الجزائر

"الفالنتاين" عند الجزائريين.. بين المرحب والمستهجن



لطالما عكف العرب على استيراد الثقافة الأوربية بما في ذلك الأعياد والطقوس والممارسات، وهو حال الاحتفال بعيد الحب أو عيد "الفالنتاين" في الجزائر، الذي أصبح يروج له كثيرا، خاصة عبر الوسائط التكنولوجية، ليحضر يوم ال14 من فيفري فيحضر معه اللون الأحمر والهدايا التي تتوزع بين المتحابين والعشاق وسط ترحيب البعض واستنكار البعض الآخر.
يصادف اليوم، الرابع عشر من شهر فيفري وهو عيد الحب أو كما يسمى "الفالنتاين" أو عيد العشاق، ورغم أن الكثيرين يدركون ذلك، إلا أن أغلبهم لا يعرف القصة الحقيقية وراء هذا العيد وكيف تم اجتياحه عديد الدول نظرا لتضارب القصص واختلافها وكذا ارتباطها بوقائع تاريخية عديدة.
ولعل أكثر القصص شيوعا عن هذا اليوم، أنّه في القرن الثالث للميلادي، تعرضت الإمبراطورية الرومانية للغزو وفي الوقت ذاته، انتشر مرض الطاعون أو الجدري، ما أسفر عن وفاة الكثير من الجنود، وعقب تزايد عدد الموتى، زادت الحاجة إلى الجنود لقتال الغزاة، وكان الاعتقاد السائد بأن أفضل المقاتلين هم العزاب، فحظر الإمبراطور، كلوديوس الثاني، الزواج التقليدي على الجنود.
ولأن العديد من السجلات قد تم إتلافها، فإن تفاصيل حياة القديس فالنتين تعد شحيحة جدا، ولا يعرف عنها سوى القليل، وكان القديس فالنتين إما كاهنا في روما، أو أسقفا في تيرني بوسط إيطاليا، وقد خاطر بإغضاب الإمبراطور بدفاعه عن الزواج التقليدي، وقام بتزويج الجنود سرا في الكنيسة، وثنيين كانوا أم مسيحيين. وعندما طالب الإمبراطور كلوديوس المسيحيين بالتخلي عن معتقداتهم، والعودة لعبادة الأصنام، رفض القديس فالنتين ذلك الأمر، فتم إلقاء القبض عليه، وحكم عليه بالموت.
وبينما كان فالنتين في سجنه منتظرا تنفيذ حكم الإعدام، طلب منه سجانه الدعاء لابنته الكفيفة، فاستعادت بصرها بأعجوبة، ما جعل والدها يتحول إلى المسيحية جنبا إلى جنب مع العديد من الآخرين؛ وقام فالنتين قبل إعدامه بكتابة رسالة إلى ابنة السجان التي وقع في حبها، ووقعها قائلا "من عاشقك".
وفي عام 496 ميلادي قام البابا جلاسيوس بتعيين يوم 14 فبراير "يوم القديس فالنتين"، وبدأ الأدباء منذ العصور الوسطى من قبيل، جيفري تشوسر، بربط يوم القديس فالنتين بالحب، إلى أن أصبح في نهاية المطاف خلال القرن ال18 أحد التقاليد الإنجليزية التي يتم خلالها تبادل الزهور والحلويات وإرسال بطاقات المعايدة ب"عيد الحب".
اللون الأحمر، الشكولاطة والدببة.. رموزٌ لعيد الحب
ومن الإمبراطورية إلى انجلترا ثم إلى كل العالم تقريبا بما في ذلك الدول العربية، أين أصبح الاحتفال بهذا اليوم رائجا نظرا لرمزيته، فكما هو معروف يستورد العرب من الضفة الأخرى كل صغيرة وكبيرة على غرار الاحتفالات، خاصة تلك التي لا تمس بالتقاليد العربية والإسلام بطريقة مباشرة ولا تتنافى معها، كما تجدر الإشارة إلى أن الوسائط التكنولوجية ساهمت بشكل كبير في الترويج لهذا العيد، أين تعكف الصفحات و"القروبات" على الحديث عن هذا اليوم بمجرد حلول شهر فيفري وتنطلق في كتابة منشورات عن الحب وصور للهدايا التي يمكن أن يتبادلها العشاق والمتحابين في هذه المناسبة.
