ذاته.
زيارة الأقارب تسعد القلوب بالعيد..
من جانب آخر فإن المعايدات عبر الفايسبوك و عن طريق الرسائل القصيرة تضعف الروابط الاجتماعية لأنها حلت محل زيارة الأهل المباشرة لدرجة الاكتفاء بإرسال رسالة واحدة، و بها يكون الشخص قد أدى واجبه، ولكن يبقى المجتمع الجزائري محافظا على عاداته و على تماسك الروابط الأسرية و بصلة القرابة والتراحم، حيث إن الزيارات في الأعياد شيء أساسي في مجتمعنا ولا يمكن التراخي عنه. و هذا ما أيدته "سهام" بقولها أن المعايدات الإلكترونية أسهمت إلى حد بعيد في تراجع العلاقات الاجتماعية التي ترى أنها شيء أساسي وتساعد في تعزيز روابط التكافل وتعزيز الصلات الإنسانية وتبادل أطراف الحديث ومعرفة أحوال ومشاكل من حولك والمساعدة في حلها.
و في نفس السياق وضح لنا محمد بدوره أن المعايدات قبل العيد تكون بالرسائل وبعد أداء صلاة العيد، يقوم برفقة زوجته وأولاده إلى بيت العائلة لزيارة الأهل ومعايدتهم حيث يجتمع الأقارب جميعهم لتبادل التهاني بالعيد، مشيرا إلى أن أسلوب التهنئة من خلال الرسائل الالكترونية عبر الفايسبوك يساهم في وضع حواجز إلكترونية.
في المقابل، تقول مريم إنها على تواصل دائم مع صديقاتها و اطلاع على أخبارهن عن طريق الفايسبوك لذا من الطبيعي أن تكون المعايدات بهذه الطريقة، ولا تنكر أنها خلال العيد تقتصر معايدتها لأهلها فقط ولا تقوم بزيارة أحد .
ويختلف أسلوب المعايدة لدى آخرين، حسب مستوى القرابة والعلاقة، فالأقربون أولى بالمعروف وبالتواصل بحسب قوله فيحرص على زيارتهم و معايدتهم بالعيد وكذلك الأصدقاء المقربون من هم بالدرجة الأولى أما من هم في الدرجة الثانية فيكتفي بإرسال رسائل لهم.
من جانبها أوضحت السيدة فاطمة أنها تشعر بالسعادة والفرحة تغمر قلبها عندما يعايدها أحد الأقارب والأصدقاء وجها لوجه أو يأتي لزيارته خصوصا إذا مر وقت طويل على رؤية هذا الشخص، وتبعا لهذا الشعور الذي يتسلل إلى قلبها ويغمره بالفرحة فإنه يٌفضل أن يتعامل بالمثل كل شخص مع أهله وأقاربه وأصدقائه المقربين، فتأثير المعايدة وجها لوجه يبقى أقوى ووقعه أجمل على النفس من مجرد رسالة، لكنه لا ينكر أن المعايدات الإلكترونية باتت أسلوبا متبعا لدى كثير من الناس ليس عن طريق الهاتف الجوال بل أيضاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث باتت التكنولوجيا محركا مهما في حياة الناس وتسهلها رغم كثير من التعقيدات وبعد المسافات.
فباعتبارنا نعيش في عصر السرعة هذا لا يمنعنا من أداء واجبانا نحو أقاربنا، فمهما تغير العالم اليوم، و طرأت عليه متغيرات كثيرة تفرض علينا مختصرات، إلا أنه لا يجب أن تؤثر على علاقاتنا الاجتماعية و تبعدنا عن الأهل و الأقارب، فالزيارات في العيد والتواصل مع صلة الرحم والقربى من الأمور التي حث عليها الدين الإسلامي وورثناها عن آبائنا وأجدادنا، و منه يجب المحافظة عليها مهما حصل من تطور تكنولوجي لأن العلاقات الاجتماعية والتواصل والتآخي هو الذي يبقى أثره، باعتبارها من أقدس المقدسات ولها حسناتها عند الله تعالى.
نسرين صاولي
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 29/10/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الجزائر الجديدة
المصدر : www.eldjazaireldjadida.dz