الجزائر - A la une

العمل الثوري رصيد هام يقتضي مزيدا من التثمين الخامس جويلية في نظر الشباب


العمل الثوري رصيد هام يقتضي مزيدا من التثمين                                    الخامس جويلية في نظر الشباب
أجمع شباب تحدثوا ل"السلام"، أنّ العمل الثوري رصيد هام يقتضي مزيدا من التثمين، وألح هؤلاء على حتمية استكشاف ما يمثّله هذا التاريخ، بينما أبرزت العديد من الآراء صورا من الأمل وأخرى غلب عليها اليأس الممزوج بالروح الوطنية.
كيف ينظر الشباب لمجهودات جيل الثورة، وكيف يقيّمون وضعيتهم بعض خمسين سنة من الإستقلال؟ هذا السؤال طرحناه على عينة واسعة من شباب جزائر 2012، هؤلاء أكّدوا اعتزازهم بالعمل الثوري حتى ولو لم يعيشوا تلك الفترة، في حين قال بعضهم أنّ المجاهدين الحقيقيين قد ماتوا، وهو ما أشار إليه "إلياس" 30 سنة بطّال، والذي صارحنا أنه يشكّك في الكثير ممن يدعون أنهم من المجاهدون وأنهم بذلوا الكثير في سبيل حريّة البلاد، وهو رأي "نبيل" 27 سنة سائق حافلة، والذي قال أن التاريخ أصبح مشكوكا فيه وكل من هبّ ودبّ يقول أنه مجاهد، ليضيف قائلا أن الوقت حان للإهتمام أكثر بالشباب.
أما بعض الآخر، فيرى أن التاريخ الثوري من الماضي البعيد، منهم خالد 24 سنة تاجر، والذي يقول في الموضوع: "نحن لا ننكر جهود من عملوا على أن تحيا الجزائر حّرة مستقلة، إلا أن زمن الثورة قد ولّى ولابد أن ننطلق في التفكير في المستقبل".
الجنس اللطيف كنّ أكثر وطنية منهم "نادية" 22 سنة طالبة جامعية، تعبر عن رأيها قائلة: "إن عيد الاستقلال فقد قيمته وعوض أن يكون مناسبة للوقوف على تضحيات الشعب صار فرصة للغناء والرقص أو يوم راحة للبعض"، أما صديقتها وردة 21 سنة ماكثة في البيت فتقول: "إن الوطنية مزروعة في نفوس الشباب ونحن نحترم كثيرا جيلا الثورة ولا يمكن أن ننكر تضحياتهم".
"خديجة" 23 سنة طالبة جامعية تقول في الموضوع: "أنا شخصيا أحب كثيرا قراءة التاريخ والخامس جويلية بالنسبة لي هو بداية عصر جديد ولولا تضحيات ذلك الجيل لكنّا حاليا تحت وطأة الاستعمار"، أما "سميرة" 35 سنة عاملة نظافة فتؤكد أنها تفتخر ببلد المليون ونصف مليون شهيد، وتدرك جّيدا قيمة الحرية التي تحياها اليوم، وإن لم تعش أيام الإحتلال، تضيف في الصدد ذاته: "نحن نقدس الأعياد الوطنية ونجدها فرصة لتذكر مآثر السلف والعزم على بذل المجهودات من أجل المضي قدما".
مشاكل ونقاط ظلّ
أرجعت "حميدة عشي" أستاذة علم الاجتماع، عدم اهتمام بعض الشباب بمختلف المناسبات الوطنية وقلة اهتمامهم بالتاريخ عامة والتاريخ الثوري خاصة إلى انشغالهم بأمور أخرى، يرون أنها أكثر أهمية بالنسبة إليهم، علاوة على المشاكل الاجتماعية التي يتخبطون فيها، تردف قائلة: "..ولكن هذا لا يعني أن روح الوطنية ليست مغروسة فيهم، لأنهم ولدوا بها وسرعان ما تظهر في بعض القضايا الوطنية"، كما برّرت المتحدثة عدم اكتراث بعض الشباب بهذه المناسبات إلى عدم نضجهم العقلي بالنظر للفترة العمرية التي يمرون بها، تستطرد مضيفة". وعادة ما نلمس وعيا أكبر عند بعض الشباب، الذين ينتمون إلى أسر ثورية فتجدهم أكثر احتراما للثورة ورموزها وأكثر إطلاعا على التاريخ".
بعد 50 سنة من الإستقلال
الشباب... رهان الأمة يتخبط في مشاكل جمّة
تعتبر فئة الشباب الرهان الحقيقي لكل دولة، وهي القوة التي سعت الجزائر إلى إعطاء أهمية لها، كونها تمثل مستقبل الأمة، إلا أنه وبعد 50 سنة من الإستقلال لازلنا نسجّل عديد النقائص وجملة من المشاكل التي يتخبط فيها الشباب.
