الجزائر

العزلة والوضع المعيشي المزري وراء المأساة ''الخبر'' تتقصى الغبن الاجتماعي لعائلة المنتحرين الثلاثة في غليزان



لا تزال عائلة ب بغليزان تعيش مأساة الانتحار المتسلسل الذي راح ضحيته ثلاثة من أفرادها، وأسباب ذلك يرجعها رب العائلة إلى الوضع الاجتماعي المزري، محملا مسؤولية مأساة
عائلته إلى البلدية التي أهملتهم وأرغمتهم على الإقامة في مكان معزول.
 يتردد على ألسنة سكان واريزان أن ثالث أبناء العائلة انتحر مقتديا بشقيقيه اللذين اختارا إنهاء حياتهما بطريقة مأساوية، الشقيق الثالث لا يتجاوز سنه الـ16 وكان بصدد التحضير للانتقال للسنة الثالثة ثانوي.
مأساوية مسلسل الانتحار دفعتنا لتقصي أوضاع هاته العائلة التي تكبدت ثلاث ضحايا في ظرف لم يتعد الثلاثة أشهر، فانتقلنا إلى بلدية واريزان مقر سكنى العائلة المنكوبة. قبل وصولنا إلى المنزل، توقفنا عند الشجرة التي اتخذها آخر ضحايا العائلة مكانا لشنق نفسه وأنهى حياته بطريقة أثارت الكثير من الجدل.
في الطريق صادفنا مراهقا  يسير بخطوات هادئة لا تظهر عليه أية علامات النشاط، فعرضنا عليه نقله إلى مسكنه وتبين أنه الأخ الأصغر للضحية، وسألناه عن الأيام الأخيرة لشقيقه فأجاب: كل شيء كان يبدو عاديا في حياة الفقيد ولم يكن يشكو من أي شيء، وقد تفاجأنا بموته ككل سكان واريزان . وبعد مسافة 4 كيلومترات على طريق وعرة إلى المكان المقصود، وبعد مرتفعات ومنعرجات، وجدنا بيت العائلة الذي تدل طريقة بنائه على تواضع ساكنيه وحالتهم البائسة.. لا أنيس أو جار وتنعدم بالبيت كل خدمات الحياة العادية، فلا كهرباء ولا حنفية ماء.
وبمجرد وصولنا إلى المكان، فاجأنا الأب المفجوع بفقدان ثلاثة من فلذات أكباده أن ابنه الذي رافقنا إلى البيت حاول أيضا الانتحار بعد موت ثالث أشقائه، لولا تدخل الأب في الوقت المناسب، معتبرا أن بقاءه بهذه المنطقة المنعزلة هو سبب استمرار مأساته ولكن لا حيلة له بعد أن خذلته البلدية.
يقول رب العائلة: حينما فقدت ابني وابنتي في شهر جوان كنت في السجن أقضي عقوبة لمدة عشر سنوات تم تخفيضها إلى ثلاث سنوات ونصف، وتهمتي كانت الحرق العمدي لبيت كنت أقيم فيه بقلب مدينة واريزان، بعد أن هددوني بالخروج منه لإسكان عائلة أخرى فدخلت السجن وتركت الأسرة بلا معيل .
ويضيف والد المنتحرين تعرضت لعدة ضغوط من أجل إخراجي من منزلي، كما تعرضت في سنوات سابقة إلى مساومات من أجل إعطائي منزلا داخل بلدية ورايزان، ورغم أنني من ضحايا الإرهاب رفقة أخي وأمي، إلا أنني لم أتحصل على مسكن لائق . وقبل سنة من خروجه من السجن، اضطرت عائلته للانتقال إلى هذا المكان المقفر بأعالي بلدية واريزان والذي لا يؤمه إلا المولعون بالصيد، حيث وقعت حادثة الانتحار الأولى التي أسالت الكثير من الحبر. ففي الأيام الأولى من شهر جوان المنصرم، يقول الوالد المنكوب، عثرت على ابنتي البكر، 18 سنة، جثة هامدة أسفل أحد السفوح الجبلية رفقة جثة شاب ثانٍ يقيم بقرية أولاد خيرة المجاورة لمسكن العائلة .
وكشف تقرير المصالح الأمنية عن وجود علاقة بين الضحيتين من خلال الهاتف المحمول، ورجح التقرير فرضية الانتحار وأنهما لم يتعرضا للدفع من طرف شخص آخر، بعدها بيوم أبلغت مصالح الأمن عن حدوث عملية انتحار ثالثة في المنطقة والثانية بالنسبة لعائلة ب ، تتعلق بالأخ الأكبر الذي كان سند العائلة في غياب الأب بعد أن تجرع مادة كيماوية أردته قتيلا، وعثر عليه ملقى غير بعيد عن بيتهم وأخذ معه سر إقدامه على الانتحار، وازدادت الحادثة غرابة وكثرت الاحتمالات، حيث يرجح أنه لم يتحمل وقع حادثة انتحار شقيقته في منطقة متزمتة فأنهى حياته.
وعاد بعض الأمل للعائلة بعد خروج الوالد من السجن، إلا أنه لم يمض سوى شهرين رفقة أولاده التسعة حتى جاءه نبأ انتحار ابنه الثالث. يجهش الأب بالبكاء وهو يروي تفاصيل حكايته المأساوية.. هذه الانتحارات لها تفسير واحد، هو المكان الموحش المنعزل الذي نقيم فيه، لقد جعل أسرتي تعيش مأساة حقيقية بعد أن تعودوا منذ صغرهم على الإقامة في المدينة .
وعود البلدية
اتصلت الخبر برئيس بلدية واريزان الذي وعد بإسكان الضحية في مكان لائق بحي قريب من واريزان.. فلننتظر فإن غدا لناظره قريب..


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)