لما ملك يغمراسن بن زيان تلمسان ونواحيها، حسدته زناتة، وتطاول عليه بنو مرين وأحلافهم من المعقل المجاورين له من ناحية الغرب، فاستصرخ بسويد وأقطعهم، وجأجأ ببني عامر من مجالاتهم بصحراء بني يزيد، وأنزلهم في جواره بصحراء تلمسان كيداً للمعقل ومزاحمة لهم، فنزلوا هنالك. وتبعتهم حميان من بطون بني يزيد بما كانوا بطوناً وناجعة ولم يكونوا حلولا، فصاروا في عداد بني بني عامر.
استقر بنو عامر وأحلافهم حميان بمحاذاة تلمسان يتقلبون في قفارها في المشاتي، ويظهرون إلى التلول في المرابع والمصايف. وتلافت الدولة أمرهم بالاصطناع والاستمالة وأقطعوهم الكثير من النواحي والأمصارها في سبيل الاستظهار بهم. أصبح بنو عامر سادة المنطقة الممتدة من جنوب تلمسان إلى تيكورارين وما خلفها من القفر، واقتسموا مواطن أولاد زكري من العمور، فأصبحوا أحلافا لهم،
وأضحت المناطق المشكلة اليوم للمشرية والعين الصفراء والأبيض سيدي الشيخ وفقيق كلها من مواطنهم. ومع نهاية القرن 13م أصبحوا يمتلكون جزءا كبيرا من أراضي الانتجاع والنخيل والمنابع المائية والآبار، ومن بينها أراضي العين الصفراء و ضواحيها، وهم أول من سمّى ذلك المنبع المائي بالعين الصفراء.
ولمّا هبّت ريح العرب سنة 1365م ووطئوا التلول، ودبّوا فيها دبيب الظلال في الفيوء كما هو مشهور، تملّك بنو عامر تاسالة وملاتة إلى هيدور إلى كيدزة الجبل المشرف على وهران، وتبعتهم فرقة من حميان، ولم تخلُ مجالاتهم بالقفر من ظعونهم وناجعتهم، فعمروا رماله وتغلبوا في فيافيه مع حلفائهم ومن كان في عدادهم من حميان والعمور والنضر وغيرهم...
هذه مقدمتنا التاريخية التي ستكون مدخلا لحديثنا عن العين الصفراء والمشرية ثم قبائل حميان بإذن الله وعونه...
بعدما اقتحمنا مجالات العمور وقدمنا نبذة عن تاريخهم وأصولهم ومواطنهم في المنشورين السابقين، سنعرج في هذه الالتفاتة على عمور العين الصفراء ثم ننتقل إلى بقية المواضيع إن كان في العمر بقية.
في بداية القرن 19م كانت قبائل العمور وأولاد سيدي أحمد المجدوب، لا تزال بادية تسكن الخيام، وكانت بعض العائلات منهم تمتلك البساتين والنخيل في قصور المنطقة، كصفيصيفة وتيوت ومغرار وفقيق بالنسبة للعمور، وقصر عسلة بالنسبة لأولاد سيدي أحمد المجدوب.
وفي سنة 1855 نظمت سلطات الاحتلال قبائل العمور في ثلاث قايدات، ضمت سنة 1859 حوالي 520 خيمة. لكن ثورة سيدي الشيخ التي اندلعت سنة 1863 والتي شارك فيها العمور وأولاد سيدي أحمد المجدوب أوقفت التوسع الفرنسي في الجنوب الوهراني، وتم على إثرها نقل أولاد سيدي أحمد المجدوب إلى سبدو التي استقروا فيها إلى غاية 1878 حيث تم فصلهم عن دائرة سبدو بموجب قرار 4 نوفمبر 1878، وضمهم إلى دائرة البيض، أين شكلوا قايدة مستقلة عن باش آغاوية أولاد سيدي الشيخ.
وفي 1881 شارك العمور والعديد من أولاد سيدي أحمد المجدوب بقوة في ثورة الشيخ بوعمامة من أولاد سيدي التاج، وعلى إثرها استولت سلطات الاحتلال على العين الصفراء وأنشأت مركزا عسكريا.
في 20 مارس 1882، تم إنشاء دائرة العين الصفراء بمرسوم حكومي وأعادت سلطات الاحتلال تنظيم قبائل العمور وفق تنظيم جديد، بعد أن احتلت منطقة القصور بصفة دائمة. حيث تم تقسيم العمور إلى ثلاث قبائل، وهي : أولاد سليم وأولاد بوبكر والصوالة، ثم تم تعديل هذا التقسيم سنة 1885 ثم سنة 1898 حيث تم تنظيم العمور في أربع قايدات، وهي: أولاد بوبكر والصوالة وأولاد الشحمي والمرينات. وفي سنة 1934 تم ربط قبيلة الصوالة بقصر تيوت، وقبيلة أولاد بوبكر بقصر صفيصيفة.
تاريخ الإضافة : 16/04/2024
مضاف من طرف : patrimoinealgerie