الجزائر

''الفاعل مجهول متغير''


 لم يخرج تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، حول أحداث السكر والزيت، عن التقليد الذي سارت عليه لجان سابقة. وحسب ما تم تسريبه عمدا، تكون اللجنة توصلت إلى أن الفاعل هو مبني للمجهول.
هل يُنشر التقرير أم..؟
إن عدم نشره، يطرح قضية دور النائب البرلماني في إطلاع الرأي العام. ويعيد طرح علاقة الأحزاب بالمواطن، التي، نظريا، ينتظر منها تنوير الرأي العام، وعدم إقفال الباب على تقارير تحقيق سياسية.
ويطرح تواطؤ السلطة التشريعية، كمؤسسة دستورية، والأحزاب، باعتبارها الخزان الأساسي الذي يزود المؤسسة التشريعية بممثلين، قضية أخلاقية ، وهي مدى الالتزام بالعقد السياسي الموقع مع المواطن -الناخب.
نعم، هي ليست المرة الأولى التي يتم فيها الإخلال بهذا العقد. وبكل تأكيد ليست الأخيرة، لأن التنظيم المعمول به لا يصلح لغير ذلك من الممارسات والعلاقات.
لكن التساؤل هو من باب التذكير لأحزاب البرلمان، ومن باب تسجيل إخلال طرف بعقده، على الرغم من علمه المسبق، بأن نشر تقرير لا يغير في الأمر شيئا.
فماذا سيحدث لو يتم نشر التقرير؟
في أسوأ الأحوال سنكتفي بابتسامة، لأن الأسباب يعرفها المواطن قبل اندلاع أحداث جانفي 2011، ولم تكن ندرة المواد، إلا عاملا.
وكما يمكن اعتبار نقطة ضعف التقرير، في عدم قدرته على تحديد الفاعل. يمكن اعتبار ذلك نقطة القوة، من زاوية أن الاتهامات لم توجه إلى طرف محدد من أجل تصفية حسابات بين متنافسين.
سنويا يتم تخصيص 300 مليار دينار، من المال العام، لدعم المواد الاستهلاكية. ويفسر حجم المبلغ قوة المنافسة للاستفادة من الدعم، قبل أن تصل السلع إلى المستهلك. ويجعلنا نتفهم نوعا ما موقف المحافظين في رفض التغيير وتخوفاتهم من الشفافية.
ولتغطية العجز السياسي، لا تجد أحزاب من البرلمان، ولا نواب منه، في سبيل أن يكتسب التقرير قدسية ، إلا وسيلة تسخين التعليق، من باب هل يجب نشره أم نحره ؟ (التقرير بطبيعة الحال).
 وإن كان التقرير يتحاشى الخوض في الأسباب السياسية، من اللائق نشر ما تيسر جمعه، وذلك من باب الالتزام المعنوي، ولا شيء آخر.
فلا أحد سيحاسب (بالمعنى القانوني) لجنة على سعيها. فهي فرع وجزء من مؤسسة يحوم حولها الكثير من الكلام منذ انتخابات .2007 ومن غير المنطقي ترك الأصل والتركيز على الفرع، بتحميله إرث نظام سياسي.
فسقف الديمقراطية المسموح به، هو تشكيل لجان لا تحقق. وإن حققت لا ترى ولا تسمع. وإن رأت وسمعت، لا تكتب. وإن كتبت، أهملت ما كتبت في درج أو في سلة.
أرجو نشر التقرير من أجل المطالعة والتسلية، لا غير. في انتظار أن يكون التحقيق السياسي ممكنا، حين يكون البرلمان متمكنا من وظيفته الرقابية.
وتلك أمنية من أمنيات الحلم الجزائري .
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)