الجزائر

الفاسدون.. ؟



 هناك توجه خطير ومغرض هذه الأيام. إنه الطّعن في الماضي وفي بعض صناع هذا الماضي والطعن في الثورة والثوار وتحميلهم مسؤولية ما يجري الآن. هذا عمل خطير.
الذين ينبرون لوصف أسباب الحال التي تمر بها البلاد، لا يتمكنون من رؤية مسؤولية السّلطة القائمة، التي تدير شؤون البلاد منذ أكثـر من عشرين سنة الآن ـ وأقول سنة وليس عاما ومن لا يعرف الفرق عليه قراءة سورة يوسف (ع. س) ـ وينبرون لتدمير أمجد ما أعطاه الجزائريون للجزائر منذ قرون. هذا الماضي هو جزء من هويتنا.
البعض يطالب بإحالة جبهة التحرير إلى المتحف والبعض يرى أن المجاهدين سرّاقين وهم (كبروا وخرفوا!). ولكن ماذا لو تساءلنا من يسيطر على السلطة الفعلية وعلى الثـروة؟ وذلك لا يعني تنزيه كل المجاهدين، كما لا يمكن الإيحاء أن الفساد هو فساد المجاهدين.
لو عدنا لأحد علمائنا الأمجاد وهو ابن خلدون، لرأينا أن المشكلة الأولى لأي عصبية منتصرة، أي ثورة بتعبير اليوم، هي الانفراد بالحكم وهي التخلص من أصحاب العصبية الأولى أي المجاهدين.
وأذكر فقط أن أحد أكبر كتّاب الصحافة الجزائرية والأكثـر ارتباطا بالحكم تحدث في بعض مقالاته عن ''الطلقاء''، الذين استولوا على الدولة وعلى الثورة. فمن هم الطلقاء؟ البعض يتحدث عن جماعة 20 مارس وعن دفعة لاكوست وعن حزب فرنسا وعن وعن..! لن أعود وبالإحصائيات لأفعال الإدارة الاستعمارية في ربع الساعة الأخير. الأرقام موجودة في الكثير من المراجع لمن أراد الاستزادة.
المسألة مع ذلك ليست مسألة أشخاص. إنها مسألة مؤسساتية وهي ليست مسألة سياسات ولا عمر الحاكم، فكبر السن عنوان خبرة وحكمة أيضا، فحتى لو تم التخلي عن كل الوجوه الحالية من غير تغيير منطق النظام التسلطي فذلك لا يضمن التغيير، ولو كان عمر الحاكم ثلاثين عاما فقط.
إن الخطأ الذي اقترف، وغالبا بحسن نية، وربما قلة دراية، من قبل الكثير من المجاهدين، هو أنهم ركزوا على الهدف وعلى الخطاب العاطفي والاجتماعي، ولم ينتبهوا لإعطاء الأولوية لدولة المؤسسات.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)