ويرتبط يوم 14 فيفري ارتباطا وثيقا باللون الأحمر باعتباره اللون الذي يعبر عن "الحب"، فالكثيرون ممن يهتمون بإحياء هذا اليوم، "الفالنتاين"، يتزينون بملابس تحمل اللون الأحمر، ناهيك عن الهدايا التي يتبادلونها والتي كثيرا ما تكون عبارة عن "دببة" وأنواع عديدة من الشكولاطة، بالإضافة إلى العطور والورود.
"الحب كل أيام السنة.. وأعياد المسيح لا تعنينا"
وكما هو شائع فإن عيد الحب متعلق بالخصوص بالمتحابين "العشاق"، سواء من هم مخطوبون أو على علاقة غرامية، وهو الأمر الذي أعطى لهذا العيد طابع الاستنكار من طرف الكثيرين الذين يرون أنه عيد يشجع على الانحلال، في حين يرونه آخرون أنه فرصة لاستحضار المشاعر والتهادي ولا يقتصر على العشاق فقط وإنه يمكن أن يكون بين أفراد العائلة أو الأصدقاء أيضا.
"صوت الأحرار " استطلعت آراء البعض بخصوص الموضوع وبحثت معهم عن نظرتهم لهذا اليوم وما إذا كان يعنيهم أم لا، والبداية كانت مع أمال. ب، طالبة جامعية والتي صرحت لنا أن من يحب لا ينتظر عيد الحب ليحتفل به، لأنه في اعتقادها الحب لا يرتبط بيوم واحد بل هو موجود سائر الأيام الأخرى، وعن الذين يحتفلون بعيد الحب قالت إنهم فاقدون للحب لذلك اخترعوا له يوما وألزموا أنفسهم للاحتفال به، ليس لأنهم محبوبون أو يحبون وإنما فقط لأن يوم 14 فيفري أصبح عادة والكل انجر وراءها.
من جهته محمد أمين. ن هو الآخر طالب جامعي،ّ اعتبر عيد الحب في الجزائر مجرد تقليد اتخذه الجزائريون ليس للتعبير عن مشاعرهم كما يدعون وإنما فقط من أجل أن يصنعوا السعادة لأنفسهم مثل الآخرين، وأنهم ينظرون إلى هذا العيد على أنه عيد يخص الشباب فقط وبعبارة أدق يخص المتواعدين، شاب وشابة، وهو الأمر الذي قال إنه يجعلهم يظهرون فاقدين للمبادئ والمعايير الحقيقية التي يفترض أن تسير حياتهم، كما أكد أنه يحترم كل فرد أيا كانت معتقداته مادامت ثابتة ومقتنع بها.
في ذات السياق ترى حورية، موظفة بقطاع التربية، أنه لا عيب في الاحتفال بعيد الحب مادام فرصة للتعبير عن المشاعر والاحتفال وسط الأصدقاء بتبادل الهدايا، ويشاطرها الرأي زميلها محمد الذي قال إنه يغتنم فرصة 14 فيفري من كل سنة لإهداء زوجته وأمه هدايا، موضحا أن هذا التصرف لا يعني أنه يقصر معهما سائر الأيام لكن فقط هو يوم رمزي يجعل الشخص الذي يتلقى هدية يشعر بسعادة تختلف عن سعادة سائر الأيام ولا علاقة للموضوع بالمسيحية أو التأويلات الأخرى التي يحب الصائدون في المياه العكرة أن يضعوها في الواجهة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)