الجزائر

العقيد عمار بن عودة لـ ''الخبر'' ''لم أعترف بفرحات عباس وأنا الذي أزحته من رئاسة مجلس الثورة''


لم يخف العقيد عمار بن عودة، في الحلقة الأولى من الحوار المطول الذي أجرته معه الخبر ، ونشرت أمس حلقته الأولى، رفضه لأن يكون أحمد محساس رئيسا للثورة التحريرية، كون الثورة ليس لها رئيسا، وأنه كان ضد مؤتمر الصومام مائة بالمئة، كون فحوى الوثيقة كان بعيدا عن بيان الفاتح من نوفمبر 1954 وحوّلهم، على حد قوله، إلى اللائكية وإلحاد الشيوعية. كما ذكر أن موقفه من مؤتمر الصومام، جعله يدفع الثمن غاليا، حيث أخرج من الجزائر إلى تونس برتبة رائد، وأصبح مكلفا بالأسلحة فقط، ومنع من تعاطي السياسة.  لماذا لم تعترف القاعدة الشرقية بالحكومة المؤقتة؟  في سنة 1958 لم يكن للقاعدة الشرقية وجود، غير أن الولاية الأولى هي التي لم تعترف بالحكومة المؤقتة التي تشكلت سنة 1958، حيث قال العقيد محمد العموري وأحمد نواورة لا نعترف بالحكومة وهددوا بالإنقلاب، وبعدها اعترف الجميع بها، حتى المحكمة العسكرية التي شكّلت برئاسة العقيد هواري بومدين، حينئذ، للمناوئين لهم لم تستدع كل الجماعة التي كانت في القاهرة للإدلاء بشهاداتهم، حيث أصدرت أحكاما متفاوتة بين السجن والإعدام على أفراد الجماعة المخططة للإنقلاب، وفي هذه القضية يستطيع عمارة بوقلاز القول أنني مدين بحياتي لبن عودة . ولم أعترف أنا بالحكومة المؤقتة، رغم أنني عضو في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، ولم أعترف بفرحات عباس، وأنا من أزحته من على رئاسة المجلس، عندما دخلنا قاعة الاجتماع وكان المرحوم محمد الصديق بن يحي كاتب المجلس باعتباره الأصغر سنا، وفرحات عباس رئيس المجلس، لكونه الأكبر سنا، وبعد فتح الجلسة أخذت الكلمة وقلت أنه علينا محاسبة الحكومة لمعرفة مسار الثورة، وأنت كرئيس لا نستطيع الكلام معك، والأحسن ترك مكانك في المجلس الوطني للثورة الجزائرية ، فوقف وقال أقترح دحلب لرئاسة المجلس. في الحقيقة كنت لا أثق في أحد في الحكومة المؤقتة سوى في كريم بلقاسم، عبد الحفيظ بوصوف ولخضر بن طوبال، كنت أعترف بهم وأمتثل لأوامرهم، وبقيت في التسليح والتموين منذ 1958 إلى غاية 1962،  مع اقتطاع ستة أشهر من هذه الفترة ذهبت فيها إلى القاهرة، وأدخلت جزائريين في السلاح الجوي، في كل من القاهرة وبغداد. ما الذي حال دون نشر مذكراتك لحد الساعة؟ أهناك أطراف تنزعج من ذلك؟   أغلب من كتبوا مذكراتهم حرفوا الحقائق التاريخية، ومنهم المؤرخ المعروف محمد حربي، خالد نزار وغيرهما، وعلى سبيل المثال، فقد وردت في مذكرات نزار أن بومدين أعطاني رسالة، عندما كنت أشتغل ملحقا عسكريا بسفارة الجزائر، لتسليمها للمصريين في السنوات الأولى للاستقلال ليأخذوا الأسلحة المتبقية هناك، وهذا ليس صحيحا، إذ لا توجد رسالة أصلا، وهنا أراد خالد نزار ضرب عصفورين بحجر واحد، لأن بومدين أتى به من باريس وبعثه إلى بشار، وعمار بن عودة كان له موقف من حزب فرنسا ... فهل هذه كتابة تاريخ؟، كما أن هناك من كتب مذكراته أيضا، ولديه من أهله شخص كان حركيا جعله وطنيا. ثم أن رفضي لكتابة المذكرات الشخصية مرده أن تعظيم الشخصية يسيطر على الأفكار أثناء الكتابة، والثورة كانت ملكا لجميع أفراد الشعب الجزائري، لذا لم يكن لذكر كلمة أنا ، حينئذ، أي مكان في حديثنا، وإنما كانت كلمة الخاوة هي المتعامل بها.   عرفت الجزائر دوما بأنها مفخرة الثوار في العالم، هل ترى أن موقف الدبلوماسية الجزائرية مناسب من أحداث الربيع العربي؟   