يتميز المجتمع الجزائري بكونه مجتمعا فتيا، تشكل فيه نسبة الشباب ما يعادل 70 بالمئة ورغم مجهودات الدولة للعناية بهذه الفئة، إلا أنّ جلّهم ما زالوا يتخبطون في جملة من المشاكل التي فرضتها عوامل اقتصادية سياسية واجتماعية، وهو ما أدى إلى بروز ظواهر إجتماعية خطيرة أبطالها شباب في مقتبل العمر كمختلف أنواع الجرائم، الإنتحار والهجرة غير الشرعية.
التشغيل معضلة تطرح نفسها
ندّد بعض الشباب ممن تحدثوا ل"السلام" حول علاقتهم بعالم الشغل بسياسية التشغيل المنتهجة من طرف الدولة، حيث أكد بعض العاملين في إطار عقود ما قبل التشغيل، أنهم مهمشون في مناصب عملهم، ومنهم من لم يتم إدماجهم في مناصب دائمة، كما اعتبر بعضهم أن تلك العقود ما هي إلا إيهام للشباب بأنهم بعيدون عن شبح البطالة، ولكن وبعد انتهاء مدة العقد التي حددت بثلاث سنوات يواجه الشاب مصيرا مجهولا.
الراتب كان من أهم الإنشغالات التي طرحها شباب الجزائر المستقلة، حيث أجمع البعض أنه من غير المعقول أن لا يصل راتب العمل في إطار عقود ما بعد التشغيل إلى الحد الأدنى، فهو لا يتجاوز 15 ألف دينار، وفي السياق ذاته اقترح البعض تخصيص منحة خاصة لأصحاب الشهادات إلى غاية توفير مناصب عمل دائمة، فعدم توفر مناصب العمل يعتبر من وجهة نظر الكثيرين سببا مباشرا يفتح الباب على مصراعيه أمام الإنحرافات الشبانية.
حتمية إشراك الشباب
برزت في مجتمعنا مؤخرا عدة أصوات تنادي بضرورة إشراك الشباب، ولكن هذه الدعاوى بقيت مقتصرة على الحملات الإنتخابية، وهو ما أشار له بعض الشباب خلال حديثهم عن أهم قضاياهم بعد مرور 50 سنة من الاستقلال.
وعن علاقة الشباب بالعمل السياسي تقول "حميدة عشي" أستاذة علم الإجتماع بجامعة الجزائر، أن الكثير من شباب الجزائر يقاطعون العمل السياسي فتجدهم ينفرون منه، لأن اهتمامات الكثيرين قد لا تتجاوز حدود التعلّم، الحصول على وظيفة محترمة والزواج وغيرها من الرغبات التي تختلف من فرد إلى آخر، ولكن لا يمكن حسب المتحدثة تعميم ذلك، حيث نجد من الشباب مثلا من ينشطون في إطار منظمات طلابية حرّة أو بعض النقابات والتي قد تميل مع مرور الوقت إلى العمل السياسي.
الصراع بين الأجيال واقع لا يمكن أن نتجاهله
العلاقة بين الجيل الحالي وجيل الثورة واحدة من أهم الإشكاليات المطروحة بعد أن تم تسجيل قطيعة كبيرة بين الجيلين، وحول الموضوع ذاته يقول "محمد.ز" 32 سنة عون أمن، معبّرا عن رأيه: "إن جيلنا لا يمكن أن ينسى تاريخه أو يتخلىّ عن وطنيته، وإنما الواقع الجديد الذي نحياه هو ما أدّى إلى نشوء جيل اتكالي، لذا نحن نطالب بمعالجة مشاكلنا من خلال إشراك الشباب في مختلف جوانب الحياة وتعليمهم المسؤولية وكيف يصنعون مستقبلهم بأنفسهم"، وإن كانت هذه وجهة نظر محمد فإن "وليد.ب " 23 سنة متخرّج مؤخرا من الجامعة، فيؤكد وجود تلك القطيعة، يقول: "إن جيلنا هو جيل جديد يعتمد على الوسائط التقنية وله آمال وأحلام تتجاوز ما كان يأمل به بعض الشباب في أجيال سابقة، وبالتلي فتغيّر ظروف المعيشة هو ما أدى إلى تلك القطيعة". في السياق ذاته، أكدّت "حميدة عشي" أن هناك صراع بين الجيل الذي حرّر البلاد من الإستعمار والجيل الحالي، وذلك بالنظر إلى تغيّر الأمور على عدة مستويات، وحسب التفسير السوسيولوجي الذي قدمته المتحدثة، فإن لكل جيل مميزاته التي تختلف عن الجيل السباق واللاحق، كما لا توجد علاقة متينة بين جيل الثورة والجيل الحالي، والتي لا يمكن أن تكون إلا عن طريق الحوار من خلال تنظيم لقاءات لا تقتصر على المناسبات والأعياد الوطنية يتم من خلالها إطلاع الشباب على كل المعلومات والوثائق التي تؤرخ لفترة معينة، إضافة إلى أهمية تشجيع الشباب على قراءة التاريخ.
