الجزائر

العرض المغربي يعري نظام المخزن ويستعيد "سنوات الرصاص"



العرض المغربي يعري نظام المخزن ويستعيد
اعطى العرض الجزائري "الثلث الخالي " لمسرح العلمة انطلاقة قوية لغمار المنافسة في مهرجان المسرح العربي بوهران، فيما رفع العرض المغربي سقف الجرأة عاليا بالاشتغال على رواية محمد برادة "بعيدا عن الضوضاء، قريبا من السكوت" ومارس "النص" سلطته على المخرج في العرضين ايجابا وسلبا.التزمت المخرجة الجزائرية تونس ايت علي بخطها النضالي في المسرح واعادت استنطاق المرأة في عمل جديد "الثلث الخالي" اعتمادا على محاكمة قوية في نص محمد شواط. وكانت موفقة الى ابعد الحدود في تأثيث العرض واختيار الممثلاث واستغلال الركح بفنيات عالية.الصراع كان قويا وجسدته الممثلاث باحترافية عالية ..فهن نسوة معلقات بين فضائين ولسن مستقرات ولذلك اختارت المخرجة ان تربطهن بحبال وتتحكم في حالاتهن النفسية، فينزلن أرضا ويصدمن بالواقع ويُواجهنه ثم يهربن منه الى الخيال والمكابرة وتعود بهن المخرجة الى "اللاستقرار" في مشاهد البوح والتارجح بين الم "الرجل" وأمل "الرجل".فالرجل الذي لم يكن حاضرا كممثل على الخشبة كان البطل الحقيقي في العرض، لأن الممثلات باختلاف طبيعة علاقتهن معه استحضرنه في الحوارات أكثر مما ركزن على وصف معاناتهن.الاولى تبحث عن الزواج وتتحدث عن "الرجل الحلم" وتصر على انتظاره، والثانية تتحدث بعداء وكره شديدين عن طليقها الذي عذبها وتركها وطفلها مهملين في الحياة، أما المرأة الثالثة فكانت قاسية جدا على نفسها وعلى غيرها لأنها لم تتقبل خسارتها لنصفها الاخر في زمن العشرية السوداء.امضى "الثلث الخالي" انطلاقة موفقة للمنافسة في مهرجان المسرح العربي بوهران وفتح شهية المسرحيين العرب الذين تفاعلوا مع العرض المغربي "كل شيئ عن ابي" في ثاني يوم من المهرجان، وهو العمل الذي اقتبسه بوسلهام الضعيف عن رواية "الكثير من الضوضاء .. القليل من السكوت" للروائي محمد برادة .جاء العرض في سياق محاكمة "للماضي" لأنه عرى نظام المخزن في المغرب واستحضر تفاصيل اجتماعية وسياسية عن فترة تاريخية كانت ولا تزال محل اشتغال ادبي وفني وهي "سنوات الرصاص". اجتهد المخرج فنيا وجسد المرحلة بذكاء على الخشبة من خلال استخدام دوائر تعبر عن الدائرة التاريخية ومن خلال الاستعانة بالممثل في تسيير الأحداث مع اخراج هذا الممثل من العرض وتحويله الى متفرج ثم دخول المخرج لترتيب الاحداث "المسرح داخل المسرح".ثمن المسرحيون العمل من حيث جرأة الطرح ومن حيث الرؤية الاخراجية لعمل لروائي قوي جدا شرح واقع المغرب سياسيا واجتماعيا وثقافيا منذ الحماية الفرنسية وصولا الى انضمام الاسلاميين الى السلطة .في حين اعاب اخرون وقوع المخرج في فخ "السرد" وخسارته رهان الاخراج امام قوة النص،اضافة الى طول مدة العرض وتكثيف الاحداث وتشعبها والقفز على الفترات التاريخية وتأدية الممثل لأكثر من دور وغيرها من المآخذ التي عبر عنها المسرحيون ممارسين ونقادا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)