هذه الأيام انتابني شعور غريب، لم تعد الجزائر هي نفسها التي أعرفها، لأنني لم أنس أبدا المرحوم هواري بومدين ومواقفه، ومواقف الأخ المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، والذاكرة لم ترد أن تخونني وأنسى كل ما قامت به الجزائر من أجل المستضعفين في الأرض. ترأس السيد بوتفليقة هيئة الأمم المتحدة، وكان له الفضل عندما دخل ياسر عرفات إلى الأمم المتحدة رغما عن فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة وإسرائيل وكل أصدقائها، كما لا أنسى أن سي عبد العزيز بوتفليقة كان سببا في دخول الصين في هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ولم أنس بأن الجزائر في عهد الرئيس الراحل بومدين والأخ بوتفليقة كوزير خارجيته، قدمت المساعدات إلى جنوب إفريقيا وكونت ودربت جنودها على السلاح هنا، وأمدتهم بالأسلحة، مثلما كان الأمر بالنسبة لأنغولا والمزمبيق، وأخرجت الاستعمار الاسباني من الصحراء الغربية، ونتأسف اليوم لأنها، حاليا، تحت الاستعمار المغربي، في عهد بومدين تمت مساعدة البرتغاليين في إزاحة الدكتاتور سالازار، وكذا مساعدة الأسبان في الإطاحة بالدكتاتور فرنكو. فأين نحن اليوم من هذه الجزائر العزيزة الغالية علينا، التي نريد التضحية من أجلها والذود عنها؟ ... موقف الجزائر اليوم من الثورة التونسية مشين، هل مساعدة بـ 100 مليون دولار كافية، بينما اعترافنا بالثورة المصرية كان محتما علينا، نظرا لما قدمته مصر للجزائر، وما قدمته الجزائر لمصر، بحضوري في الحدود المصرية الإسرائيلية، حيث استشهد 12 جنديا جزائريا من أفراد الجيش تحت ضرب الطائرات الإسرائيلية، حيث كنا حاضرين في موقعة ديفار سوار ، بأي حق يتهكم بلخادم على الربيع العربي، في الوقت الذي كان فيه على الجزائر إعادة الجميل لكل من تونس ومصر وتقديم العون لهما، خاصة من الناحية المادية، لمنح تونس 5,2 مليار دولار، ومصر ضعف هذا المبلغ، حتى يخرجوا من المأزق الاقتصادي، الذي يتخبطان فيه، وفي استطاعة المجاهد عبد العزيز بوتفليقة أخذ هذا القرار وفك الحصار عن هاذين الشعبين، اللذين ساهما معنا إبان الثورة الجزائرية. أما بالنسبة لموقف الجزائر بصفة عامة من الربيع العربي، أستطيع القول أنه لم يكن في المستوى لا مع ليبيا أو اليمن، وكان موقف زفت ، أما فيما يخص سوريا فمفروض على الجزائر طرد السفير السوري واستدعاء سفيرها هناك، ودعم الجيش الحر السوري بالأسلحة والمال، وفي هذه الحالة نطمئن على الجزائر أنها ثورية وتساند الثورات العربية، وكذا في كل الدول مثل ما كانت في السابق. في سياق الحديث عن التغييرات الحالية، الجزائر مقبلة على مواعيد انتخابية هامة، كيف ترى مستقبل البلد في ظل هذا الوضع؟   إذا زوّرت الانتخابات فإننا ذاهبون إلى الربيع العربي، وإذا تركوا الخيار للشعب وأجريت انتخابات بكل شفافية وبإخلاص للبلد، فإن الأمور ستكون على أحسن ما يرام، وهذا ما يقودني إلى الحديث عن التصريحات التي أدلى بها بلخادم عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو لعب على الذقون، مثلما كان الشأن عليه عندما انتقد موقف أردوغان بشأن إبادة الجزائريين،.... هذا هراء. وبالعودة إلى التاريخ، فإن كل ما جاء بعد مؤتمر طرابلس الذي لا تزال جلسته مفتوحة إلى اليوم، لم يكن شرعيا، بن بلة لم يكن شرعيا، وصححه بومدين، لكنه بنى شرعيته على ما هو غير شرعي، عندما لم يتم إشراك المجلس الوطني للثورة الجزائرية والحكومة المؤقتة في مجلس الثورة، الذي أنشأه، ورغم أن الشاذلي رشّح نفسه للانتخابات، إلا أنه لم يكن شرعيا. لماذا صوّت ضد وثيقة طرابلس؟   علي كافي هو من ترأس المؤتمر الذي ضم أعضاء المجلس الوطني للثورة الجزائرية، طلبت الكلمة، قال كافي أن التصويت تم، قلت ناقص واحد، وأخذت الكلمة، وواصلت أنه في حياتي النضالية منذ نهاية 1942 في حزب الشعب إلى اليوم، لم يكن لنا حديث عن الاشتراكية كنظام للشيوعيين الملحدين، غير أن الذين كانوا يريدون أن تكون الجزائر نسخة لمصر فرضوا هذا المذهب فرضا. ما هي الأسباب التي دفعتك إلى مغادرة الجزائر والعمل في السلك الدبلوماسي عقب الاستقلال؟ ويقال أن الرئيس بن بلة حاول الوقوف ضد سفرك آنذاك؟   ما حدث في مؤتمر طرابلس يتعارض مع مبادئ أول نوفمبر، التي قامت الثورة على أساسها، لذا فضلت مغادرة الجزائر، وطلبت من بومدين تعييني في منصب ملحق عسكري بالقاهرة، غير أن بن بلة لما بلغه الخبر فضّل تعيين صالح صوت العرب في ذلك المنصب، ورفض بومدين قراره، وعيّنت في القاهرة، ثم تونس فباريس كملحق عسكري، ثم سفيرا في ليبيا سنة .1975 
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)