مشتي: "وضعية الشباب بعد 50 سنة من الإستقلال كارثية"
وصف "ياسين مشتي" رئيس الودادية الجزائرية للتضامن الشبابي، وضعية الشباب الجزائري في 2012 بالكارثية، والسبب الذي يقف وراء ذلك على حد قوله هو تلك الإجراءات والبرامج التي خرجت إلى حيّز التطبيق، ولكنها جاءت بطريقة عفوية وبدون دراسات مسبقة، منها تشغيل الشباب من خلال منح قروض لإنجاز مؤسسات صغيرة ومتوسطة وعقود ما قبل التشغيل، وحسب "مشتي"، فإن هذه المشاريع كانت بحاجة إلى جلسات متخصصة. هذا وأشاد المتحدث بما اقترحه "أحمد بن بتور" خبير في الإقتصاد من حلول للمشاكل الإقتصادية التي يتخبط فيها الشباب، خاصة ما تعلق بمجال مكافحة البطالة، ودعا إلى تخصيص لجنة وطنية لمتابعة مختلف التوصيات التي تخرج بها الملتقيات الوطنية في نفس الجانب، والسعي إلى تقديم حلول قابلة للتجسيد في أرض الواقع، ومن أهمّها توفير مناصب العمل في كل ولاية انطلاقا من خصوصياتها. وبخصوص العمل في إطار عقود ما قبل التشغيل، صنّف رئيس الودادية أصحاب العقود المحدودة في خانة البطالين، وما تلك سوى حلول مؤقتة لمنع انفجار اجتماعي على حدّ قول المتحدث الذي طرح مشكل سوء التوجيه في التكوين المهني وواقع بعض المؤسسات الاقتصادية المفلسة.
هذا ويذكر أن الودادية تسعى لعقد لقاء وطني بمشاركة ممثلين من كل الولايات ومختلف البلديات، وذلك من أجل الوقوف على إمكانيات كل ولاية في مختلف المجالات، وكيف يمكن الاستثمار فيها من أجل خلق فرص شغل للشباب.
عبيدات: "هيئة مختصة بالشباب ضرورة تفرض نفسها"
أكد "عبد الكريم عبيدات" رئيس منظمة حماية الشباب، أن نشوء هيئة مختصة بالشباب ضرورة تفرض نفسها، مشيرا إلى أنّ هذه الشريحة أصبحت أكثر وعيا، ولا يمكن المساس بالروح الوطنية لديهم، كما أشار إلى أن هناك استغلال لفئة الشباب في بعض المناسبات في الوقت الذي هم في حاجة إلى رعاية أكبر، على حد ّ تعبيره .
يضيف في الصدد ذاته: "لقد حان الوقت بعد 50 سنة من الإستقلال من أجل الإهتمام أكثر بالشباب"، ومن الإقتراحات التي قدّمها رئيس منظمة رعاية الشباب، أن تبدي كل مؤسسات الدولة بما فيها الحركات الجمعوية اهتماما أكثر بهذه الشريحة، داعيا إلى ضرورة فتح قنوات الحوار مع الشباب والإصغاء إلى مشاكلهم وتمكنيهم من طرح مختلف انشغالاتهم والإستماع إلى اقتراحاتهم.
واقع الشباب بالأرقام
- عدد البالغين سن العمل بين 15 إلى 59 سنة يشكل نسبة 64.4 بالمئة.
- 300 ألف شاب متخرج من الجامعة ومراكز التكوين والتعليم المهنيين.
- البطالة تفوق 50 بالمئة أغلبهم شباب.
- إنجاز 50000 مؤسسة مصغرة معظمها من طرف الشباب.
- استحداث أكثر من 70000 منصب شغل في مختلف القطاعات من خلال تلك المؤسسات.
- 600 ألف شاب عامل في إطار عقود ما قبل التشغيل.
- 8000 طلب سنويا لخريجي الجامعات للهجرة إلى الخارج.
- 9 ملايين شاب من كلا الجنسين بدون زواج.
- 130 محاولة انتحار خلال السنة الجارية 70 ذكورا و60 إناثا.
- 300 ألف حالة إدمان بين 15 و35 سنة، 12 بالمئة منهم إناث.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)