لماذا لا تتوسع الثلاثية إلى النقابات المستقلة؟
لا يمكن تصور الأمر على أنه ''حياء'' من السلطة. أغلب الظن، أنها تفضل ''إهمال'' جزء هام من الجبهة الاجتماعية عن قصد ودراية. ربما لإبقاء الوضع الاجتماعي في حالة غليان، واستعماله كمبرّر يسهل عليها ترتيب ''الإصلاحات'' على مقاسها وعلى سرعتها.
كان من الممكن انفتاح السلطة على ''مراكز القوى الاجتماعية''. فقد أثبتت هذه التنظيمات وجودها وتأثيرها. وبرهنت على قوتها. وتجاهل النقابات المستقلة، بالإضافة إلى ما فيه من استفزاز، يدفع الأخيرة إلى خيارات قد تكون قاسية. وفي جو موسوم بتداخل تأثير تيارات متناقضة الأهداف والقيم (وإن تلتقي في الوسائل بشكل ظرفي)، تكون المطالب وحركات التعبير عنها عرضة لأشكال التلاعب والاستغلال السياسوي. ليس من قبل الأحزاب، ولكن من قبل من يسعى إلى توطين العنف واللااستقرار في الجزائر.
والسلطة بسلوكها، ومن خلال رد فعلها اجتماعيا، تقدم ''تسهيلات'' لممارسة التلاعب بمطالب المحتجين والغاضبين عليها.
عندما تكون السلطة السياسية غير قادرة على رفع سقف طموحات التغيير السياسي، وعندما تكون عاجزة عن إرضاء الأطراف المحيطة بها، السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، فهي بذلك تقدم خدمة لمجموع أولئك المدافعين على بقاء الوضع القائم. حماية لمصالح ومكاسب أو دفاعا عن مواقع. وإقصاء الجزء الهام من ''الحوار الاجتماعي'' هو وجه آخر من أوجه حدود ''التغيير'' المعبر عنها، ومحدودية مداه.
ربما نكون نعيش مرحلة جديدة من مظاهر ''التعايش'' مع أساليب العنف. فتكرار اللجوء إلى ''السيف'' لحل خلافات شباب الأحياء، قد يكون أحد الأشكال التي تعبر عن ''تفاهة'' عملية اللجوء إلى العنف كأداة لحل نزاع. فقد نتعجب من شخص يقتل صديقا له من أجل علبة سجائر، أو بسبب ورقة ألف دينار. لكن، هل كان سبب هذا ''الخلاف'' هو المحفز الحقيقي للجريمة، أم أن الجريمة تمت لأنها تنمو في وسط ''يحفز'' على العنف وعلى استعماله، بأشكاله المختلفة؟
إن عنف الأحياء يتغذى من محيطه المباشر القريب منه (البطالة وانعكاساتها)، وكذلك يتغذى من الصورة التي تعكسها مرآة العملية السياسية (من مظاهر الفساد). ولا يوجد ضامن ولا ضمانة تقول بالقدرة على إدارة مظاهر العنف أو التحكم فيه. في حين هناك إمكانيات عديدة تمكن من التحكم في الأسباب المؤدية إلى ممارسة العنف السياسي والاجتماعي.
قد يكون مطلب مبدأ ''المشاركة'' في صنع القرار أو في اتخاذه من الممنوعات اليوم، إلا أنه يبقى السبيل السليم. وذاك المطلب هو الذي سيكون بمثابة جوهر أو روح الإصلاحات السياسية الأصيلة. وسيكون ما دون هذا السقف عبارة عن استنساخ لما تم تنفيذه سابقا من ''اسلاخات'' أجلت الحل.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 01/10/2011
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : عبد الحكيم بلبطي
المصدر : www.elkhabar.com